(
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=68قالوا اتخذ الله ولدا سبحانه هو الغني له ما في السماوات وما في الأرض إن عندكم من سلطان بهذا أتقولون على الله ما لا تعلمون nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=69قل إن الذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=70متاع في الدنيا ثم إلينا مرجعهم ثم نذيقهم العذاب الشديد بما كانوا يكفرون ) .
هذه الآيات حكاية لنوع آخر من الكفر بالله تعالى قريب من كفر اتخاذ الشركاء له وهو زعمهم أنه اتخذ ولدا ، وقد اشترك فيه عباد الأصنام والأوثان وبعض أهل الكتاب ، فحكاه عنهم مفصولا لا لأنه نوع مستقل وتعقبه بالإبطال .
nindex.php?page=treesubj&link=28981_29434 ( nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=68قالوا اتخذ الله ولدا ) فزعم المشركون أن الملائكة بنات الله ، وقالت
النصارى :
المسيح ابن الله ، وقال بعض
اليهود :
عزير ابن الله ، وتقدم في سورة التوبة ( ويرى بعض المؤرخين أن
عزيرا هو أوزيروس أحد آلهة قدماء المصريين ) ( سبحانه ) كلمة التسبيح معناها التنزيه
[ ص: 373 ] والتقديس ، أي تسبيحا له عز وجل عن كل ما لا يليق بربوبيته وألوهيته ، وتقال في مقام التعجب ، ويصح هنا جمع المعنيين كليهما ، وقفى على هذا التنزيه والتعجب بما يدل على بطلان قولهم بأفواههم ما ليس لهم به علم فقال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=68هو الغني له ما في السماوات وما في الأرض ) أي هو الغني بذاته عن الولد ، لأن
nindex.php?page=treesubj&link=29687كل ما في الوجود من العالم العلوي والسفلي ملك وعبيد له لا يحتاج منها إلى شيء ، ويحتاج إليه كل شيء ، ولا يشبهه أو يجانسه منها شيء ، فالإنسان يحتاج إلى الولد لأمور منها بقاء ذكره به وبذريته ، ومنها أنه قوة وعصبة له يعتز به هو وعشيرته ، ومنها أن وجوده زينة له في داره يلهو به في صغره ، ويفاخر به أقرانه في كبره ومنها أنه قد يحتاج إليه لقضاء مصالحه وتنمية ثروته ، وقد يحتاج إلى رفده وبره ، عند عجزه أو فقره ، والله تعالى لا يحتاج إلى شيء من هذه المنافع لأنه هو الغني عن كل شيء بذاته لذاته أزلا وأبدا
nindex.php?page=treesubj&link=28981 ( nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=68إن عندكم من سلطان بهذا ) ( ( إن ) ) هنا نافية و ( ( من ) ) مؤكدة لهذا النفي مفيدة لعمومه ، والسلطان : الحجة والبرهان ، والجملة تجهيل لهم ورد عليهم ، أي ما عندكم أي نوع من أنواع الدليل والبرهان بهذا القول الذي تقولونه من غير عقل وعلم ولا وحي إلهي ، وتعارضون به هذا البرهان العقلي ، وهو تنزيه الله وغناه المطلق عن الولد وغيره ، وكونه المالك لكل شيء مما في السماوات والأرض :
nindex.php?page=treesubj&link=28981 ( nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=68أتقولون على الله ما لا تعلمون ) هذا استفهام تبكيت وتوبيخ على أقبح الجهل والكفر ، وهو قولهم على الله تعالى ما ليس لهم به علم ولا سيما بعد مجيء ما ينقضه من العلم البرهاني ، والوحي الإلهي ، قال
البيضاوي وغيره : وفيه دليل على أن كل قول لا دليل عليه فهو جهالة ، وأن
nindex.php?page=treesubj&link=22302_22311العقائد لا بد لها من قاطع ، وأن التقليد فيها غير سائغ ا ه . وقد تقدم حكاية اتخاذ الولد عن الكفار عامة وعن
النصارى خاصة في سور البقرة وآل عمران والنساء والمائدة والأنعام ، وسيأتي في سور أخرى مع إبطاله وتفنيده بالدلائل ووجوه الحجة المختلفة الأساليب ، أو التقريع والتأنيب ، والإنذار والوعيد .
nindex.php?page=treesubj&link=28981_18984_29706 ( nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=69قل إن الذين يفترون على الله الكذب ) باتخاذهم الشركاء له ، أو بزعمهم اتخاذه ولدا لنفسه ، أو بغير ذلك من التحليل والتحريم وغيره من مسائل التشريع ، أو بدعوى ولايتهم وإطلاعه إياهم على أسرار خلقه وتصريفه لهم في ملكه ، وقد تقدم بعضه في هذه السورة 17 ، 59 ، 60 ( لا يفلحون ) أي لا يفوزون بما يؤملون من النجاة من عذاب الآخرة والتمتع بنعيمها بشفاعة الولد أو الشركاء الذين اتخذوهم له تعالى أو فدائهم لهم من عذاب النار .
nindex.php?page=treesubj&link=28981 ( nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=70متاع في الدنيا ) هذا جواب لسؤال مقدر قد يرد على نفي فلاحهم بالإطلاق الذي يدخل فيه منافع الدنيا ، والمفترون على الله بكل نوع من أنواع الافتراء المقبولة عند الجاهلين ،
[ ص: 374 ] لهم كثير من المنافع المادية والمعنوية من هؤلاء المساكين ، وأكثر البشر لا يزالون جاهلين يخضعون لهؤلاء الزعماء الملبسين ، فهو يقول : هذا متاع قليل - أو لهم متاع في الدنيا حقير يتلهون به في حياة قصيرة ، فأما قلته وحقارته فيدل عليها تنكيره مع القرينة ، وأما قصر الحياة التي يكون في بعضها فمعلوم بالاختيار ، فمهما يبلغ هذا المتاع من كثرة المال وعظمة الجاه في هذه الحياة ، فلا يكون إلا قليلا بالنسبة إلى ما عند الله في الآخرة للصادقين المتقين كما صرحت به الآيات الكثيرة ، وبالنسبة إلى ما لهم من ضد ذلك كما صرح به في قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=70ثم إلينا مرجعهم ) بالبعث بعد الموت ، وما فيه من أهوال الحشر والحساب والعرض (
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=70ثم نذيقهم العذاب الشديد بما كانوا يكفرون ) بآياتنا ونعمنا ، وبالافتراء علينا ، وتكذيب رسلنا أو الكذب عليهم بعد أن تقوم عليهم الحجة في الحساب بأنهم يستحقونه بظلمهم لأنفسهم وأننا لا نظلمهم شيئا ، وتقدم ذكر الرجوع إليه تعالى وما يليه من الجزاء في هذه السورة وغيرها .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=68قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ هُوَ الْغَنِيُّ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ إِنْ عِنْدَكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ بِهَذَا أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=69قُلْ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يَفْلَحُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=70مَتَاعٌ فِي الدُّنْيَا ثُمَّ إِلَيْنَا مَرْجِعِهُمْ ثُمَّ نُذِيقُهُمُ الْعَذَابَ الشَّدِيدَ بِمَا كَانُوا يَكْفُرُونَ ) .
هَذِهِ الْآيَاتُ حِكَايَةٌ لِنَوْعٍ آخَرَ مِنَ الْكُفْرِ بِاللَّهِ تَعَالَى قَرِيبٍ مِنْ كُفْرِ اتِّخَاذِ الشُّرَكَاءِ لَهُ وَهُوَ زَعْمُهُمْ أَنَّهُ اتَّخَذَ وَلَدًا ، وَقَدِ اشْتَرَكَ فِيهِ عُبَّادُ الْأَصْنَامِ وَالْأَوْثَانِ وَبَعْضُ أَهْلِ الْكِتَابِ ، فَحَكَاهُ عَنْهُمْ مَفْصُولًا لَا لِأَنَّهُ نَوْعٌ مُسْتَقِلٌّ وَتَعَقَّبَهُ بِالْإِبْطَالِ .
nindex.php?page=treesubj&link=28981_29434 ( nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=68قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا ) فَزَعَمَ الْمُشْرِكُونَ أَنَّ الْمَلَائِكَةَ بَنَاتُ اللَّهِ ، وَقَالَتِ
النَّصَارَى :
الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ، وَقَالَ بَعْضُ
الْيَهُودِ :
عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ ، وَتَقَدَّمَ فِي سُورَةِ التَّوْبَةِ ( وَيَرَى بَعْضُ الْمُؤَرِّخِينَ أَنَّ
عُزَيْرًا هُوَ أُوزِيرُوسُ أَحَدُ آلِهَةِ قُدَمَاءِ الْمِصْرِيِّينَ ) ( سُبْحَانَهُ ) كَلِمَةُ التَّسْبِيحِ مَعْنَاهَا التَّنْزِيهُ
[ ص: 373 ] وَالتَّقْدِيسُ ، أَيْ تَسْبِيحًا لَهُ عَزَّ وَجَلَّ عَنْ كُلِّ مَا لَا يَلِيقُ بِرُبُوبِيَّتِهِ وَأُلُوهِيَّتِهِ ، وَتُقَالُ فِي مَقَامِ التَّعَجُّبِ ، وَيَصِحُّ هُنَا جَمْعُ الْمَعْنَيَيْنِ كِلَيْهِمَا ، وَقَفَّى عَلَى هَذَا التَّنْزِيهِ وَالتَّعَجُّبِ بِمَا يَدُلُّ عَلَى بُطْلَانِ قَوْلِهِمْ بِأَفْوَاهِهِمْ مَا لَيْسَ لَهُمْ بِهِ عِلْمٌ فَقَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=68هُوَ الْغَنِيُّ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ ) أَيْ هُوَ الْغَنِيُّ بِذَاتِهِ عَنِ الْوَلَدِ ، لِأَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=29687كُلَّ مَا فِي الْوُجُودِ مِنَ الْعَالَمِ الْعُلْوِيِّ وَالسُّفْلِيِّ مِلْكٌ وَعَبِيدٌ لَهُ لَا يَحْتَاجُ مِنْهَا إِلَى شَيْءٍ ، وَيَحْتَاجُ إِلَيْهِ كُلُّ شَيْءٍ ، وَلَا يُشْبِهُهُ أَوْ يُجَانِسُهُ مِنْهَا شَيْءٌ ، فَالْإِنْسَانُ يَحْتَاجُ إِلَى الْوَلَدِ لِأُمُورٍ مِنْهَا بَقَاءُ ذِكْرِهِ بِهِ وَبِذَرِّيَّتِهِ ، وَمِنْهَا أَنَّهُ قُوَّةٌ وَعُصْبَةٌ لَهُ يَعْتَزُّ بِهِ هُوَ وَعَشِيرَتُهُ ، وَمِنْهَا أَنَّ وُجُودَهُ زِينَةٌ لَهُ فِي دَارِهِ يَلْهُو بِهِ فِي صِغَرِهِ ، وَيُفَاخِرُ بِهِ أَقْرَانَهُ فِي كِبَرِهِ وَمِنْهَا أَنَّهُ قَدْ يَحْتَاجُ إِلَيْهِ لِقَضَاءِ مَصَالِحِهِ وَتَنْمِيَةِ ثَرْوَتِهِ ، وَقَدْ يَحْتَاجُ إِلَى رِفْدِهِ وَبِرِّهِ ، عِنْدَ عَجْزِهِ أَوْ فَقْرِهِ ، وَاللَّهُ تَعَالَى لَا يَحْتَاجُ إِلَى شَيْءٍ مِنْ هَذِهِ الْمَنَافِعِ لِأَنَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ عَنْ كُلِّ شَيْءٍ بِذَاتِهِ لِذَاتِهِ أَزَلًا وَأَبَدًا
nindex.php?page=treesubj&link=28981 ( nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=68إِنْ عِنْدَكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ بِهَذَا ) ( ( إِنْ ) ) هُنَا نَافِيَةٌ وَ ( ( مِنْ ) ) مُؤَكِّدَةٌ لِهَذَا النَّفْيِ مُفِيدَةٌ لِعُمُومِهِ ، وَالسُّلْطَانُ : الْحُجَّةُ وَالْبُرْهَانُ ، وَالْجُمْلَةُ تَجْهِيلٌ لَهُمْ وَرَدٌّ عَلَيْهِمْ ، أَيْ مَا عِنْدَكُمْ أَيُّ نَوْعٍ مِنْ أَنْوَاعِ الدَّلِيلِ وَالْبُرْهَانِ بِهَذَا الْقَوْلِ الَّذِي تَقُولُونَهُ مِنْ غَيْرِ عَقْلٍ وَعِلْمٍ وَلَا وَحْيٍ إِلَهِيٍّ ، وَتُعَارِضُونَ بِهِ هَذَا الْبُرْهَانَ الْعَقْلِيَّ ، وَهُوَ تَنْزِيهُ اللَّهِ وَغِنَاهُ الْمُطْلَقُ عَنِ الْوَلَدِ وَغَيْرِهِ ، وَكَوْنُهُ الْمَالِكَ لِكُلِّ شَيْءٍ مِمَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ :
nindex.php?page=treesubj&link=28981 ( nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=68أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ ) هَذَا اسْتِفْهَامُ تَبْكِيتٍ وَتَوْبِيخٍ عَلَى أَقْبَحِ الْجَهْلِ وَالْكُفْرِ ، وَهُوَ قَوْلُهُمْ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى مَا لَيْسَ لَهُمْ بِهِ عِلْمٌ وَلَا سِيَّمَا بَعْدَ مَجِيءِ مَا يَنْقُضُهُ مِنَ الْعِلْمِ الْبُرْهَانِيِّ ، وَالْوَحْيِ الْإِلَهِيِّ ، قَالَ
الْبَيْضَاوِيُّ وَغَيْرُهُ : وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ كُلَّ قَوْلٍ لَا دَلِيلَ عَلَيْهِ فَهُوَ جَهَالَةٌ ، وَأَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=22302_22311الْعَقَائِدَ لَا بُدَّ لَهَا مَنْ قَاطِعٍ ، وَأَنَّ التَّقْلِيدَ فِيهَا غَيْرُ سَائِغٍ ا ه . وَقَدْ تَقَدَّمَ حِكَايَةُ اتِّخَاذِ الْوَلَدِ عَنِ الْكُفَّارِ عَامَّةً وَعَنِ
النَّصَارَى خَاصَّةً فِي سُورِ الْبَقَرَةِ وَآلِ عِمْرَانَ وَالنِّسَاءِ وَالْمَائِدَةِ وَالْأَنْعَامِ ، وَسَيَأْتِي فِي سُوَرٍ أُخْرَى مَعَ إِبْطَالِهِ وَتَفْنِيدِهِ بِالدَّلَائِلِ وَوُجُوهِ الْحُجَّةِ الْمُخْتَلِفَةِ الْأَسَالِيبِ ، أَوِ التَّقْرِيعِ وَالتَّأْنِيبِ ، وَالْإِنْذَارِ وَالْوَعِيدِ .
nindex.php?page=treesubj&link=28981_18984_29706 ( nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=69قُلْ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ ) بِاتِّخَاذِهِمُ الشُّرَكَاءَ لَهُ ، أَوْ بِزَعْمِهِمُ اتِّخَاذَهُ وَلَدًا لِنَفْسِهِ ، أَوْ بِغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ التَّحْلِيلِ وَالتَّحْرِيمِ وَغَيْرِهِ مِنْ مَسَائِلِ التَّشْرِيعِ ، أَوْ بِدَعْوَى وِلَايَتِهِمْ وَإِطْلَاعِهِ إِيَّاهُمْ عَلَى أَسْرَارِ خَلْقِهِ وَتَصْرِيفِهِ لَهُمْ فِي مُلْكِهِ ، وَقَدْ تَقَدَّمَ بَعْضُهُ فِي هَذِهِ السُّورَةِ 17 ، 59 ، 60 ( لَا يُفْلِحُونَ ) أَيْ لَا يَفُوزُونَ بِمَا يُؤَمِّلُونَ مِنَ النَّجَاةِ مِنْ عَذَابِ الْآخِرَةِ وَالتَّمَتُّعِ بِنَعِيمِهَا بِشَفَاعَةِ الْوَلَدِ أَوِ الشُّرَكَاءِ الَّذِينَ اتَّخَذُوهُمْ لَهُ تَعَالَى أَوْ فِدَائِهِمْ لَهُمْ مِنْ عَذَابِ النَّارِ .
nindex.php?page=treesubj&link=28981 ( nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=70مَتَاعٌ فِي الدُّنْيَا ) هَذَا جَوَابٌ لِسُؤَالٍ مُقَدَّرٍ قَدْ يَرُدُّ عَلَى نَفْيِ فَلَاحِهِمْ بِالْإِطْلَاقِ الَّذِي يَدْخُلُ فِيهِ مَنَافِعُ الدُّنْيَا ، وَالْمُفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ بِكُلِّ نَوْعٍ مِنْ أَنْوَاعِ الِافْتِرَاءِ الْمَقْبُولَةِ عِنْدَ الْجَاهِلِينَ ،
[ ص: 374 ] لَهُمْ كَثِيرٌ مِنَ الْمَنَافِعِ الْمَادِّيَّةِ وَالْمَعْنَوِيَّةِ مِنْ هَؤُلَاءِ الْمَسَاكِينِ ، وَأَكْثَرُ الْبَشَرِ لَا يَزَالُونَ جَاهِلِينَ يَخْضَعُونَ لِهَؤُلَاءِ الزُّعَمَاءِ الْمُلَبِّسِينَ ، فَهُوَ يَقُولُ : هَذَا مَتَاعٌ قَلِيلٌ - أَوْ لَهُمْ مَتَاعٌ فِي الدُّنْيَا حَقِيرٌ يَتَلَهَّوْنَ بِهِ فِي حَيَاةٍ قَصِيرَةٍ ، فَأَمَّا قِلَّتُهُ وَحَقَارَتُهُ فَيَدُلُّ عَلَيْهَا تَنْكِيرُهُ مَعَ الْقَرِينَةِ ، وَأَمَّا قِصَرُ الْحَيَاةِ الَّتِي يَكُونُ فِي بَعْضِهَا فَمَعْلُومٌ بِالِاخْتِيَارِ ، فَمَهْمَا يَبْلُغْ هَذَا الْمَتَاعُ مِنْ كَثْرَةِ الْمَالِ وَعَظَمَةِ الْجَاهِ فِي هَذِهِ الْحَيَاةِ ، فَلَا يَكُونُ إِلَّا قَلِيلًا بِالنِّسْبَةِ إِلَى مَا عِنْدَ اللَّهِ فِي الْآخِرَةِ لِلصَّادِقِينَ الْمُتَّقِينَ كَمَا صَرَّحَتْ بِهِ الْآيَاتُ الْكَثِيرَةُ ، وَبِالنِّسْبَةِ إِلَى مَا لَهُمْ مِنْ ضِدِّ ذَلِكَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=70ثُمَّ إِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ ) بِالْبَعْثِ بَعْدَ الْمَوْتِ ، وَمَا فِيهِ مِنْ أَهْوَالِ الْحَشْرِ وَالْحِسَابِ وَالْعَرْضِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=70ثُمَّ نُذِيقُهُمُ الْعَذَابَ الشَّدِيدَ بِمَا كَانُوا يَكْفُرُونَ ) بِآيَاتِنَا وَنِعَمِنَا ، وَبِالِافْتِرَاءِ عَلَيْنَا ، وَتَكْذِيبِ رُسُلِنَا أَوِ الْكَذِبِ عَلَيْهِمْ بَعْدَ أَنْ تَقُومَ عَلَيْهِمُ الْحُجَّةُ فِي الْحِسَابِ بِأَنَّهُمْ يَسْتَحِقُّونَهُ بِظُلْمِهِمْ لِأَنْفُسِهِمْ وَأَنَّنَا لَا نَظْلِمُهُمْ شَيْئًا ، وَتَقَدَّمَ ذِكْرُ الرُّجُوعِ إِلَيْهِ تَعَالَى وَمَا يَلِيهِ مِنَ الْجَزَاءِ فِي هَذِهِ السُّورَةِ وَغَيْرِهَا .