حديث الثلاثة الذين خلفوا
9744
عبد الرزاق ، عن
معمر ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري قال : أخبرني [
عبد الرحمن بن كعب بن ] مالك ، عن أبيه قال : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=977352لم أتخلف عن النبي [ ص: 398 ] صلى الله عليه وسلم في غزاة غزاها حتى كانت غزوة تبوك إلا بدرا ، ولم يعاتب النبي صلى الله عليه وسلم أحدا تخلف عن بدر إنما خرج يريد العير فخرجت قريش مغوثين لعيرهم ، فالتقوا عن غير موعد كما قال الله ، ولعمري nindex.php?page=treesubj&link=29313_30787_30789إن أشرف مشاهد رسول الله صلى الله عليه وسلم في الناس لبدر وما أحب أني كنت شهدت مكان بيعتي ليلة العقبة حيث تواثقنا على الإسلام ، ثم لم أتخلف بعد عن النبي صلى الله عليه وسلم في غزاة غزاها حتى كانت غزوة تبوك ، وهي آخر غزوة غزاها ، وآذن النبي صلى الله عليه وسلم الناس بالرحيل وأراد أن يتأهبوا أهبة غزوة وذلك حين طاب الظلال ، وطابت الثمار ، وكان قل ما أراد غزوة إلا ورى بغيرها وكان يقول : " nindex.php?page=treesubj&link=25558_29338الحرب خدعة " فأراد النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك أن يتأهب الناس أهبة ، وأنا أيسر ما كنت وقد جمعت راحلتي وأنا أقدر شيء في نفسي على الجهاد وخفة الحاذ ، وأنا في ذلك أصغو [ ص: 399 ] إلى الظلال ، وطيب الثمار ، فلم أزل كذلك حتى قام النبي صلى الله عليه وسلم غاديا بغداة ، وذلك يوم الخميس [ وكان يحب أن يخرج يوم الخميس ] فأصبح غاديا فقلت : أنطلق غدا إلى السوق فأشتري جهازي ، ثم ألحقهم فانطلقت إلى السوق من الغد فعسر علي بعض شأني أيضا فقلت : أرجع غدا إن شاء الله ، فلم أزل كذلك حتى التبس بي الذنب ، وتخلفت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فجعلت أمشي في الأسواق ، وأطوف بالمدينة فيحزنني أني لا أرى أحدا إلا رجلا مغموصا عليه في النفاق ، وكان ليس أحد تخلف ، إلا رأى أن ذلك سيخفى له وكان الناس كثيرا لا يجمعهم ديوان وكان جميع من تخلف عن النبي صلى الله عليه وسلم بضعة وثمانين رجلا [ ص: 400 ] ولم يذكرني النبي صلى الله عليه وسلم حتى بلغ تبوك ، فلما بلغ تبوك قال : " ما فعل nindex.php?page=showalam&ids=331كعب بن مالك " قال رجل من قومي : خلفه يا رسول الله برداه والنظر في عطفيه ، فقال nindex.php?page=showalam&ids=32معاذ بن جبل : بئس ما قلت والله يا نبي الله ما نعلم [ عليه ] إلا خيرا قال : فبينا هم كذلك إذا هم برجل يزول به السراب فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " كن يا أبا خيثمة " فإذا هو أبو خيثمة قال : فلما قضى النبي صلى الله عليه وسلم غزوة تبوك وقفل ودنا من المدينة جعلت أنظر بماذا أخرج من سخط النبي صلى الله عليه وسلم ، وأستعين على ذلك بكل ذي رأي من أهلي حتى إذا قيل النبي صلى الله عليه وسلم هو مصبحكم غدا بالغداة زاح عني الباطل ، وعرفت ألا أنجو إلا بالصدق ، فدخل النبي صلى الله عليه وسلم ضحى ، فصلى في المسجد ركعتين ، وكان إذا جاء من سفر فعل ذلك دخل المسجد فصلى فيه ركعتين ، ثم nindex.php?page=treesubj&link=30881جلس فجعل يأتيه من تخلف فيحلفون له ، ويعتذرون إليه [ ص: 401 ] فيستغفر لهم ويقبل علانيتهم ، ويكل سرائرهم إلى الله فدخلت المسجد ، فإذا هو جالس فلما رآني تبسم تبسم المغضب ، فجئت فجلست بين يديه فقال : " ألم تكن ابتعت ظهرك ؟ " فقلت : بلى يا نبي الله . قال : " فما خلفك ؟ " فقلت : والله لو بين [ يدي ] أحد غيرك من الناس جلست لخرجت من سخطه علي بعذر ، لقد أوتيت جدلا ، ولقد علمت يا نبي الله أني إن أخبرتك اليوم بقول تجد علي فيه ، وهو حق فإني أرجو عفو الله ، وإن حدثتك اليوم حديثا ترضى عني فيه وهو كذب أوشك أن يطلعك الله عليه ، والله يا نبي الله ما كنت قط أيسر ولا أخف حاذا مني حين تخلفت عنك قال : " أما هذا فقد صدقكم الحديث ، قم حتى يقضي الله فيك " فقمت فثار على أثري أناس من قومي يؤنبوني فقالوا : والله ما نعلمك أذنبت ذنبا قط قبل هذا فهلا اعتذرت إلى نبي الله صلى الله عليه وسلم بعذر رضي عنك فيه ، وكان استغفار رسول الله صلى الله عليه وسلم سيأتي من وراء ذلك ، ولم تقف موقفا لا تدري ما يقضى لك فيه ، فلم يزالوا يؤنبوني حتى هممت أن أرجع فأكذب نفسي [ ص: 402 ] فقلت : هل قال هذا القول أحد غيري ؟ قالوا : نعم قاله هلال بن أمية ، ومرارة بن ربيعة فذكروا رجلين صالحين قد شهدا بدرا لي فيهما أسوة فقلت : لا والله لا أرجع إليه في هذا أبدا ، ولا أكذب نفسي قال : ونهى النبي صلى الله عليه وسلم الناس عن كلامنا أيها الثلاثة قال : فجعلت أخرج إلى السوق فلا يكلمني أحد وتنكر لنا الناس حتى ما هم بالذين نعرف ، وتنكرت لنا الحيطان حتى ما هي بالحيطان التي تعرف لنا ، وتنكرت لنا الأرض حتى ما هي بالأرض التي نعرف وكنت أقوى الناس فكنت أخرج في السوق ، وآتي المسجد فأدخل ، وآتي النبي صلى الله عليه وسلم فأسلم عليه فأقول : هل حرك شفتيه بالسلام ؟ فإذا قمت أصلي إلى سارية ، فأقبلت قبل صلاتي نظر إلي بمؤخر عينيه ، وإذا نظرت إليه أعرض عني قال : واستكان صاحباي فجعلا يبكيان الليل والنهار لا يطلعان رءوسهما فبينا أنا أطوف في السوق إذا رجل نصراني جاء بطعام له يبيعه يقول : من يدلني على nindex.php?page=showalam&ids=331كعب بن مالك ؟ قال : فطفق الناس يشيرون له إلي فأتاني ، وأتاني بصحيفة من ملك غسان فإذا [ ص: 403 ] فيها : " أما بعد فإنه بلغني أن صاحبك قد جفاك وأقصاك ، ولست بدار مضيعة ولا هوان فالحق بنا نواسك " قال : فقلت هذا أيضا من البلاء والشر ، فسجرت بها التنور فأحرقتها فيه فلما مضت أربعون ليلة إذا رسول من النبي صلى الله عليه وسلم قد أتاني فقال : اعتزل امرأتك فقلت : أطلقها ؟ قال : لا ولكن لا تقربها . قال : فجاءت امرأة هلال بن أمية فقالت : يا نبي الله إن هلال بن أمية شيخ كبير ضعيف فهل تأذن لي أن أخدمه ؟ قال : نعم ولكن لا يقربك قالت : يا نبي الله والله ما به من حركة لشيء ما زال مكبا يبكي الليل والنهار ، منذ كان أمره ما كان ، قال كعب : فلما طال علي البلاء اقتحمت على أبي قتادة حائطه ، وهو ابن عمي فسلمت عليه فلم يرد علي ، فقلت : أنشدك الله يا أبا قتادة ، أتعلم أني أحب الله ورسوله فسكت ، ثم قلت : أنشدك الله يا أبا قتادة أتعلم أني أحب الله ورسوله فسكت ، ثم قلت : أنشدك الله يا أبا قتادة أتعلم أني أحب الله ورسوله قال : الله ورسوله أعلم قال : فلم أملك نفسي أن بكيت ، ثم [ ص: 404 ] اقتحمت الحائط خارجا حتى إذا مضت خمسون ليلة من حين نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن كلامنا ، صليت على ظهر بيت لنا صلاة الفجر ، ثم جلست وأنا في المنزلة التي قال الله nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=118ضاقت عليهم الأرض بما رحبت وضاقت عليهم أنفسهم إذ سمعت نداء من ذروة سلع أن أبشر يا nindex.php?page=showalam&ids=331كعب بن مالك فخررت ساجدا ، وعرفت أن الله قد جاءنا بالفرح ، ثم جاء رجل يركض على فرس ، يبشرني فكان الصوت أسرع من فرسه ، فأعطيته ثوبي بشارة ولبس ثوبين آخرين قال : وكانت توبتنا نزلت على النبي صلى الله عليه وسلم ثلث الليل فقالت nindex.php?page=showalam&ids=54أم سلمة : يا نبي الله ألا نبشر nindex.php?page=showalam&ids=331كعب بن مالك ؟ قال : " إذا يحطمكم الناس ويمنعونكم النوم سائر الليلة " قال : وكانت nindex.php?page=showalam&ids=54أم سلمة محسنة في شأني تحزن بأمري ، فانطلقت إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فإذا هو جالس في المسجد وحوله المسلمون وهو يستنير كاستنارة القمر ، وكان إذا سر بالأمر استنار ، فجئت فجلست بين يديه فقال : nindex.php?page=treesubj&link=30880_33963 " أبشر يا nindex.php?page=showalam&ids=331كعب بن مالك بخير يوم أتى عليك منذ ولدتك أمك " قال : قلت يا نبي الله أمر من عند الله أم من عندك ؟ قال : " بل من عند الله " ثم تلا عليهم [ ص: 405 ] nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=117لقد تاب الله على النبي والمهاجرين والأنصار حتى بلغ ( التواب الرحيم ) قال : وفينا أنزلت أيضا nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=119اتقوا الله وكونوا مع الصادقين قال : قلت : يا نبي الله إن من توبتي إذا ألا أحدث إلا صدقا ، وأن أنخلع من مالي كله صدقة إلى الله وإلى رسوله ؟ فقال : " أمسك عليك بعض مالك فهو خير لك " فقلت : إني أمسك سهمي الذي بخيبر قال : فما أنعم الله علي نعمة بعد الإسلام أعظم في نفسي من صدقي رسول الله صلى الله عليه وسلم حين صدقته ، أنا وصاحباي أن لا نكون كذبناه فهلكنا ، كما هلكوا وإني لأرجو أن [ لا ] يكون الله عز وجل ابتلى أحدا في الصدق مثل الذي ابتلاني ، ما تعمدت لكذبة بعد وإني لأرجو أن يحفظني الله فيما بقي قال
nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري : فهذا ما انتهى إلينا من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=331كعب بن مالك .
