[ ص: 324 ] (
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=53nindex.php?page=treesubj&link=28981ويستنبئونك أحق هو ) النبأ الخبر المهم ذو الفائدة العظيمة ، والاستثناء طلبه ، وهذا إخبار عن بعض الكفار والمكذبين ; فإنهم لم يكونوا على يقين من تكذيبهم وإنما كانوا ظانين مستبعدين ، بين معاندين ومقلدين ، وقد تقدم في هذا السياق قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=36وما يتبع أكثرهم إلا ظنا ) ( 36 ) والمعنى : ويسألونك أيها الرسول أن تنبئهم عن هذا العذاب الذي تعدهم به في الدنيا والآخرة أحق هو سيقع بالفعل ؟ أم هو إرهاب وتخويف ؟ (
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=53قل إي وربي إنه لحق ) إي بكسر الهمزة وسكون الياء الخفيفة حرف جواب وتصديق بمعنى نعم ، وإنما يستعمل مع القسم ؛ أي نعم أقسم لكم بربي إنه لحق واقع ، كما قال في أول سورة الطور بعد القسم : (
nindex.php?page=tafseer&surano=52&ayano=7إن عذاب ربك لواقع ما له من دافع ) ( 52 : 7 و 8 ) وقد أكده هنا بالقسم وبإن مع الجملة الاسمية (
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=53وما أنتم بمعجزين ) لله تعالى عن إنزاله بكم ، ولا بفائتيه هربا منه ، وقد علم مؤمنو الجن ما جهلتم إذ قالوا كما حكى الله عنهم : (
nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=12وأنا ظننا أن لن نعجز الله في الأرض ولن نعجزه هربا ) ( 72 : 12 ) .
وقد استشكل بعض المفسرين السؤال باستبعاد أن يكون الاستفهام حقيقيا من المكذبين والجواب بزعمهم أن تأكيده بالقسم وغيره من المؤكدات اللفظية لا يقنع السائلين ، ومن عرف أخلاق العرب في زمن البعثة لم يستشكل السؤال ، إلا أن يكون السائلون من المعاندين للرسول - صلى الله عليه وسلم - فحينئذ يكون الاستفهام للتهكم والاستهزاء ، أو كما قيل : إنما سألوا أهو جد أم هزل ، فأرادوا من الحق لازمه وهو الجد لا مقابل الباطل ، والمعروف من أخلاق العرب في ذلك العهد أنه كان يقل فيهم الكذب لعزة أنفسهم ، وعدم خضوعهم لرياسة استبدادية تضطرهم إليه ، وكانوا يهابون الأيمان الباطلة ويخافونها ، ومن المنقول عنهم أن الأيمان الفاجرة تدع الديار بلاقع ، وناهيك بما اشتهر به النبي - صلى الله عليه وسلم - منذ صغره من الصدق والأمانة حتى لقبوه بالأمين ، وقد ثبت في الأحاديث الصحيحة أن بعضهم كان يسأله عن نبوته وعن الشرائع ويستحلفه فإذا حلف اطمأن لصدقه واتبعه ، وإن صدق عرب الجاهلية ليقل مثله في رجال الدين وغيرهم من أهل هذا العصر حتى المسلمين منهم .
روى
أحمد والشيخان وأصحاب السنن الثلاثة واللفظ
nindex.php?page=showalam&ids=12070للبخاري عن
أنس قال : ( (
nindex.php?page=hadith&LINKID=920481بينما نحن مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في السجدة إذ دخل رجل على جمل ، فأناخه في المسجد ثم عقله ثم قال : أيكم محمد ؟ قلنا : هذا الرجل الأبيض المتكئ فقال : ابن عبد المطلب ؟ فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : ( ( قد أجبتك ) ) فقال : إني سائلك فمشدد عليك في المسألة فلا تجد علي في نفسك ، قال : ( ( سل عما بدالك ) ) فقال : أسألك بربك ورب من قبلك آلله أرسلك إلى الناس كلهم ؟ قال : ( ( اللهم نعم ) ) قال أنشدك بالله آلله أمرك أن تصلي الصلوات الخمس في اليوم والليلة ؟ قال : ( ( اللهم نعم ) ) قال : أنشدك بالله آلله أمرك أن تصوم هذا الشهر من السنة ؟ قال : ( ( اللهم نعم ) ) قال أنشدك بالله آلله أمرك أن تأخذ هذه الصدقة من أغنيائنا [ ص: 325 ] فتقسمها على فقرائنا ؟ قال : ( ( اللهم نعم ) ) قال : آمنت بما جئت به ، وأنا رسول من ورائي من قومي ، وأنا ضمام بن ثعلبة أخو بني سعد بن بكر ) ) ولفظ
مسلم عنه : قال
أنس nindex.php?page=hadith&LINKID=920482نهينا في القرآن أن نسأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن شيء فكان يعجبنا أن يجيء الرجل العاقل من أهل البادية فيسأله ونحن نسمع ، فجاء رجل من أهل البادية فقال : يا محمد ، أتانا رسولك فزعم أنك تزعم أن الله أرسلك ، قال : ( ( صدق ) ) قال : فمن خلق السماء ؟ قال : ( ( الله ) ) قال : فمن خلق الأرض ؟ قال ( ( الله ) ) قال : فمن نصب هذه الجبال فجعل فيها ما جعل ؟ قال : ( ( الله ) ) قال : فبالذي خلق السماء وخلق الأرض ونصب الجبال آلله أرسلك ؟ قال ( ( نعم ) ) ( ثم سأله بالذي أرسله عن كل من الصلوات والزكاة وصيام رمضان والحج . فأجاب نعم ) ثم ولى وقال : والذي بعثك بالحق لا أزيد عليهن ولا أنقص منهن فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : ( ( لئن صدق ليدخلن الجنة ) ) .
وزاد الإمام
أحمد أنه قال له أيضا :
nindex.php?page=hadith&LINKID=920483آلله أمرك أن تأمرنا أن نعبده ولا نشرك به شيئا ، وأن نخلع هذه الأنداد التي كان آباؤنا يعبدون معه ؟ قال : ( ( اللهم نعم ) ) وأنه كان أشعر ذا غديرتين ، وأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : ( ( إن صدق ذو العقيصتين يدخل الجنة ) ) وذكر أنه خرج حتى قدم على قومه فاجتمعوا إليه ، فكان أول ما تكلم به أن قال : بئست اللات والعزى . قالوا : مه يا ضمام ، اتق البرص والجذام ، اتق الجنون . قال : ويلكم إنهما والله ما يضران ولا ينفعان ، إن الله تعالى قد بعث إليكم رسولا وأنزل كتابا استنقذكم به مما كنتم فيه ، وإني أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله قد جئتكم من عنده بما أمركم به ونهاكم عنه فوالله ما أمسى في ذلك اليوم في حاضره رجل ولا امرأة إلا مسلما .
وأقول : إن فائدة السؤال عمن خلق السماوات والأرض والجبال وما فيها ثم ذكره في القسم ، أن استحضار ذلك فيه يكون أحرى أن يلتزم في الجواب الصدق وتعظيم القسم والخوف من عاقبة الحنث ، وقد خفي هذا كله على المفسرين لأنهم اعتادوا إثبات العقائد الدينية بالأدلة النظرية الجدلية التي وضعت للجاحدين المجادلين بالباطل ، وجهل هذه الحقائق أعداء الإسلام من الإفرنج ، ولا سيما السياسيين رجال الكنيسة الكاثوليكية ودعاة التنصير البروتستنتي المطبوعين على الكذب والكسب به والأخذ بقول رؤسائهم : ( ( إن الغاية تبرر الواسطة ) ) يعنون أن اقتراف الكذب وسائر الرذائل لأجل مصلحة الكنيسة فضيلة - جهل هؤلاء أن عباد الأصنام في الجاهلية كانوا أشد منهم احتراما للصدق ، فضلا عن الإسلام وكتابه ونبيه
[ ص: 326 ] فأباحوا لأنفسهم من افتراء الكذب على الله ، وكتابه وخاتم رسله ، ما لم يخطر مثله في بال الشيطان قبلهم فيوسوس به لغيرهم :
لقد كذبوا على الإسلام كذبا تزول الشم منه مزلزلات
أما المسلمون فإن الله يقول في كتابه : (
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=105إنما يفتري الكذب الذين لا يؤمنون بآيات الله وأولئك هم الكاذبون ) ( 16 : 105 ) والنبي - صلى الله عليه وسلم - يقول في هديه : ( (
nindex.php?page=hadith&LINKID=920484يطبع المؤمن على كل خلق ليس الخيانة والكذب ) ) رواه
البيهقي في شعب الإيمان عن
ابن عمرو - رضي الله عنهما - .
