الثاني اكتفاء بالضمة قصدا للتخفيف ، فإذا اجتمع واوان والضم ، فتحذف الواو التي ليست عمدة ، وتبقى العمدة ، سواء كانت الكلمة فعلا ، مثل : " " ليسؤا وجوهكم " " ( الإسراء : 7 ) ، أو صفة مثل : " " الموءدة " " ( التكوير : 8 ) ، و " " ليؤس " " ( هود : 9 ) ، و " " الغاون " " ( الشعراء : 94 ) ، أو اسما مثل حذف الواو داود ( البقرة : 251 ) إلا أن ينوى كل واحد منهما فتثبتان جميعا ، مثل : تبوءوا ( الحشر : 9 ) فإن الواو الأولى تنوب عن حرفين لأجل الإدغام ، فنويت في الكلمة ، والواو الثانية ضمير الفاعل فثبتا جميعا .
وقد سقطت من أربعة أفعال ، تنبيها على سرعة وقوع الفعل وسهولته على الفاعل ، وشدة قبول المنفعل المتأثر به في الوجود :
أولها : سندع الزبانية ( العلق : 18 ) فيه سرعة الفعل وإجابة الزبانية وقوة البطش ، وهو وعيد عظيم ذكر مبدؤه وحذف آخره ، ويدل عليه قوله تعالى : وما أمرنا إلا واحدة كلمح بالبصر ( القمر : 50 ) .
وثانيها : ويمح الله الباطل ( الشورى : 24 ) حذفت منه الواو علامة على سرعة الحق وقبول الباطل له بسرعة ، بدليل قوله : إن الباطل كان زهوقا ( الإسراء : 81 ) ، وليس يمح معطوفا على يختم الذي قبله ; لأنه ظهر مع [ يمح ] الفاعل وعطف على الفعل ما بعده وهو ويحق الحق ( الشورى : 24 ) .
قلت : إن قيل : لم رسم الواو [ ص: 30 ] في : يمحو الله ما يشاء ويثبت ( الرعد : 39 ) ، وحذفت في : ويمح الله الباطل ( الشورى : 24 ) .
قلت : لأن الإثبات الأصل ; وإنما حذفت في الثانية لأن قبله مجزوم ، وإن لم يكن معطوفا عليه ، لأنه قد عطف عليه : ويحق ، وليس مقيدا بشرط ، ولكن قد يجيء بصورة العطف على المجزوم وهذا أقرب من عطف الجوار في النحو ، والله أعلم .
وثالثها : ويدع الإنسان بالشر ( الإسراء : 11 ) حذف الواو يدل على أنه سهل عليه ويسارع فيه ، كما يعمل في الخير ، وإتيان الشر إليه من جهة ذاته أقرب إليه من الخير .
ورابعها : " " يوم يدع الداع " " ( القمر : 6 ) حذف الواو لسرعة الدعاء وسرعة الإجابة