حَدِيثُ الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا
9744
عَبْدُ الرَّزَّاقِ ، عَنْ
مَعْمَرٍ ، عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=12300الزُّهْرِيِّ قَالَ : أَخْبَرَنِي [
عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ كَعْبِ بْنِ ] مَالِكٍ ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=977352لَمْ أَتَخَلَّفْ عَنِ النَّبِيِّ [ ص: 398 ] صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَزَاةٍ غَزَاهَا حَتَّى كَانَتْ غَزْوَةُ تَبُوكَ إِلَّا بَدْرًا ، وَلَمْ يُعَاتِبِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحَدًا تَخَلَّفَ عَنْ بَدْرٍ إِنَّمَا خَرَجَ يُرِيدُ الْعِيرَ فَخَرَجَتْ قُرَيْشٌ مُغْوِثِينَ لِعِيرِهِمْ ، فَالْتَقَوْا عَنْ غَيْرِ مَوْعِدٍ كَمَا قَالَ اللَّهُ ، وَلَعَمْرِي nindex.php?page=treesubj&link=29313_30787_30789إِنَّ أَشْرَفَ مَشَاهِدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي النَّاسِ لَبَدْرٌ وَمَا أُحِبُّ أَنِّي كُنْتُ شَهِدْتُ مَكَانَ بَيْعَتِي لَيْلَةَ الْعَقَبَةِ حَيْثُ تَوَاثَقْنَا عَلَى الْإِسْلَامِ ، ثُمَّ لَمْ أَتَخَلَّفْ بَعْدُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَزَاةٍ غَزَاهَا حَتَّى كَانَتْ غَزْوَةُ تَبُوكَ ، وَهِيَ آخِرُ غَزْوَةٍ غَزَاهَا ، وَآذَنَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النَّاسَ بِالرَّحِيلِ وَأَرَادَ أَنْ يَتَأَهَّبُوا أُهْبَةَ غَزْوَةٍ وَذَلِكَ حِينَ طَابَ الظِّلَالُ ، وَطَابَتِ الثِّمَارُ ، وَكَانَ قَلَّ مَا أَرَادَ غَزْوَةً إِلَّا وَرَّى بِغَيْرِهَا وَكَانَ يَقُولُ : " nindex.php?page=treesubj&link=25558_29338الْحَرْبُ خُدْعَةٌ " فَأَرَادَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ أَنْ يَتَأَهَّبَ النَّاسُ أُهْبَةً ، وَأَنَا أَيْسَرُ مَا كُنْتُ وَقَدْ جَمَعْتُ رَاحِلَتِي وَأَنَا أَقْدَرُ شَيْءٍ فِي نَفْسِي عَلَى الْجِهَادِ وَخِفَّةِ الْحَاذِ ، وَأَنَا فِي ذَلِكَ أَصْغُو [ ص: 399 ] إِلَى الظِّلَالِ ، وَطِيبِ الثِّمَارِ ، فَلَمْ أَزَلْ كَذَلِكَ حَتَّى قَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَادِيًا بِغَدَاةٍ ، وَذَلِكَ يَوْمَ الْخَمِيسِ [ وَكَانَ يُحِبُّ أَنْ يَخْرُجَ يَوْمَ الْخَمِيسِ ] فَأَصْبَحَ غَادِيًا فَقُلْتُ : أَنْطَلِقُ غَدًا إِلَى السُّوقِ فَأَشْتَرِي جَهَازِي ، ثُمَّ أَلْحَقُهُمْ فَانْطَلَقْتُ إِلَى السُّوقِ مِنَ الْغَدِ فَعَسُرَ عَلِيَّ بَعْضُ شَأْنِي أَيْضًا فَقُلْتُ : أَرْجِعُ غَدًا إِنْ شَاءَ اللَّهُ ، فَلَمْ أَزَلْ كَذَلِكَ حَتَّى الْتَبَسَ بِيَ الذَّنْبُ ، وَتَخَلَّفْتُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَجَعَلْتُ أَمْشِي فِي الْأَسْوَاقِ ، وَأَطُوفُ بِالْمَدِينَةِ فَيُحْزِنُنِي أَنِّي لَا أَرَى أَحَدًا إِلَّا رَجُلًا مَغْمُوصًا عَلَيْهِ فِي النِّفَاقِ ، وَكَانَ لَيْسَ أَحَدٌ تَخَلَّفَ ، إِلَّا رَأَى أَنَّ ذَلِكَ سَيَخْفَى لَهُ وَكَانَ النَّاسُ كَثِيرًا لَا يَجْمَعُهُمْ دِيوَانٌ وَكَانَ جَمِيعُ مَنْ تَخَلَّفَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَضْعَةً وَثَمَانِينَ رَجُلًا [ ص: 400 ] وَلَمْ يَذْكُرْنِي النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى بَلَغَ تَبُوكَ ، فَلَمَّا بَلَغَ تَبُوكَ قَالَ : " مَا فَعَلَ nindex.php?page=showalam&ids=331كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ " قَالَ رَجُلٌ مِنْ قَوْمِي : خَلَّفَهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ بُرْدَاهُ وَالنَّظَرُ فِي عِطْفَيْهِ ، فَقَالَ nindex.php?page=showalam&ids=32مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ : بِئْسَ مَا قُلْتَ وَاللَّهِ يَا نَبِيَّ اللَّهِ مَا نَعْلَمُ [ عَلَيْهِ ] إِلَّا خَيْرًا قَالَ : فَبَيْنَا هُمْ كَذَلِكَ إِذَا هُمْ بِرَجُلٍ يَزُولُ بِهِ السَّرَابُ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " كُنْ يَا أَبَا خَيْثَمَةَ " فَإِذَا هُوَ أَبُو خَيْثَمَةَ قَالَ : فَلَمَّا قَضَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَزْوَةَ تَبُوكَ وَقَفَلَ وَدَنَا مِنَ الْمَدِينَةِ جَعَلْتُ أَنْظُرُ بِمَاذَا أَخْرَجُ مِنْ سَخَطِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَأَسْتَعِينُ عَلَى ذَلِكَ بِكُلِّ ذِي رَأْيٍ مِنْ أَهْلِي حَتَّى إِذَا قِيلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ مُصَبِّحُكُمْ غَدًا بِالْغَدَاةِ زَاحَ عَنِّي الْبَاطِلُ ، وَعَرَفْتُ أَلَّا أَنْجُوَ إِلَّا بِالصِّدْقِ ، فَدَخَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ضُحًى ، فَصَلَّى فِي الْمَسْجِدِ رَكْعَتَيْنِ ، وَكَانَ إِذَا جَاءَ مِنْ سَفَرٍ فَعَلَ ذَلِكَ دَخَلَ الْمَسْجِدَ فَصَلَّى فِيهِ رَكْعَتَيْنِ ، ثُمَّ nindex.php?page=treesubj&link=30881جَلَسَ فَجَعَلَ يَأْتِيهِ مَنْ تَخَلَّفَ فَيَحْلِفُونَ لَهُ ، وَيَعْتَذِرُونَ إِلَيْهِ [ ص: 401 ] فَيَسْتَغْفِرُ لَهُمْ وَيَقْبَلُ عَلَانِيَتَهُمْ ، وَيَكِلُ سَرَائِرَهُمْ إِلَى اللَّهِ فَدَخَلْتُ الْمَسْجِدَ ، فَإِذَا هُوَ جَالِسٌ فَلَمَّا رَآنِي تَبَسَّمَ تَبَسُّمَ الْمُغْضَبِ ، فَجِئْتُ فَجَلَسْتُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَقَالَ : " أَلَمْ تَكُنِ ابْتَعْتَ ظَهْرَكَ ؟ " فَقُلْتُ : بَلَى يَا نَبِيَّ اللَّهِ . قَالَ : " فَمَا خَلَّفَكَ ؟ " فَقُلْتُ : وَاللَّهِ لَوْ بَيْنَ [ يَدَيَّ ] أَحَدٌ غَيْرُكَ مِنَ النَّاسِ جَلَسْتُ لَخَرَجْتُ مِنْ سَخَطِهِ عَلِيَّ بِعُذْرٍ ، لَقَدْ أُوتِيتُ جَدَلًا ، وَلَقَدْ عَلِمْتُ يَا نَبِيَّ اللَّهِ أَنِّي إِنْ أَخْبَرْتُكَ الْيَوْمَ بِقَوْلٍ تَجِدُ عَلِيَّ فِيهِ ، وَهُوَ حَقٌّ فَإِنِّي أَرْجُو عَفْوَ اللَّهِ ، وَإِنْ حَدَّثْتُكَ الْيَوْمَ حَدِيثًا تَرْضَى عَنِّي فِيهِ وَهُوَ كَذِبٌ أَوْشَكَ أَنْ يُطْلِعَكَ اللَّهُ عَلَيْهِ ، وَاللَّهِ يَا نَبِيَّ اللَّهِ مَا كُنْتُ قَطُّ أَيْسَرَ وَلَا أَخَفَّ حَاذًا مِنِّي حِينَ تَخَلَّفْتُ عَنْكَ قَالَ : " أَمَّا هَذَا فَقَدْ صَدَقَكُمُ الْحَدِيثَ ، قُمْ حَتَّى يَقْضِيَ اللَّهُ فِيكَ " فَقُمْتُ فَثَارَ عَلَى أَثَرِي أُنَاسٌ مِنْ قَوْمِي يُؤَنِّبُونِي فَقَالُوا : وَاللَّهِ مَا نَعْلَمُكَ أَذْنَبْتَ ذَنْبًا قَطُّ قَبْلَ هَذَا فَهَلَّا اعْتَذَرْتَ إِلَى نَبِيِّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعُذْرٍ رَضِيَ عَنْكَ فِيهِ ، وَكَانَ اسْتِغْفَارُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَيَأْتِي مِنْ وَرَاءِ ذَلِكَ ، وَلَمْ تَقِفْ مَوْقِفًا لَا تَدْرِي مَا يُقْضَى لَكَ فِيهِ ، فَلَمْ يَزَالُوا يُؤَنِّبُونِي حَتَّى هَمَمْتُ أَنْ أَرْجِعَ فَأُكَذِّبَ نَفْسِي [ ص: 402 ] فَقُلْتُ : هَلْ قَالَ هَذَا الْقَوْلَ أَحَدٌ غَيْرِي ؟ قَالُوا : نَعَمْ قَالَهُ هِلَالُ بْنُ أُمَيَّةَ ، وَمُرَارَةُ بْنُ رَبِيعَةَ فَذَكَرُوا رَجُلَيْنِ صَالِحَيْنِ قَدْ شَهِدَا بَدْرًا لِي فِيهِمَا أُسْوَةٌ فَقُلْتُ : لَا وَاللَّهِ لَا أَرْجِعُ إِلَيْهِ فِي هَذَا أَبَدًا ، وَلَا أُكَذِّبُ نَفْسِي قَالَ : وَنَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النَّاسَ عَنْ كَلَامِنَا أَيُّهَا الثَّلَاثَةُ قَالَ : فَجَعَلْتُ أَخْرَجُ إِلَى السُّوقِ فَلَا يُكَلِّمُنِي أَحَدٌ وَتَنَكَّرَ لَنَا النَّاسُ حَتَّى مَا هُمْ بِالَّذِينَ نَعْرِفُ ، وَتَنَكَّرَتْ لَنَا الْحِيطَانُ حَتَّى مَا هِيَ بِالْحِيطَانِ الَّتِي تَعْرِفُ لَنَا ، وَتَنَكَّرَتْ لَنَا الْأَرْضُ حَتَّى مَا هِيَ بِالْأَرْضِ الَّتِي نَعْرِفُ وَكُنْتُ أَقْوَى النَّاسِ فَكُنْتُ أَخْرَجُ فِي السُّوقِ ، وَآتِي الْمَسْجِدَ فَأَدْخَلُ ، وَآتِي النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأُسَلِّمُ عَلَيْهِ فَأَقُولُ : هَلْ حَرَّكَ شَفَتَيْهِ بِالسَّلَامِ ؟ فَإِذَا قُمْتُ أُصَلِّي إِلَى سَارِيَةٍ ، فَأَقْبَلْتُ قِبَلَ صَلَاتِي نَظَرَ إِلَيَّ بِمُؤَخَّرِ عَيْنَيْهِ ، وَإِذَا نَظَرْتُ إِلَيْهِ أَعْرَضَ عَنِّي قَالَ : وَاسْتَكَانَ صَاحِبَايَ فَجَعَلَا يَبْكِيَانِ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لَا يُطْلِعَانِ رُءُوسَهُمَا فَبَيْنَا أَنَا أَطُوفُ فِي السُّوقِ إِذَا رَجُلٌ نَصْرَانِيٌّ جَاءَ بِطَعَامٍ لَهُ يَبِيعُهُ يَقُولُ : مَنْ يَدُلُّنِي عَلَى nindex.php?page=showalam&ids=331كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ ؟ قَالَ : فَطَفِقَ النَّاسُ يُشِيرُونَ لَهُ إِلَيَّ فَأَتَانِي ، وَأَتَانِي بِصَحِيفَةٍ مِنْ مَلِكِ غَسَّانَ فَإِذَا [ ص: 403 ] فِيهَا : " أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّهُ بَلَغَنِي أَنَّ صَاحِبَكَ قَدْ جَفَاكَ وَأَقْصَاكَ ، وَلَسْتَ بِدَارِ مَضْيَعَةٍ وَلَا هَوَانٍ فَالْحَقْ بِنَا نُوَاسِكَ " قَالَ : فَقُلْتُ هَذَا أَيْضًا مِنَ الْبَلَاءِ وَالشَّرِّ ، فَسَجَرْتُ بِهَا التَّنُّورَ فَأَحْرَقْتُهَا فِيهِ فَلَمَّا مَضَتْ أَرْبَعُونَ لَيْلَةً إِذَا رَسُولٌ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ أَتَانِي فَقَالَ : اعْتَزِلِ امْرَأَتَكَ فَقُلْتُ : أُطَلِّقُهَا ؟ قَالَ : لَا وَلَكِنْ لَا تَقْرَبْهَا . قَالَ : فَجَاءَتِ امْرَأَةُ هِلَالِ بْنِ أُمَيَّةَ فَقَالَتْ : يَا نَبِيَّ اللَّهِ إِنَّ هِلَالَ بْنَ أُمَيَّةَ شَيْخٌ كَبِيرٌ ضَعِيفٌ فَهَلْ تَأْذَنُ لِي أَنْ أَخْدُمَهُ ؟ قَالَ : نَعَمْ وَلَكِنْ لَا يَقْرَبْكِ قَالَتْ : يَا نَبِيَّ اللَّهِ وَاللَّهِ مَا بِهِ مِنْ حَرَكَةٍ لِشَيْءٍ مَا زَالَ مُكِبًّا يَبْكِي اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ ، مُنْذُ كَانَ أَمْرُهُ مَا كَانَ ، قَالَ كَعْبٌ : فَلَمَّا طَالَ عَلِيَّ الْبَلَاءُ اقْتَحَمْتُ عَلَى أَبِي قَتَادَةَ حَائِطَهُ ، وَهُوَ ابْنُ عَمِّي فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَلَمْ يَرُدَّ عَلِيَّ ، فَقُلْتُ : أَنْشُدُكَ اللَّهَ يَا أَبَا قَتَادَةَ ، أَتَعْلَمُ أَنِّي أُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَسَكَتَ ، ثُمَّ قُلْتُ : أَنْشُدُكَ اللَّهَ يَا أَبَا قَتَادَةَ أَتَعْلَمُ أَنِّي أُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَسَكَتَ ، ثُمَّ قُلْتُ : أَنْشُدُكَ اللَّهَ يَا أَبَا قَتَادَةَ أَتَعْلَمُ أَنِّي أُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ قَالَ : اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ قَالَ : فَلَمْ أَمْلِكْ نَفْسِي أَنْ بَكَيْتُ ، ثُمَّ [ ص: 404 ] اقْتَحَمْتُ الْحَائِطَ خَارِجًا حَتَّى إِذَا مَضَتْ خَمْسُونَ لَيْلَةً مِنْ حِينِ نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ كَلَامِنَا ، صَلَّيْتُ عَلَى ظَهْرِ بَيْتٍ لَنَا صَلَاةَ الْفَجْرِ ، ثُمَّ جَلَسْتُ وَأَنَا فِي الْمَنْزِلَةِ الَّتِي قَالَ اللَّهُ nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=118ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ إِذْ سَمِعْتُ نِدَاءً مِنْ ذِرْوَةِ سَلْعٍ أَنْ أَبْشِرْ يَا nindex.php?page=showalam&ids=331كَعْبُ بْنَ مَالِكٍ فَخَرَرْتُ سَاجِدًا ، وَعَرَفْتُ أَنَّ اللَّهَ قَدْ جَاءَنَا بِالْفَرَحِ ، ثُمَّ جَاءَ رَجُلٌ يَرْكُضُ عَلَى فَرَسٍ ، يُبَشِّرُنِي فَكَانَ الصَّوْتُ أَسْرَعَ مِنْ فَرَسِهِ ، فَأَعْطَيْتُهُ ثَوْبِي بِشَارَةً وَلَبِسَ ثَوْبَيْنِ آخَرَيْنِ قَالَ : وَكَانَتْ تَوْبَتُنَا نَزَلَتْ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُلُثَ اللَّيْلِ فَقَالَتْ nindex.php?page=showalam&ids=54أُمُّ سَلَمَةَ : يَا نَبِيَّ اللَّهِ أَلَا نُبَشِّرُ nindex.php?page=showalam&ids=331كَعْبَ بْنَ مَالِكٍ ؟ قَالَ : " إِذًا يَحْطِمُكُمُ النَّاسُ وَيَمْنَعُونَكُمُ النَّوْمَ سَائِرَ اللَّيْلَةِ " قَالَ : وَكَانَتْ nindex.php?page=showalam&ids=54أُمُّ سَلَمَةَ مُحْسِنَةً فِي شَأْنِي تَحْزَنُ بِأَمْرِي ، فَانْطَلَقْتُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَإِذَا هُوَ جَالِسٌ فِي الْمَسْجِدِ وَحَوْلَهُ الْمُسْلِمُونَ وَهُوَ يَسْتَنِيرُ كَاسْتِنَارَةِ الْقَمَرِ ، وَكَانَ إِذَا سُرَّ بِالْأَمْرِ اسْتَنَارَ ، فَجِئْتُ فَجَلَسْتُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَقَالَ : nindex.php?page=treesubj&link=30880_33963 " أَبْشِرْ يَا nindex.php?page=showalam&ids=331كَعْبُ بْنَ مَالِكٍ بِخَيْرِ يَوْمٍ أَتَى عَلَيْكَ مُنْذُ وَلَدَتْكَ أُمُّكَ " قَالَ : قُلْتُ يَا نَبِيَّ اللَّهِ أَمْرٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ أَمْ مِنْ عِنْدِكَ ؟ قَالَ : " بَلْ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ " ثُمَّ تَلَا عَلَيْهِمْ [ ص: 405 ] nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=117لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ حَتَّى بَلَغَ ( التَّوَّابُ الرَّحِيمُ ) قَالَ : وَفِينَا أُنْزِلَتْ أَيْضًا nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=119اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ قَالَ : قُلْتُ : يَا نَبِيَّ اللَّهِ إِنَّ مِنْ تَوْبَتِي إِذًا أَلَّا أُحَدِّثَ إِلَّا صِدْقًا ، وَأَنْ أَنْخَلِعَ مِنْ مَالِي كُلِّهِ صَدَقَةً إِلَى اللَّهِ وَإِلَى رَسُولِهِ ؟ فَقَالَ : " أَمْسِكْ عَلَيْكَ بَعْضَ مَالِكَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ " فَقُلْتُ : إِنِّي أُمْسِكُ سَهْمِيَ الَّذِي بِخَيْبَرَ قَالَ : فَمَا أَنْعَمَ اللَّهُ عَلِيَّ نِعْمَةً بَعْدَ الْإِسْلَامِ أَعْظَمَ فِي نَفْسِي مِنْ صِدْقِي رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ صَدَقْتُهُ ، أَنَا وَصَاحِبَايَ أَنْ لَا نَكُونَ كَذَبْنَاهُ فَهَلَكْنَا ، كَمَا هَلَكُوا وَإِنِّي لَأَرْجُو أَنْ [ لَا ] يَكُونَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ابْتَلَى أَحَدًا فِي الصِّدْقِ مِثْلَ الَّذِي ابْتَلَانِي ، مَا تَعَمَّدْتُ لِكَذِبَةٍ بَعْدُ وَإِنِّي لَأَرْجُو أَنْ يَحْفَظَنِي اللَّهُ فِيمَا بَقِيَ قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12300الزُّهْرِيُّ : فَهَذَا مَا انْتَهَى إِلَيْنَا مِنْ حَدِيثِ
nindex.php?page=showalam&ids=331كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ .