(
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=101قل انظروا ماذا في السماوات والأرض وما تغني الآيات والنذر عن قوم لا يؤمنون nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=102فهل ينتظرون إلا مثل أيام الذين خلوا من قبلهم قل فانتظروا إني معكم من المنتظرين nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=103ثم ننجي رسلنا والذين آمنوا كذلك حقا علينا ننج المؤمنين ) .
هذه الآيات الثلاث إرشاد للعقلاء الذين يفهمون مما قبلها أن
nindex.php?page=treesubj&link=30458سنة الله تعالى في نوع الإنسان ، أن خلقه مستعدا للإيمان والكفر ، والخير والشر ، وله الاختيار لنفسه ، وأن الرسول الحريص على إيمان الناس لا يقدر على جعلهم مؤمنين ، لأن الله القادر على ذلك لم يشأ أن يجعلهم أمة واحدة على الإيمان وحده ولا على الكفر وحده ، وإنما جعل مدار سعادتهم على حسن استعمال عقولهم باختيارهم في التمييز بين الكفر والإيمان ، وما الرسول إلا بشير ونذير يبين الطريق المستقيم للعقل المستنير ، فالدين مساعد للعقل على حسن الاختيار إذا أحسن النظر والتفكير ، والله تعالى يأمر بهما بمثل قوله :
nindex.php?page=treesubj&link=28981_19784 (
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=101قل انظروا ماذا في السماوات والأرض ) أي قل أيها الرسول لقومك الذين تحرص على هداهم : انظروا بعيون أبصاركم وبصائركم ماذا في السماوات والأرض من آيات الله البينات ، والنظام الدقيق والعجيب في شمسها وقمرها ، وكواكبها ونجومها ، وبروجها ومنازلها ، وليلها ونهارها ، وسحابها ومطرها ، وهوائها ومائها ، وبحارها وأنهارها ، وأشجارها وثمارها ، وأنواع حيواناتها البرية والبحرية ، ففي كل هذه الأشياء التي تبصرون آيات كثيرة تدل على علم خالقها وقدرته ، ومشيئته وحكمته ، ووحدة النظام في جملتها وفي كل نوع منها هو الآية الكبرى على وحدانيته في ربوبيته وألوهيته ، ثم انظروا ماذا في أنفسكم منها ، كما قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=20وفي الأرض آيات للموقنين وفي أنفسكم أفلا تبصرون ) ( 51 : 20 و 21 ) إنه يريكم كل هذه الآيات ثم أنتم تشركون (
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=101وما تغني الآيات والنذر عن قوم لا يؤمنون ) يجوز في هذه الجملة النفي والاستفهام ، والنذر فيها جمع نذير أو إنذار ، والمعنى : أن الآيات الكونية على ظهور دلالتها ، والنذر التشريعية على بلاغة حجتها ، لا فائدة فيهما ولا غنى لقوم لا يؤمنون
[ ص: 397 ] بالله عن الإيمان الذي يهديهم إلى الاعتبار بالآيات ، والاستدلال بها على ما تدل عليه أكمل الدلالة من وحدانية الله وقدرته ، ومشيئته وحكمته ، وفضله ورحمته ، والاعتبار بسننه في خلقه ،
nindex.php?page=treesubj&link=29674_19778ففائدة الإيمان الأولى توجيه عقل الإنسان إلى حسن القصد في نظره في الآيات ، والاستفادة منها فيما يزكي نفسه بالعلم والإيمان ، ويرفعها عن أرجاس الأمور وسفسافها ، وبهذا تفهم معنى جعل الرجس على الذين لا يعقلون ، فليس المراد بالذين لا يعقلون المجانين الفاقدين لغريزة العقل ، بل المراد به الذين لا يستعملون العقل في أفضل ما هو مستعد له من المعرفة بالله وتوحيده وعبادته ، التي تجعلهم أهلا لإتمام نعمه عليهم وكرامته ، بالتزام الحق والعدل ، وإيثار الخير على الشر .
nindex.php?page=treesubj&link=28981_32016 ( nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=102فهل ينتظرون إلا مثل أيام الذين خلوا من قبلهم ) أي إذا كان الأمر كما قصصنا عليك أيها الرسول من سنتنا في الخلق وما أرسلنا قبلك من الرسل ، فهل ينتظر هؤلاء الكافرون من قومك إلا مثل أيام الذين خلوا من قبلهم ، أي وقائعهم مع رسلهم مما بلغهم مبدؤه وغايته ، أي ما ثم شيء آخر ينتظر (
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=102قل فانتظروا إني معكم من المنتظرين ) أي قل لهم منذرا ومهددا : إذا فانتظروا ما سيكون من عاقبتكم إني معكم من المنتظرين ، على بينة مما وعد الله وصدق وعده للمرسلين ، وإن الذين يصرون على الجحود والعناد سيكونون كمعانديهم من الهالكين .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=103nindex.php?page=treesubj&link=29677_29680ثم ننجي رسلنا والذين آمنوا ) هذا التعبير من أعجب إيجاز القرآن المعجز الذي انفرد به في العطف على محذوف ، وهو ذكر شيء يدل دلالة واضحة على أمر عام كسنة اجتماعية تستنبط من قصة أو قصص واقعة ، ثم يأتي بجملة معطوفة لا يصح عطفها على ما قبلها من الجمل ، فيتبادر إلى الذهن وجوب عطفها على ذلك الأمر العام ، بحرف العطف المناسب للمقام ، بحيث يستغنى به عن ذكره ، وتقديره هنا: تلك سنتنا في رسلنا مع قومهم: يبلغونهم الدعوة ، ويقيمون عليهم الحجة ، وينذرونهم سوء عاقبة الكفر والتكذيب ، فيؤمن بعض ويصر الآخرون ، فنهلك المكذبين ، ثم ننجي رسلنا والذين آمنوا بهم (
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=103كذلك حقا علينا ننج المؤمنين ) أي كذلك الإنجاء ننجي المؤمنين معك أيها الرسول ، ونهلك المصرين على تكذيبك ، وعدا حقا علينا لا نخلفه (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=77سنة من قد أرسلنا قبلك من رسلنا ولا تجد لسنتنا تحويلا ) ( 17 : 77 ) وقد صدق وعده كما قال .
قرأ الجمهور : (
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=103ننجي رسلنا ) بالتشديد من التنجية إلا في رواية عن
يعقوب بالتخفيف مختلف فيها ، وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=15080الكسائي وحفص ويعقوب (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=88ننجي المؤمنين ) بالتخفيف من الإنجاء ، والباقون بالتشديد والمعنى واحد ، إلا أن التشديد يدل على المبالغة أو التكرار ، وهو الأنسب في الأولى لكثرة الأقوام .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=101قُلِ انْظُرُوا مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا تُغْنِي الْآيَاتُ وَالنُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=102فَهَلْ يَنْتَظِرُونَ إِلَّا مِثْلَ أَيَّامِ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِهِمْ قُلْ فَانْتَظَرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظَرِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=103ثُمَّ نُنَجِّي رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا كَذَلِكَ حَقًّا عَلَيْنَا نُنْجِ الْمُؤْمِنِينَ ) .
هَذِهِ الْآيَاتُ الثَّلَاثُ إِرْشَادٌ لِلْعُقَلَاءِ الَّذِينَ يَفْهَمُونَ مِمَّا قَبْلَهَا أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=30458سُنَّةَ اللَّهِ تَعَالَى فِي نَوْعِ الْإِنْسَانِ ، أَنْ خَلَقَهُ مُسْتَعِدًّا لِلْإِيمَانِ وَالْكُفْرِ ، وَالْخَيْرِ وَالشَّرِّ ، وَلَهُ الِاخْتِيَارُ لِنَفْسِهِ ، وَأَنَّ الرَّسُولَ الْحَرِيصَ عَلَى إِيمَانِ النَّاسِ لَا يَقْدِرُ عَلَى جَعْلِهِمْ مُؤْمِنِينَ ، لِأَنَّ اللَّهَ الْقَادِرَ عَلَى ذَلِكَ لَمْ يَشَأْ أَنْ يَجْعَلَهُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً عَلَى الْإِيمَانِ وَحْدَهُ وَلَا عَلَى الْكُفْرِ وَحْدَهُ ، وَإِنَّمَا جَعَلَ مَدَارَ سَعَادَتِهِمْ عَلَى حُسْنِ اسْتِعْمَالِ عُقُولِهِمْ بِاخْتِيَارِهِمْ فِي التَّمْيِيزِ بَيْنَ الْكُفْرِ وَالْإِيمَانِ ، وَمَا الرَّسُولُ إِلَّا بَشِيرٌ وَنَذِيرٌ يُبَيِّنُ الطَّرِيقَ الْمُسْتَقِيمَ لِلْعَقْلِ الْمُسْتَنِيرِ ، فَالدِّينُ مُسَاعِدٌ لِلْعَقْلِ عَلَى حُسْنِ الِاخْتِيَارِ إِذَا أَحْسَنَ النَّظَرَ وَالتَّفْكِيرَ ، وَاللَّهُ تَعَالَى يَأْمُرُ بِهِمَا بِمِثْلِ قَوْلِهِ :
nindex.php?page=treesubj&link=28981_19784 (
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=101قُلِ انْظُرُوا مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ) أَيْ قُلْ أَيُّهَا الرَّسُولُ لِقَوْمِكَ الَّذِينَ تَحْرِصُ عَلَى هُدَاهُمْ : انْظُرُوا بِعُيُونِ أَبْصَارِكُمْ وَبَصَائِرِكُمْ مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ الْبَيِّنَاتِ ، وَالنِّظَامِ الدَّقِيقِ وَالْعَجِيبِ فِي شَمْسِهَا وَقَمَرِهَا ، وَكَوَاكِبِهَا وَنُجُومِهَا ، وَبُرُوجِهَا وَمَنَازِلِهَا ، وَلَيْلِهَا وَنَهَارِهَا ، وَسَحَابِهَا وَمَطَرِهَا ، وَهَوَائِهَا وَمَائِهَا ، وَبِحَارِهَا وَأَنْهَارِهَا ، وَأَشْجَارِهَا وَثِمَارِهَا ، وَأَنْوَاعِ حَيَوَانَاتِهَا الْبَرِّيَّةِ وَالْبَحْرِيَّةِ ، فَفِي كُلِّ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ الَّتِي تُبْصِرُونَ آيَاتٌ كَثِيرَةٌ تَدُلُّ عَلَى عِلْمِ خَالِقِهَا وَقُدْرَتِهِ ، وَمَشِيئَتِهِ وَحِكْمَتِهِ ، وَوَحْدَةُ النِّظَامِ فِي جُمْلَتِهَا وَفِي كُلِّ نَوْعٍ مِنْهَا هُوَ الْآيَةُ الْكُبْرَى عَلَى وَحْدَانِيَّتِهِ فِي رُبُوبِيَّتِهِ وَأُلُوهِيَّتِهِ ، ثُمَّ انْظُرُوا مَاذَا فِي أَنْفُسِكُمْ مِنْهَا ، كَمَا قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=20وَفِي الْأَرْضِ آيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ ) ( 51 : 20 و 21 ) إِنَّهُ يُرِيكُمْ كُلَّ هَذِهِ الْآيَاتِ ثُمَّ أَنْتُمْ تُشْرِكُونَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=101وَمَا تُغْنِي الْآيَاتُ وَالنُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ ) يَجُوزُ فِي هَذِهِ الْجُمْلَةِ النَّفْيُ وَالِاسْتِفْهَامُ ، وَالنُّذُرُ فِيهَا جَمْعُ نَذِيرٍ أَوْ إِنْذَارٍ ، وَالْمَعْنَى : أَنَّ الْآيَاتِ الْكَوْنِيَّةَ عَلَى ظُهُورِ دَلَالَتِهَا ، وَالنُّذُرَ التَّشْرِيعِيَّةَ عَلَى بَلَاغَةِ حُجَّتِهَا ، لَا فَائِدَةَ فِيهِمَا وَلَا غِنَى لِقَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ
[ ص: 397 ] بِاللَّهِ عَنِ الْإِيمَانِ الَّذِي يَهْدِيهِمْ إِلَى الِاعْتِبَارِ بِالْآيَاتِ ، وَالِاسْتِدْلَالِ بِهَا عَلَى مَا تَدُلُّ عَلَيْهِ أَكْمَلَ الدَّلَالَةِ مِنْ وَحْدَانِيَّةِ اللَّهِ وَقُدْرَتِهِ ، وَمَشِيئَتِهِ وَحِكْمَتِهِ ، وَفَضْلِهِ وَرَحْمَتِهِ ، وَالِاعْتِبَارِ بِسُنَنِهِ فِي خَلْقِهِ ،
nindex.php?page=treesubj&link=29674_19778فَفَائِدَةُ الْإِيمَانِ الْأُولَى تَوْجِيهُ عَقْلِ الْإِنْسَانِ إِلَى حُسْنِ الْقَصْدِ فِي نَظَرِهِ فِي الْآيَاتِ ، وَالِاسْتِفَادَةِ مِنْهَا فِيمَا يُزَكِّي نَفْسَهُ بِالْعِلْمِ وَالْإِيمَانِ ، وَيَرْفَعُهَا عَنْ أَرْجَاسِ الْأُمُورِ وَسَفْسَافِهَا ، وَبِهَذَا تَفْهَمُ مَعْنَى جَعْلِ الرِّجْسِ عَلَى الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ ، فَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالَّذِينِ لَا يَعْقِلُونَ الْمَجَانِينَ الْفَاقِدِينَ لِغَرِيزَةِ الْعَقْلِ ، بَلِ الْمُرَادُ بِهِ الَّذِينَ لَا يَسْتَعْمِلُونَ الْعَقْلَ فِي أَفْضَلِ مَا هُوَ مُسْتَعِدٌّ لَهُ مِنَ الْمَعْرِفَةِ بِاللَّهِ وَتَوْحِيدِهِ وَعِبَادَتِهِ ، الَّتِي تَجْعَلُهُمْ أَهْلًا لِإِتْمَامِ نِعَمِهِ عَلَيْهِمْ وَكَرَامَتِهِ ، بِالْتِزَامِ الْحَقِّ وَالْعَدْلِ ، وَإِيثَارِ الْخَيْرِ عَلَى الشَّرِّ .
nindex.php?page=treesubj&link=28981_32016 ( nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=102فَهَلْ يَنْتَظِرُونَ إِلَّا مِثْلَ أَيَّامِ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِهِمْ ) أَيْ إِذَا كَانَ الْأَمْرُ كَمَا قَصَصْنَا عَلَيْكَ أَيُّهَا الرَّسُولُ مِنْ سُنَّتِنَا فِي الْخَلْقِ وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنَ الرُّسُلِ ، فَهَلْ يَنْتَظِرُ هَؤُلَاءِ الْكَافِرُونَ مِنْ قَوْمِكَ إِلَّا مِثْلَ أَيَّامِ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِهِمْ ، أَيْ وَقَائِعَهُمْ مَعَ رُسُلِهِمْ مِمَّا بَلَغَهُمْ مَبْدَؤُهُ وَغَايَتُهُ ، أَيْ مَا ثَمَّ شَيْءٌ آخَرُ يُنْتَظَرُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=102قُلْ فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ ) أَيْ قُلْ لَهُمْ مُنْذِرًا وَمُهَدَّدًا : إِذًا فَانْتَظِرُوا مَا سَيَكُونُ مِنْ عَاقِبَتِكُمْ إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظَرِينَ ، عَلَى بَيِّنَةٍ مِمَّا وَعَدَ اللَّهُ وَصَدَقَ وَعْدَهُ لِلْمُرْسَلِينَ ، وَإِنَّ الَّذِينَ يُصِرُّونَ عَلَى الْجُحُودِ وَالْعِنَادِ سَيَكُونُونَ كَمُعَانَدِيهِمْ مِنَ الْهَالِكِينَ .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=103nindex.php?page=treesubj&link=29677_29680ثُمَّ نُنَجِّي رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا ) هَذَا التَّعْبِيرُ مِنْ أَعْجَبِ إِيجَازِ الْقُرْآنِ الْمُعْجِزِ الَّذِي انْفَرَدَ بِهِ فِي الْعَطْفِ عَلَى مَحْذُوفٍ ، وَهُوَ ذِكْرُ شَيْءٍ يَدُلُّ دَلَالَةً وَاضِحَةً عَلَى أَمْرٍ عَامٍّ كَسُنَّةٍ اجْتِمَاعِيَّةٍ تُسْتَنْبَطُ مِنْ قِصَّةٍ أَوْ قِصَصٍ وَاقِعَةٍ ، ثُمَّ يَأْتِي بِجُمْلَةٍ مَعْطُوفَةٍ لَا يَصِحُّ عَطْفُهَا عَلَى مَا قَبْلَهَا مِنَ الْجُمَلِ ، فَيَتَبَادَرُ إِلَى الذِّهْنِ وُجُوبُ عَطْفِهَا عَلَى ذَلِكَ الْأَمْرِ الْعَامِّ ، بِحَرْفِ الْعَطْفِ الْمُنَاسِبِ لِلْمَقَامِ ، بِحَيْثُ يُسْتَغْنَى بِهِ عَنْ ذِكْرِهِ ، وَتَقْدِيرُهُ هُنَا: تِلْكَ سُنَّتُنَا فِي رُسُلِنَا مَعَ قَوْمِهِمْ: يُبَلِّغُونَهُمُ الدَّعْوَةَ ، وَيُقِيمُونَ عَلَيْهِمُ الْحُجَّةَ ، وَيُنْذِرُونَهُمْ سُوءَ عَاقِبَةِ الْكُفْرِ وَالتَّكْذِيبِ ، فَيُؤْمِنُ بَعْضٌ وَيُصِرُّ الْآخَرُونَ ، فَنُهْلِكُ الْمُكَذِّبِينَ ، ثُمَّ نُنَجِّي رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِمْ (
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=103كَذَلِكَ حَقًّا عَلَيْنَا نُنْجِ الْمُؤْمِنِينَ ) أَيْ كَذَلِكَ الْإِنْجَاءُ نُنَجِّي الْمُؤْمِنِينَ مَعَكَ أَيُّهَا الرَّسُولُ ، وَنُهْلِكُ الْمُصِرِّينَ عَلَى تَكْذِيبِكَ ، وَعْدًا حَقًّا عَلَيْنَا لَا نُخْلِفُهُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=77سُنَّةَ مَنْ قَدْ أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنْ رُسُلِنَا وَلَا تَجِدُ لِسُنَّتِنَا تَحْوِيلًا ) ( 17 : 77 ) وَقَدْ صَدَقَ وَعْدُهُ كَمَا قَالَ .
قَرَأَ الْجُمْهُورُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=103نُنَجِّي رُسُلَنَا ) بِالتَّشْدِيدِ مِنَ التَّنْجِيَةِ إِلَّا فِي رِوَايَةٍ عَنْ
يَعْقُوبَ بِالتَّخْفِيفِ مُخْتَلَفٌ فِيهَا ، وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=15080الْكِسَائِيُّ وَحَفْصٌ وَيَعْقُوبُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=88نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ ) بِالتَّخْفِيفِ مِنَ الْإِنْجَاءِ ، وَالْبَاقُونَ بِالتَّشْدِيدِ وَالْمَعْنَى وَاحِدٌ ، إِلَّا أَنَّ التَّشْدِيدَ يَدُلُّ عَلَى الْمُبَالَغَةِ أَوِ التَّكْرَارِ ، وَهُوَ الْأَنْسَبُ فِي الْأُولَى لِكَثْرَةِ الْأَقْوَامِ .