15768  عبد الرزاق  ، عن  معمر  ، عن رجل ، من بعض أصحابه قال :  دخل قوم على  سلمان  وهو أمير  بالمدائن   وهو يعمل هذا الخوص ، فقيل له : أتعمل هذا وأنت أمير ؟ وهو يجري عليك رزق قال : إني أحب أن آكل من عمل يدي   ، وسأخبركم كيف تعلمت هذا ، إني كنت في أهلي  برامي هرمز   ، وكنت أختلف إلى معلمي الكتاب ،      [ ص: 419 ] وكان في الطريق راهب فكنت إذا مررت جلست عنده ، فكان يخبرني من خبر السماء والأرض ونحوا من ذلك حتى اشتغلت عن كتابتي ولزمته ، فأخبر أهلي المعلم ، وقال : إن هذا الراهب قد أفسد ابنكم قال : فأخرجوه ، فاستخفيت منهم قال : فخرجت معه حتى جئنا  الموصل   ، فوجدنا بها أربعين راهبا فكان بهم من التعظيم للراهب الذي جئت معه شيء عظيم ، فكنت معهم أشهرا ، فمرضت فقال راهب منهم : إني ذاهب إلى  بيت المقدس   ، فأصلي فيه ففرحت بذلك ، فقلت : أنا معك قال : فخرجنا قال : فما رأيت أحدا كان أصبر على مشي منه ، كان يمشي فإذا رآني أعييت قال : ارقد ، وقام يصلي ، فكان كذلك لم يطعم يوما حتى جئنا  بيت المقدس   ، فلما قدمناها رقد ، وقال لي : إذا رأيت الظل هاهنا ، فأيقظني ، فلما بلغ الظل ذلك المكان ، أردت أن أوقظه ثم قلت : شهر ولم يرقد والله لأدعنه قليلا ، فتركته ساعة فاستيقظ فرأى الظل قد جاز ذلك المكان ، فقال : ألم أقل لك أن توقظني ؟ قلت : قد كنت لم تنم فأحببت أن أدعك أن تنام قليلا قال : إني لا أحب أن يأتي علي ساعة إلا وأنا ذاكر الله تعالى فيها قال : ثم دخلنا  بيت المقدس   فإذا سائل مقعد يسأل ، فسأله ، فلا أدري ما قال له ، فقال له المقعد : دخلت ولم تعطني شيئا ، وخرجت ولم تعطني شيئا قال : هل تحب أن تقوم ؟ قال : فدعا له فقام ، فجعلت أتعجب وأتبعه ، فسهوت ، فذهب الراهب ثم خرجت أتبعه ،      [ ص: 420 ] أسأل عنه فرأيت ركبا من  الأنصار   فسألتهم عنه ، فقلت : أرأيتم رجل كذا وكذا ؟ فقالوا : هذا عبد آبق ، فأخذوني فأردفوني خلف رجل منهم ، حتى قدموا بي  المدينة   فجعلوني في حائط لهم ، فكنت أعمل هذا الخوص ، فمن ثم تعلمتها قال : وكان الراهب قال : إن الله تعالى لم يعط العرب من الأنبياء أحدا ، وإنه سيخرج منهم نبي ، فإن أدركته ، فصدقه ، وآمن به ، وإن آيته أن يقبل الهدية ، ولا يأكل الصدقة ، وإن في ظهره خاتم النبوة قال : فمكثت ما مكثت ، ثم قالوا : جاء النبي صلى الله عليه وسلم إلى  المدينة   فخرجت معي بتمر ، فجئت إليه به فقال : " ما هذا ؟ " قلت : صدقة قال : "  لا نأكل الصدقة      " ، فأخذته ، ثم أتيته بتمر فوضعته بين يديه ، فقال : " ما هذا ؟ " فقلت : هدية ، فأكل ، وأكل من كان عنده ، ثم قمت وراءه لأنظر الخاتم ، ففطن بي فألقى رداءه عن منكبيه ، فآمنت به وصدقته قال : فإما كاتب على مائة نخلة ، وإما اشترى نفسه بمائة نخلة قال : فغرسها رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده ، فلم يحل الحول حتى بلغت ، أو قال : أكل منها     .  
				
						
						