[ ص: 324 ] (
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=53nindex.php?page=treesubj&link=28981وَيَسْتَنْبِئُونَكَ أَحَقٌّ هُوَ ) النَّبَأُ الْخَبَرُ الْمُهِمُّ ذُو الْفَائِدَةِ الْعَظِيمَةِ ، وَالِاسْتِثْنَاءُ طَلَبُهُ ، وَهَذَا إِخْبَارٌ عَنْ بَعْضِ الْكُفَّارِ وَالْمُكَذِّبِينَ ; فَإِنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا عَلَى يَقِينٍ مِنْ تَكْذِيبِهِمْ وَإِنَّمَا كَانُوا ظَانِّينَ مُسْتَبْعِدِينَ ، بَيْنَ مُعَانِدِينَ وَمُقَلِّدِينَ ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي هَذَا السِّيَاقِ قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=36وَمَا يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلَّا ظَنًّا ) ( 36 ) وَالْمَعْنَى : وَيَسْأَلُونَكَ أَيُّهَا الرَّسُولُ أَنْ تُنَبِّئَهُمْ عَنْ هَذَا الْعَذَابِ الَّذِي تَعِدُهُمْ بِهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ أَحَقٌّ هُوَ سَيَقَعُ بِالْفِعْلِ ؟ أَمْ هُوَ إِرْهَابٌ وَتَخْوِيفٌ ؟ (
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=53قُلْ إِي وَرَبِّي إِنَّهُ لَحَقٌّ ) إِيْ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَسُكُونِ الْيَاءِ الْخَفِيفَةِ حَرْفُ جَوَابٍ وَتَصْدِيقٍ بِمَعْنَى نَعَمْ ، وَإِنَّمَا يُسْتَعْمَلُ مَعَ الْقَسَمِ ؛ أَيْ نَعَمْ أُقْسِمُ لَكُمْ بِرَبِّي إِنَّهُ لَحَقٌّ وَاقِعٌ ، كَمَا قَالَ فِي أَوَّلِ سُورَةِ الطُّورِ بَعْدَ الْقِسْمِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=52&ayano=7إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ لَوَاقِعٌ مَا لَهُ مِنْ دَافِعٍ ) ( 52 : 7 و 8 ) وَقَدْ أَكَّدَهُ هُنَا بِالْقَسَمِ وَبِإِنَّ مَعَ الْجُمْلَةِ الِاسْمِيَّةِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=53وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ ) لِلَّهِ تَعَالَى عَنْ إِنْزَالِهِ بِكُمْ ، وَلَا بِفَائِتِيهِ هَرَبًا مِنْهُ ، وَقَدْ عَلِمَ مُؤْمِنُو الْجِنِّ مَا جَهِلْتُمْ إِذْ قَالُوا كَمَا حَكَى اللَّهُ عَنْهُمْ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=12وَأَنَّا ظَنَنَّا أَنْ لَنْ نُعجِزَ اللَّهَ فِي الْأَرْضِ وَلَنْ نُعْجِزَهُ هَرَبًا ) ( 72 : 12 ) .
وَقَدِ اسْتَشْكَلَ بَعْضُ الْمُفَسِّرِينَ السُّؤَالَ بِاسْتِبْعَادِ أَنْ يَكُونَ الِاسْتِفْهَامُ حَقِيقِّيًا مِنَ الْمُكَذِّبِينَ وَالْجَوَابُ بِزَعْمِهِمْ أَنَّ تَأْكِيدَهُ بِالْقَسَمْ وَغَيْرِهِ مِنَ الْمُؤَكِّدَاتِ اللَّفْظِيَّةِ لَا يُقْنِعُ السَّائِلِينَ ، وَمَنْ عَرَفَ أَخْلَاقَ الْعَرَبِ فِي زَمَنِ الْبَعْثَةِ لَمْ يَسْتَشْكِلِ السُّؤَالَ ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ السَّائِلُونَ مِنَ الْمُعَانِدِينَ لِلرَّسُولِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَحِينَئِذٍ يَكُونُ الِاسْتِفْهَامُ لِلتَّهَكُّمِ وَالِاسْتِهْزَاءِ ، أَوْ كَمَا قِيلَ : إِنَّمَا سَأَلُوا أَهْوَ جِدٌّ أَمْ هَزْلٌ ، فَأَرَادُوا مِنَ الْحَقِّ لَازِمَهُ وَهُوَ الْجِدُّ لَا مُقَابِلَ الْبَاطِلِ ، وَالْمَعْرُوفُ مِنْ أَخْلَاقِ الْعَرَبِ فِي ذَلِكَ الْعَهْدِ أَنَّهُ كَانَ يَقِلُّ فِيهِمُ الْكَذِبُ لِعَزَّةِ أَنْفُسِهِمْ ، وَعَدَمِ خُضُوعِهِمْ لِرِيَاسَةٍ اسْتِبْدَادِيَّةٍ تَضْطَرُّهُمْ إِلَيْهِ ، وَكَانُوا يَهَابُونَ الْأَيْمَانَ الْبَاطِلَةَ وَيَخَافُونَهَا ، وَمِنَ الْمَنْقُولِ عَنْهُمْ أَنَّ الْأَيْمَانَ الْفَاجِرَةَ تَدَعُ الدِّيَارَ بِلَاقِعَ ، وَنَاهِيكَ بِمَا اشْتُهِرَ بِهِ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُنْذُ صِغَرِهِ مِنَ الصِّدْقِ وَالْأَمَانَةِ حَتَّى لَقَّبُوهُ بِالْأَمِينِ ، وَقَدْ ثَبَتَ فِي الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ أَنَّ بَعْضَهُمْ كَانَ يَسْأَلُهُ عَنْ نُبُوَّتِهِ وَعَنِ الشَّرَائِعِ وَيَسْتَحْلِفُهُ فَإِذَا حَلَفَ اطْمَأَنَّ لِصِدْقِهِ وَاتَّبَعَهُ ، وَإِنَّ صِدْقَ عَرَبِ الْجَاهِلِيَّةِ لِيَقِلُّ مِثْلُهُ فِي رِجَالِ الدِّينِ وَغَيْرِهِمْ مِنْ أَهْلِ هَذَا الْعَصْرِ حَتَّى الْمُسْلِمِينَ مِنْهُمْ .
رَوَى
أَحْمَدُ وَالشَّيْخَانِ وَأَصْحَابُ السُّنَنِ الثَّلَاثَةُ وَاللَّفْظُ
nindex.php?page=showalam&ids=12070لِلْبُخَارِيِّ عَنْ
أَنَسٍ قَالَ : ( (
nindex.php?page=hadith&LINKID=920481بَيْنَمَا نَحْنُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي السَّجْدَةِ إِذْ دَخَلَ رَجُلٌ عَلَى جَمَلٍ ، فَأَنَاخَهُ فِي الْمَسْجِدِ ثُمَّ عَقَلَهُ ثُمَّ قَالَ : أَيُّكُمْ مُحَمَّدٌ ؟ قُلْنَا : هَذَا الرَّجُلُ الْأَبْيَضُ الْمُتَّكِئُ فَقَالَ : ابْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ ؟ فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : ( ( قَدْ أَجَبْتُكَ ) ) فَقَالَ : إِنِّي سَائِلُكَ فَمُشَدِّدٌ عَلَيْكَ فِي الْمَسْأَلَةِ فَلَا تَجِدْ عَلَيَّ فِي نَفْسِكَ ، قَالَ : ( ( سَلْ عَمَّا بَدَالَكَ ) ) فَقَالَ : أَسْأَلُكَ بِرَبِّكَ وَرَبِّ مَنْ قَبْلَكَ آللَّهُ أَرْسَلَكَ إِلَى النَّاسِ كُلِّهِمْ ؟ قَالَ : ( ( اللَّهُمَّ نَعَمْ ) ) قَالَ أَنْشُدُكَ بِاللَّهِ آللَّهُ أَمَرَكَ أَنْ تُصَلِّيَ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسَ فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ ؟ قَالَ : ( ( اللَّهُمَّ نَعَمْ ) ) قَالَ : أَنْشُدُكَ بِاللَّهِ آللَّهُ أَمَرَكَ أَنْ تَصُومَ هَذَا الشَّهْرَ مِنَ السَّنَةِ ؟ قَالَ : ( ( اللَّهُمَّ نَعَمْ ) ) قَالَ أَنْشُدُكَ بِاللَّهِ آللَّهُ أَمَرَكَ أَنْ تَأْخُذَ هَذِهِ الصَّدَقَةَ مِنْ أَغْنِيَائِنَا [ ص: 325 ] فَتُقَسِّمَهَا عَلَى فُقَرَائِنَا ؟ قَالَ : ( ( اللَّهُمَّ نَعَمْ ) ) قَالَ : آمَنْتُ بِمَا جِئْتَ بِهِ ، وَأَنَا رَسُولُ مَنْ وَرَائِي مِنْ قَوْمِي ، وَأَنَا ضِمَامُ بْنُ ثَعْلَبَةَ أَخُو بَنِي سَعْدِ بْنِ بَكْرٍ ) ) وَلَفْظُ
مُسْلِمٍ عَنْهُ : قَالَ
أَنَسٌ nindex.php?page=hadith&LINKID=920482نُهِينَا فِي الْقُرْآنِ أَنْ نَسْأَلَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ شَيْءٍ فَكَانَ يُعْجِبُنَا أَنْ يَجِيءَ الرَّجُلُ الْعَاقِلُ مِنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ فَيَسْأَلُهُ وَنَحْنُ نَسْمَعُ ، فَجَاءَ رَجُلٌ مَنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ فَقَالَ : يَا مُحَمَّدُ ، أَتَانَا رَسُولُكَ فَزَعَمَ أَنَّكَ تَزْعُمُ أَنَّ اللَّهَ أَرْسَلَكَ ، قَالَ : ( ( صَدَقَ ) ) قَالَ : فَمَنْ خَلَقَ السَّمَاءَ ؟ قَالَ : ( ( اللَّهُ ) ) قَالَ : فَمَنْ خَلَقَ الْأَرْضَ ؟ قَالَ ( ( اللَّهُ ) ) قَالَ : فَمَنْ نَصَبَ هَذِهِ الْجِبَالَ فَجَعَلَ فِيهَا مَا جَعَلَ ؟ قَالَ : ( ( اللَّهُ ) ) قَالَ : فَبِالَّذِي خَلَقَ السَّمَاءَ وَخَلَقَ الْأَرْضَ وَنَصَبَ الْجِبَالَ آللَّهُ أَرْسَلَكَ ؟ قَالَ ( ( نَعَمْ ) ) ( ثُمَّ سَأَلَهُ بِالَّذِي أَرْسَلَهُ عَنْ كُلٍّ مِنَ الصَّلَوَاتِ وَالزَّكَاةِ وَصِيَامِ رَمَضَانَ وَالْحَجِّ . فَأَجَابَ نَعَمْ ) ثُمَّ وَلَّى وَقَالَ : وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ لَا أَزِيدُ عَلَيْهِنَّ وَلَا أَنْقُصُ مِنْهُنَّ فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : ( ( لَئِنْ صَدَقَ لَيَدْخُلَنَّ الْجَنَّةَ ) ) .
وَزَادَ الْإِمَامُ
أَحْمَدُ أَنَّهُ قَالَ لَهُ أَيْضًا :
nindex.php?page=hadith&LINKID=920483آللَّهُ أَمَرَكَ أَنْ تَأْمُرَنَا أَنْ نَعْبُدَهُ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا ، وَأَنْ نَخْلَعَ هَذِهِ الْأَنْدَادَ الَّتِي كَانَ آبَاؤُنَا يَعْبُدُونَ مَعَهُ ؟ قَالَ : ( ( اللَّهُمَّ نَعَمْ ) ) وَأَنَّهُ كَانَ أَشْعَرَ ذَا غَدِيرَتَيْنِ ، وَأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ : ( ( إِنْ صَدَقَ ذُو الْعَقِيصَتَيْنِ يَدْخُلِ الْجَنَّةَ ) ) وَذَكَرَ أَنَّهُ خَرَجَ حَتَّى قَدِمَ عَلَى قَوْمِهِ فَاجْتَمَعُوا إِلَيْهِ ، فَكَانَ أَوَّلَ مَا تَكَلَّمَ بِهِ أَنْ قَالَ : بِئْسَتِ اللَّاتُ وَالْعُزَّى . قَالُوا : مَهْ يَا ضِمَامُ ، اتَّقِ الْبَرَصَ وَالْجُذَامَ ، اتَّقِ الْجُنُونَ . قَالَ : وَيْلَكْمُ إِنَّهُمَا وَاللَّهِ مَا يَضُرَّانِ وَلَا يَنْفَعَانِ ، إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ بَعَثَ إِلَيْكُمْ رَسُولًا وَأَنْزَلَ كِتَابًا اسْتَنْقَذَكُمْ بِهِ مِمَّا كُنْتُمْ فِيهِ ، وَإِنِّي أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ قَدْ جِئْتُكُمْ مِنْ عِنْدِهِ بِمَا أَمَرَكُمْ بِهِ وَنَهَاكُمْ عَنْهُ فَوَاللَّهِ مَا أَمْسَى فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ فِي حَاضِرِهِ رَجُلٌ وَلَا امْرَأَةٌ إِلَّا مُسْلِمًا .
وَأَقُولُ : إِنَّ فَائِدَةَ السُّؤَالِ عَمَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَالْجِبَالَ وَمَا فِيهَا ثُمَّ ذِكْرَهُ فِي الْقَسَمِ ، أَنَّ اسْتِحْضَارَ ذَلِكَ فِيهِ يَكُونُ أَحْرَى أَنْ يُلْتَزَمَ فِي الْجَوَابِ الصِّدْقُ وَتَعْظِيمُ الْقَسَمِ وَالْخَوْفُ مِنْ عَاقِبَةِ الْحِنْثِ ، وَقَدْ خَفِيَ هَذَا كُلُّهُ عَلَى الْمُفَسِّرِينَ لِأَنَّهُمُ اعْتَادُوا إِثْبَاتَ الْعَقَائِدِ الدِّينِيَّةِ بِالْأَدِلَّةِ النَّظَرِيَّةِ الْجَدَلِيَّةِ الَّتِي وُضِعَتْ لِلْجَاحِدِينَ الْمُجَادِلِينَ بِالْبَاطِلِ ، وَجَهِلَ هَذِهِ الْحَقَائِقَ أَعْدَاءُ الْإِسْلَامِ مِنَ الْإِفْرِنْجِ ، وَلَا سِيَّمَا السِّيَاسِيِّينَ رِجَالِ الْكَنِيسَةِ الْكَاثُولِيكِيَّةِ وَدُعَاةِ التَّنْصِيرِ الْبُرُوتِسْتَنْتِيُّ الْمَطْبُوعِينَ عَلَى الْكَذِبِ وَالْكَسْبِ بِهِ وَالْأَخْذِ بِقَوْلِ رُؤَسَائِهِمْ : ( ( إِنَّ الْغَايَةَ تُبَرِّرُ الْوَاسِطَةَ ) ) يَعْنُونَ أَنَّ اقْتِرَافَ الْكَذِبِ وَسَائِرِ الرَّذَائِلِ لِأَجْلِ مَصْلَحَةِ الْكَنِيسَةِ فَضِيلَةٌ - جَهِلَ هَؤُلَاءِ أَنَّ عُبَّادَ الْأَصْنَامِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ كَانُوا أَشَدَّ مِنْهُمُ احْتِرَامًا لِلصِّدْقِ ، فَضْلًا عَنِ الْإِسْلَامِ وَكِتَابِهِ وَنَبِيِّهِ
[ ص: 326 ] فَأَبَاحُوا لِأَنْفُسِهِمْ مِنَ افْتِرَاءِ الْكَذِبِ عَلَى اللَّهِ ، وَكِتَابِهِ وَخَاتَمِ رُسُلِهِ ، مَا لَمْ يَخْطُرْ مِثْلُهُ فِي بَالِ الشَّيْطَانِ قَبْلَهُمْ فَيُوَسْوِسَ بِهِ لِغَيْرِهِمْ :
لَقَدْ كَذَبُوا عَلَى الْإِسْلَامِ كِذْبًا تَزُولُ الشُّمُّ مِنْهُ مُزَلْزَلَاتِ
أَمَّا الْمُسْلِمُونَ فَإِنَّ اللَّهَ يَقُولُ فِي كِتَابِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=105إِنَّمَا يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْكَاذِبُونَ ) ( 16 : 105 ) وَالنَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ فِي هَدْيِهِ : ( (
nindex.php?page=hadith&LINKID=920484يُطْبَعُ الْمُؤْمِنُ عَلَى كُلِّ خُلُقٍ لَيْسَ الْخِيَانَةَ وَالْكَذِبَ ) ) رَوَاهُ
الْبَيْهَقِيُّ فِي شُعَبِ الْإِيمَانِ عَنِ
ابْنِ عَمْرٍو - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - .