(
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=83فما آمن لموسى إلا ذرية من قومه على خوف من فرعون وملئهم أن يفتنهم وإن فرعون لعال في الأرض وإنه لمن المسرفين nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=84وقال موسى يا قوم إن كنتم آمنتم بالله فعليه توكلوا إن كنتم مسلمين nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=85فقالوا على الله توكلنا ربنا لا تجعلنا فتنة للقوم الظالمين nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=86ونجنا برحمتك من القوم الكافرين nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=87وأوحينا إلى موسى وأخيه أن تبوءا لقومكما بمصر بيوتا واجعلوا بيوتكم قبلة وأقيموا الصلاة وبشر المؤمنين ) .
هذه الآيات الخمس في بيان
nindex.php?page=treesubj&link=31913ما كان من شأن موسى مع قومه بني إسرائيل الذين أرسله الله ليخرجهم من
مصر ، في إثر ما كان من شأنه مع
فرعون وملئه .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=83nindex.php?page=treesubj&link=28981فما آمن لموسى إلا ذرية من قومه ) المتبادر إلى فهمي أن عطف هذه الجملة على ما قبلها بالفاء لإفادة السببية أو التفريع ، أي إن
nindex.php?page=treesubj&link=31913_33952إصرار فرعون وقومه على الكفر بموسى بعد خيبة السحرة وظهور حقه على باطلهم ، ثم عزمه على قتله كما أنبأ الله تعالى بقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=26وقال فرعون ذروني أقتل موسى وليدع ربه إني أخاف أن يبدل دينكم أو أن يظهر في الأرض الفساد ) ( 40 : 26 ) يعني بالفساد الثورة والخروج على السلطان - كما قتل من آمن به من السحرة .
كل هذا أوقع الخوف والرعب في قلوب
بني إسرائيل قوم
موسى ، فما آمن له إلا ذرية من قومه وهم الأحداث من المراهقين والشبان ، وقيل : قوم
فرعون ، ولكن من آمن به منهم كان يكتم إيمانه ، ولا يقال آمن له إلا من اتبعه مؤمنا ، ولم يكونوا صغارا ، والذرية في اللغة الصغار من الأولاد ، قال
الراغب : وإن كان يقع على الصغار والكبار معا في التعارف ويستعمل للواحد والجمع وأصله الجمع . (
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=83على خوف من فرعون وملئهم أن يفتنهم ) أي آمنوا على خوف من
فرعون وملئهم ، أي أشراف قومهم الجبناء المرائين الذين هم عرفاؤهم عند
[ ص: 384 ] فرعون فيما يطلب هو منهم ، فإن الملوك يستذلون الشعوب ويستعبدونهم برؤساء وعرفاء منهم وقيل : ملأ
فرعون وجمع ضميره للتعظيم ، على خوف منه أن يفتنهم عن الإيمان
لموسى واتباع دينه بالتعذيب والإرهاق . الفتون : الابتلاء والاختبار الشديد للحمل على الشيء أو على تركه واستعمل في الاضطهاد والتعذيب للارتداد عن الدين بكثرة كما تقدم في تفسير : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=193وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ) ( 8 : 39 )
nindex.php?page=treesubj&link=31913_28981 ( nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=83وإن فرعون لعال في الأرض ) أي والحال أن
فرعون عات شديد العتو ، مستبد غالب قوي القهر في أرض
مصر فهو جدير بأن يخاف منه ، فالمراد بعلوه قهره واستبداده كما حكى الله عنه بقوله: (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=127وقال الملأ من قوم فرعون أتذر موسى وقومه ليفسدوا في الأرض ويذرك وآلهتك قال سنقتل أبناءهم ونستحيي نساءهم وإنا فوقهم قاهرون ) ( 7 :127 ) (
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=83وإنه لمن المسرفين ) أي المتجاوزين حدود الرحمة والعدل ، إلى الظلم والقتل ، والعدوان والبغي ، وغمط الحق واحتقار الخلق وهو معنى الكبرياء .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=84وقال موسى ) لمن آمن من قومه وقد رأى خوفهم من الفتنة والاضطهاد مرشدا ومثبتا لهم :
nindex.php?page=treesubj&link=28981_28679 ( nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=84ياقوم إن كنتم آمنتم بالله فعليه توكلوا إن كنتم مسلمين ) أي إن كنتم آمنتم بالله حق الإيمان فعليه توكلوا ، وبوعده فثقوا ، إن كنتم في إيمانكم مستسلمين مذعنين بالفعل ، وإنما
nindex.php?page=treesubj&link=28647يكون الإيمان يقينا إذا صدقه العمل وهو الإسلام ، وهذا لا يدل على إيمان جميع قومه كما قيل ، فالإيمان بالله غير الإيمان
لموسى المتضمن لمعنى الإسلام والاتباع المشار إليه بقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=84إن كنتم مسلمين ) وهم قد طلبوا منه بعد نجاتهم أن يجعل لهم آلهة من الأصنام ثم اتخذوا العجل المصنوع وعبدوه .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=85فقالوا على الله توكلنا ربنا لا تجعلنا فتنة للقوم الظالمين ) أي فامتثلوا الأمر ، إذ علموا أنه يتوقف عليه إنجاز الوعد ، وصرحوا به في القول ، مع الدعاء بأن يحفظهم من فتنة القوم الظالمين بالفعل ، فإن
nindex.php?page=treesubj&link=19648_19649التوكل على الله الذي هو أكبر مقامات الإيمان لا يكمل إلا بالصبر على الشدائد ، والدعاء لا يصح ولا يقبل فيستجاب إلا إذا كان مسبوقا أو مقارنا لاتخاذ الأسباب ، وهو أن تعمل ما تستطيع ، وتطلب من الله أن يسخر لك ما لا تستطيع ، ولفظ ( فتنة ) هنا يحتمل معنى الفاتن والمفتون فكأنهم قالوا: ربنا لا تسلطهم علينا فيفتنونا ، ولا تفتنا بهم فنتولى عن اتباع نبينا ، أو نضعف فيه فرارا من شدة ظلمهم لنا ، ولا تفتنهم بنا فيزدادوا كفرا وعنادا وظلما بظهورهم علينا ، ويظنوا أنهم على الحق وأننا على الباطل ومن المعقول والثابت بالتجارب أن سوء حال المؤمنين وأهل الحق في أي حال من ضعف أو فقر أو عمل مذموم ، يجعلهم موضعا أو موضوعا لافتتان الكفار وأهل الباطل بهم باعتقاد أنهم هم خير منهم ، كما قال تعالى: (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=53وكذلك فتنا بعضهم ببعض ليقولوا أهؤلاء من الله عليهم من بيننا ) ( 6 : 53 ) وقال: (
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=20وجعلنا بعضكم لبعض فتنة أتصبرون ) ( 25 : 20 ) فكيف إذا خذل أهل الحق حقهم ، وكفروا نعمة ربهم ؟ .
[ ص: 385 ] (
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=86ونجنا برحمتك من القوم الكافرين ) أي نجنا من سلطانهم وحكمهم لأن حكم الكافر لا يطاق ، ومثل هذا الدعاء في جملته قوله تعالى في سياق التأسي
بإبراهيم والذين آمنوا معه في أقوالهم لقومهم وأفعالهم وتوكلهم : (
nindex.php?page=tafseer&surano=60&ayano=4ربنا عليك توكلنا وإليك أنبنا وإليك المصير ربنا لا تجعلنا فتنة للذين كفروا واغفر لنا ربنا إنك أنت العزيز الحكيم ) ( 60 : 4 ، 5 ) وما أجدر المسلمين اليوم بهذه الأسوة وتجديد الإنابة ، وتكرار هذا الدعاء خاشعين معتبرين مستعبرين فقد أصبحوا فتنة للقوم الكافرين .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=87nindex.php?page=treesubj&link=28981_31908وأوحينا إلى موسى وأخيه أن تبوءا لقومكما بمصر بيوتا ) يقال تبوأ الدار : اتخذها مبوءا أو مباءة أي مسكنا ثابتا وملجأ يبوء إليه ، أي يرجع كلما فارقه لحاجة ، وبوأها غيره ، وقوله : ( أن تبوآ ) تفسير لأوحينا لأنه بمعنى قلنا لهما: اتخذوا لقومكما بيوتا في
مصر تكون مساكن وملاجئ يبوءون إليها ويعتصمون بها . (
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=87واجعلوا بيوتكم قبلة ) أي متقابلة في وجهة واحدة ، فالقبلة في اللغة ما يقابل الإنسان ويكون تلقاء وجهه ومنه قبلة الصلاة وهي أخص ويصح الجمع هنا بين المعنيين العام والخاص بقرينة قوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=87وأقيموا الصلاة ) أي فيها متوجهين إلى وجهة واحدة ; لأن الاتحاد في الاتجاه يساعد على اتحاد القلوب كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم - في حكمة تسوية الصفوف في الصلاة ( (
nindex.php?page=hadith&LINKID=920508ولا تختلفوا فتختلف قلوبكم ) ) وحكمة هذا أن يكونوا مستعدين لتبليغهما إياهم ما يهمهم ويعنيهم مما بعثا لأجله ، وهو إنجاؤهم من عذاب
فرعون بإخراجهم من بلاده . واختلف المفسرون في الجهة التي أمروا باستقبالها والتوجه إليها في الصلاة وهي لا تعلم إلا بنص : (
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=87وبشر المؤمنين ) بحفظ الله إياهم من فتنة
فرعون وملئه الظالمين لهم وتنجيتهم من ظلمهم . خص الله
موسى بهذا الأمر ( التبشير ) لأنه من أمر الوحي والتبليغ المنوط به ، وأشرك
هارون معه في الأمر الذي قبله لأنه تدبير عملي هو وزيره المساعد له على تنفيذه .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=83فَمَا آمَنَ لِمُوسَى إِلَّا ذُرِّيَّةٌ مِنْ قَوْمِهِ عَلَى خَوْفٍ مِنْ فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِمْ أَنْ يَفْتِنَهُمْ وَإِنَّ فِرْعَوْنَ لَعَالٍ فِي الْأَرْضِ وَإِنَّهُ لِمَنِ الْمُسْرِفِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=84وَقَالَ مُوسَى يَا قَوْمِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُسْلِمِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=85فَقَالُوا عَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْنَا رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=86وَنَجِّنَا بِرَحْمَتِكَ مِنَ الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=87وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى وَأَخِيهِ أَنْ تَبَوَّءَا لِقَوْمِكُمَا بِمِصْرَ بُيُوتًا وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ ) .
هَذِهِ الْآيَاتُ الْخَمْسُ فِي بَيَانِ
nindex.php?page=treesubj&link=31913مَا كَانَ مِنْ شَأْنِ مُوسَى مَعَ قَوْمِهِ بَنِي إِسْرَائِيلَ الَّذِينَ أَرْسَلَهُ اللَّهُ لِيُخْرِجَهُمْ مِنْ
مِصْرَ ، فِي إِثْرِ مَا كَانَ مِنْ شَأْنِهِ مَعَ
فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=83nindex.php?page=treesubj&link=28981فَمَا آمَنَ لِمُوسَى إِلَّا ذُرِّيَّةٌ مِنْ قَوْمِهِ ) الْمُتَبَادَرُ إِلَى فَهْمِي أَنَّ عَطْفَ هَذِهِ الْجُمْلَةِ عَلَى مَا قَبْلَهَا بِالْفَاءِ لِإِفَادَةِ السَّبَبِيَّةِ أَوِ التَّفْرِيعِ ، أَيْ إِنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=31913_33952إِصْرَارَ فِرْعَوْنَ وَقَوْمِهِ عَلَى الْكُفْرِ بِمُوسَى بَعْدَ خَيْبَةِ السَّحَرَةِ وَظُهُورِ حَقِّهِ عَلَى بَاطِلِهِمْ ، ثُمَّ عَزْمَهُ عَلَى قَتْلِهِ كَمَا أَنْبَأَ اللَّهُ تَعَالَى بِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=26وَقَالَ فِرْعَوْنُ ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسَى وَلْيَدْعُ رَبَّهُ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَنْ يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسَادَ ) ( 40 : 26 ) يَعْنِي بِالْفَسَادِ الثَّوْرَةَ وَالْخُرُوجَ عَلَى السُّلْطَانِ - كَمَا قَتَلَ مَنْ آمَنَ بِهِ مِنَ السَّحَرَةِ .
كُلُّ هَذَا أَوْقَعَ الْخَوْفَ وَالرُّعْبَ فِي قُلُوبِ
بَنِي إِسْرَائِيلَ قَوْمِ
مُوسَى ، فَمَا آمَنَ لَهُ إِلَّا ذُرِّيَّةٌ مِنْ قَوْمِهِ وَهُمُ الْأَحْدَاثُ مِنَ الْمُرَاهِقِينَ وَالشُّبَّانُ ، وَقِيلَ : قَوْمُ
فِرْعَوْنَ ، وَلَكِنَّ مَنْ آمَنَ بِهِ مِنْهُمْ كَانَ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ ، وَلَا يُقَالُ آمَنَ لَهُ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَهُ مُؤْمِنًا ، وَلَمْ يَكُونُوا صِغَارًا ، وَالذُّرِّيَّةُ فِي اللُّغَةِ الصِّغَارُ مِنَ الْأَوْلَادِ ، قَالَ
الرَّاغِبُ : وَإِنْ كَانَ يَقَعُ عَلَى الصِّغَارِ وَالْكِبَارِ مَعًا فِي التَّعَارُفِ وَيُسْتَعْمَلُ لِلْوَاحِدِ وَالْجَمْعِ وَأَصْلُهُ الْجَمْعُ . (
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=83عَلَى خَوْفٍ مِنْ فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِمْ أَنْ يَفْتِنَهُمْ ) أَيْ آمَنُوا عَلَى خَوْفٍ مِنْ
فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِمْ ، أَيْ أَشْرَافِ قَوْمِهِمُ الْجُبَنَاءِ الْمُرَائِينَ الَّذِينَ هُمْ عُرَفَاؤُهُمْ عِنْدَ
[ ص: 384 ] فِرْعَوْنَ فِيمَا يَطْلُبُ هُوَ مِنْهُمْ ، فَإِنَّ الْمُلُوكَ يَسْتَذِلُّونَ الشُّعُوبَ وَيَسْتَعْبِدُونَهُمْ بِرُؤَسَاءَ وَعُرَفَاءَ مِنْهُمْ وَقِيلَ : مَلَأُ
فِرْعَوْنَ وَجَمْعُ ضَمِيرِهِ لِلتَّعْظِيمِ ، عَلَى خَوْفٍ مِنْهُ أَنْ يَفْتِنَهُمْ عَنِ الْإِيمَانِ
لِمُوسَى وَاتِّبَاعِ دِينِهِ بِالتَّعْذِيبِ وَالْإِرْهَاقِ . الْفُتُونُ : الِابْتِلَاءُ وَالِاخْتِبَارُ الشَّدِيدُ لِلْحَمْلِ عَلَى الشَّيْءِ أَوْ عَلَى تَرْكِهِ وَاسْتُعْمِلَ فِي الِاضْطِهَادِ وَالتَّعْذِيبِ لِلِارْتِدَادِ عَنِ الدِّينِ بِكَثْرَةٍ كَمَا تَقَدَّمَ فِي تَفْسِيرِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=193وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ ) ( 8 : 39 )
nindex.php?page=treesubj&link=31913_28981 ( nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=83وَإِنَّ فِرْعَوْنَ لَعَالٍ فِي الْأَرْضِ ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّ
فِرْعَوْنَ عَاتٍ شَدِيدُ الْعُتُوِّ ، مُسْتَبِدٌّ غَالِبٌ قَوِيُّ الْقَهْرِ فِي أَرْضِ
مِصْرَ فَهُوَ جَدِيرٌ بِأَنْ يُخَافَ مِنْهُ ، فَالْمُرَادُ بِعُلُوِّهِ قَهْرُهُ وَاسْتِبْدَادُهُ كَمَا حَكَى اللَّهُ عَنْهُ بِقَوْلِهِ: (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=127وَقَالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ أَتَذَرُ مُوسَى وَقَوْمَهُ لِيُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَيَذَرَكَ وَآلِهَتَكَ قَالَ سَنُقَتِّلُ أَبْنَاءَهُمْ وَنَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ وَإِنَّا فَوْقَهُمْ قَاهِرُونَ ) ( 7 :127 ) (
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=83وَإِنَّهُ لَمِنَ الْمُسْرِفِينَ ) أَيِ الْمُتَجَاوِزِينَ حُدُودَ الرَّحْمَةِ وَالْعَدْلِ ، إِلَى الظُّلْمِ وَالْقَتْلِ ، وَالْعُدْوَانِ وَالْبَغْيِ ، وَغَمْطِ الْحَقِّ وَاحْتِقَارِ الْخَلْقِ وَهُوَ مَعْنَى الْكِبْرِيَاءِ .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=84وَقَالَ مُوسَى ) لِمَنْ آمَنَ مِنْ قَوْمِهِ وَقَدْ رَأَى خَوْفَهُمْ مِنَ الْفِتْنَةِ وَالِاضْطِهَادِ مُرْشِدًا وَمُثْبِتًا لَهُمْ :
nindex.php?page=treesubj&link=28981_28679 ( nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=84يَاقَوْمِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُسْلِمِينَ ) أَيْ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ حَقَّ الْإِيمَانِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوا ، وَبِوَعْدِهِ فَثِقُوا ، إِنْ كُنْتُمْ فِي إِيمَانِكُمْ مُسْتَسْلِمِينَ مُذْعِنِينَ بِالْفِعْلِ ، وَإِنَّمَا
nindex.php?page=treesubj&link=28647يَكُونُ الْإِيمَانُ يَقِينًا إِذَا صَدَّقَهُ الْعَمَلُ وَهُوَ الْإِسْلَامُ ، وَهَذَا لَا يَدُلُّ عَلَى إِيمَانِ جَمِيعِ قَوْمِهِ كَمَا قِيلَ ، فَالْإِيمَانُ بِاللَّهِ غَيْرُ الْإِيمَانِ
لِمُوسَى الْمُتَضَمِّنِ لِمَعْنَى الْإِسْلَامِ وَالِاتِّبَاعِ الْمُشَارِ إِلَيْهِ بِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=84إِنْ كُنْتُمْ مُسْلِمِينَ ) وَهُمْ قَدْ طَلَبُوا مِنْهُ بَعْدَ نَجَاتِهِمْ أَنْ يَجْعَلَ لَهُمْ آلِهَةً مِنَ الْأَصْنَامِ ثُمَّ اتَّخَذُوا الْعَجَلَ الْمَصْنُوعَ وَعَبَدُوهُ .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=85فَقَالُوا عَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْنَا رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ) أَيْ فَامْتَثَلُوا الْأَمْرَ ، إِذْ عَلِمُوا أَنَّهُ يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ إِنْجَازُ الْوَعْدِ ، وَصَرَّحُوا بِهِ فِي الْقَوْلِ ، مَعَ الدُّعَاءِ بِأَنْ يَحْفَظَهُمْ مِنْ فِتْنَةِ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ بِالْفِعْلِ ، فَإِنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=19648_19649التَّوَكُّلَ عَلَى اللَّهِ الَّذِي هُوَ أَكْبَرُ مَقَامَاتِ الْإِيمَانِ لَا يَكْمُلُ إِلَّا بِالصَّبْرِ عَلَى الشَّدَائِدِ ، وَالدُّعَاءَ لَا يَصِحُّ وَلَا يُقْبَلُ فَيُسْتَجَابُ إِلَّا إِذَا كَانَ مَسْبُوقًا أَوْ مُقَارَنًا لِاتِّخَاذِ الْأَسْبَابِ ، وَهُوَ أَنْ تَعْمَلَ مَا تَسْتَطِيعُ ، وَتَطْلُبَ مِنَ اللَّهِ أَنْ يُسَخِّرَ لَكَ مَا لَا تَسْتَطِيعُ ، وَلَفْظُ ( فِتْنَةٍ ) هُنَا يَحْتَمِلُ مَعْنَى الْفَاتِنِ وَالْمَفْتُونِ فَكَأَنَّهُمْ قَالُوا: رَبَّنَا لَا تُسَلِّطْهُمْ عَلَيْنَا فَيَفْتِنُونَا ، وَلَا تَفْتِنَّا بِهِمْ فَنَتَوَلَّى عَنِ اتِّبَاعِ نَبِيِّنَا ، أَوْ نَضْعُفَ فِيهِ فِرَارًا مِنْ شِدَّةِ ظُلْمِهِمْ لَنَا ، وَلَا تَفْتِنْهُمْ بِنَا فَيَزْدَادُوا كُفْرًا وَعِنَادًا وَظُلْمًا بِظُهُورِهِمْ عَلَيْنَا ، وَيَظُنُّوا أَنَّهُمْ عَلَى الْحَقِّ وَأَنَّنَا عَلَى الْبَاطِلِ وَمِنَ الْمَعْقُولِ وَالثَّابِتِ بِالتَّجَارِبِ أَنَّ سُوءَ حَالِ الْمُؤْمِنِينَ وَأَهْلِ الْحَقِّ فِي أَيِّ حَالٍ مِنْ ضَعْفٍ أَوْ فَقْرٍ أَوْ عَمَلٍ مَذْمُومٍ ، يَجْعَلُهُمْ مَوْضِعًا أَوْ مَوْضُوعًا لَافِتَتَانِ الْكَفَّارِ وَأَهْلِ الْبَاطِلِ بِهِمْ بِاعْتِقَادِ أَنَّهُمْ هُمْ خَيْرٌ مِنْهُمْ ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=53وَكَذَلِكَ فَتَنَّا بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لِيَقُولُوا أَهَؤُلَاءِ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ بَيْنِنَا ) ( 6 : 53 ) وَقَالَ: (
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=20وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ ) ( 25 : 20 ) فَكَيْفَ إِذَا خَذَلَ أَهْلَ الْحَقِّ حَقُّهُمْ ، وَكَفَرُوا نِعْمَةَ رَبِّهِمْ ؟ .
[ ص: 385 ] (
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=86وَنَجِّنَا بِرَحْمَتِكَ مِنَ الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ ) أَيْ نَجِّنَا مِنْ سُلْطَانِهِمْ وَحُكْمِهِمْ لِأَنَّ حُكْمَ الْكَافِرِ لَا يُطَاقُ ، وَمِثْلُ هَذَا الدُّعَاءِ فِي جُمْلَتِهِ قَوْلُهُ تَعَالَى فِي سِيَاقِ التَّأَسِّي
بِإِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ فِي أَقْوَالِهِمْ لِقَوْمِهِمْ وَأَفْعَالِهِمْ وَتَوَكُّلِهِمْ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=60&ayano=4رَبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا وَاغْفِرْ لَنَا رَبَّنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ) ( 60 : 4 ، 5 ) وَمَا أَجْدَرَ الْمُسْلِمِينَ الْيَوْمَ بِهَذِهِ الْأُسْوَةِ وَتَجْدِيدِ الْإِنَابَةِ ، وَتَكْرَارُ هَذَا الدُّعَاءِ خَاشِعِينَ مُعْتَبِرِينَ مُسْتَعْبِرِينَ فَقَدْ أَصْبَحُوا فِتْنَةً لِلْقَوْمِ الْكَافِرِينَ .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=87nindex.php?page=treesubj&link=28981_31908وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى وَأَخِيهِ أَنْ تَبَوَّءَا لِقَوْمِكُمَا بِمِصْرَ بُيُوتًا ) يُقَالُ تَبَوَّأَ الدَّارَ : اتَّخَذَهَا مُبَوَّءًا أَوْ مَبَاءَةً أَيْ مَسْكَنًا ثَابِتًا وَمَلْجَأً يَبُوءُ إِلَيْهِ ، أَيْ يَرْجِعَ كُلَّمَا فَارَقَهُ لِحَاجَةٍ ، وَبَوَّأَهَا غَيْرَهُ ، وَقَوْلُهُ : ( أَنْ تَبَوَّآ ) تَفْسِيرٌ لِأَوْحَيْنَا لِأَنَّهُ بِمَعْنَى قُلْنَا لَهُمَا: اتَّخِذُوا لِقَوْمِكُمَا بُيُوتًا فِي
مِصْرَ تَكُونُ مَسَاكِنَ وَمَلَاجِئَ يَبُوءُونَ إِلَيْهَا وَيَعْتَصِمُونَ بِهَا . (
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=87وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً ) أَيْ مُتَقَابِلَةً فِي وِجْهَةٍ وَاحِدَةٍ ، فَالْقِبْلَةُ فِي اللُّغَةِ مَا يُقَابِلُ الْإِنْسَانَ وَيَكُونُ تِلْقَاءَ وَجْهِهِ وَمِنْهُ قِبْلَةُ الصَّلَاةِ وَهِيَ أَخَصُّ وَيَصِحُّ الْجَمْعُ هُنَا بَيْنَ الْمَعْنِيِّينَ الْعَامِّ وَالْخَاصِّ بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=87وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ ) أَيْ فِيهَا مُتَوَجِّهِينَ إِلَى وِجْهَةٍ وَاحِدَةٍ ; لِأَنَّ الِاتِّحَادَ فِي الِاتِّجَاهِ يُسَاعِدُ عَلَى اتِّحَادِ الْقُلُوبِ كَمَا قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي حِكْمَةِ تَسْوِيَةِ الصُّفُوفِ فِي الصَّلَاةِ ( (
nindex.php?page=hadith&LINKID=920508وَلَا تَخْتَلِفُوا فَتَخْتَلِفَ قُلُوبُكُمْ ) ) وَحِكْمَةُ هَذَا أَنْ يَكُونُوا مُسْتَعِدِّينَ لِتَبْلِيغِهِمَا إِيَّاهُمْ مَا يُهِمُّهُمْ وَيَعْنِيهِمْ مِمَّا بُعِثَا لِأَجْلِهِ ، وَهُوَ إِنْجَاؤُهُمْ مِنْ عَذَابِ
فِرْعَوْنَ بِإِخْرَاجِهِمْ مِنْ بِلَادِهِ . وَاخْتَلَفَ الْمُفَسِّرُونَ فِي الْجِهَةِ الَّتِي أُمِرُوا بِاسْتِقْبَالِهَا وَالتَّوَجُّهِ إِلَيْهَا فِي الصَّلَاةِ وَهِيَ لَا تُعْلَمُ إِلَّا بِنَصٍّ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=87وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ ) بِحِفْظِ اللَّهِ إِيَّاهُمْ مِنْ فِتْنَةِ
فِرْعَوْنَ وَمِلْئِهِ الظَّالِمِينَ لَهُمْ وَتَنْجِيَتِهِمْ مِنْ ظُلْمِهِمْ . خَصَّ اللَّهُ
مُوسَى بِهَذَا الْأَمْرِ ( التَّبْشِيرِ ) لِأَنَّهُ مِنْ أَمْرِ الْوَحْيِ وَالتَّبْلِيغِ الْمَنُوطِ بِهِ ، وَأَشْرَكَ
هَارُونَ مَعَهُ فِي الْأَمْرِ الَّذِي قَبْلَهُ لِأَنَّهُ تَدْبِيرٌ عَمَلِيٌّ هُوَ وَزِيرُهُ الْمُسَاعِدُ لَهُ عَلَى تَنْفِيذِهِ .