بدء مرض رسول الله صلى الله عليه وسلم  
 9754  عبد الرزاق  ، عن  معمر  ، عن   الزهري  قال : أخبرني  أبو بكر بن   [ ص: 429 ] عبد الرحمن بن الحارث بن هشام  ، عن   أسماء بنت عميس  قالت :  أول ما اشتكى رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيت  ميمونة  ، فاشتد مرضه حتى أغمي عليه   قال : فتشاور نساؤه في لده فلدوه ، فلما أفاق قال : " هذا فعل نساء جئن من هؤلاء " وأشار إلى أرض الحبشة ، وكانت أسماء بنت عميس فيهن قالوا : كنا نتهم بك ذات الجنب يا رسول الله قال : " إن ذلك لداء ما كان الله ليقذفني به لا يبقين في البيت أحد إلا التد إلا عم رسول الله صلى الله عليه وسلم " يعني  عباسا  قال : فلقد التدت  ميمونة  يومئذ وإنها لصائمة لعزيمة رسول الله صلى الله عليه وسلم     .  
قال   الزهري     : وأخبرني   عبيد الله بن عبد الله بن عتبة  أن  عائشة  أخبرته قالت : "  أول ما اشتكى رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيت ميمونة فاستأذن أزواجه أن يمرض في بيتي   فأذن له قالت : فخرج ويد له على الفضل بن عباس ، ويد أخرى على يد رجل آخر ، وهو يخط برجليه في الأرض " ، فقال  عبيد الله     : فحدثت به   ابن عباس  ، فقال : " أتدري      [ ص: 430 ] من الرجل الذي لم تسم  عائشة  ؟ هو   علي بن أبي طالب  ، ولكن  عائشة  لا تطيب لها نفسا بخير "     .  
قال   الزهري :  وأخبرني  عروة  عن غيره ، عن  عائشة  قالت :  قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في مرضه الذي مات فيه : "  صبوا علي من سبع قرب لم تحلل أوكيتهن لعلي أستريح فأعهد إلى الناس      " قالت  عائشة     : فأجلسناه في مخضب لحفصة من نحاس وسكبنا عليه الماء ، حتى طفق يشير إلينا أن قد فعلتن ثم خرج .  
قال الزهري : وأخبرني عبد الرحمن بن كعب بن مالك وكان أبوه أحد الثلاثة الذين تيب عليهم ، عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم      [ ص: 431 ] أن النبي صلى الله عليه وسلم قام يومئذ خطيبا فحمد الله ، وأثنى عليه واستغفر للشهداء الذين قتلوا يوم أحد قال : " إنكم يا معشر المهاجرين إنكم تزيدون والأنصار لا يزيدون ، الأنصار عيبتي التي أويت إليها فأكرموا كريمهم ، وتجاوزوا عن مسيئهم     " .  
قال   الزهري     :  سمعت رجلا يذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : "  إن عبدا خيره ربه بين الدنيا والآخرة فاختار ما عند ربه      " ، ففطن أبو بكر أنه يريد نفسه فبكى ، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : " على رسلك " ، ثم قال : " سدوا هذه الأبواب الشوارع في المسجد إلا باب  أبي بكر  رحمه الله ، فإني لا أعلم رجلا أحسن يدا عندي من الصحابة من  أبي بكر     "     .  
قال   الزهري :  وأخبرني   عبيد الله بن عبد الله بن عتبة  ، أن  عائشة  ،  وابن العباس  أخبراه  أن النبي صلى الله عليه وسلم حين نزل به جعل يلقي خميصة له على وجهه ، فإذا اغتم كشفها عن وجهه وهو يقول : "  لعنة الله      [ ص: 432 ] على اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد      " . قال : تقول  عائشة     : " يحذر مثل الذي فعلوا " .  
قال  معمر     : قال   الزهري     : وقال النبي صلى الله عليه وسلم  لعبد الله بن زمعة     : " مر الناس فليصلوا " ، فخرج  عبد الله بن زمعة  فلقي   عمر بن الخطاب  ، فقال : صل بالناس فصلى  عمر  بالناس فجهر بصوته وكان جهير الصوت ، فسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال :    " أليس هذا صوت  عمر  ؟ " قالوا : بلى يا رسول الله ، فقال : " يأبى الله ذلك والمؤمنون ، ليصل بالناس  أبو بكر     "   ، فقال  عمر  لعبد الله بن زمعة     : بئس ما صنعت كنت أرى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرك أن تأمرني قال : لا والله ما أمرني أن آمر أحدا     .  
قال   الزهري     : وأخبرني  عبد الله بن عمر  ، عن  عائشة  قالت :  لما ثقل رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : "  مروا أبا بكر فليصل بالناس      " قالت : قلت :      [ ص: 433 ] يا رسول الله إن أبا بكر رجل رقيق إذا قرأ القرآن لا يملك دمعه ، فلو أمرت غير أبي بكر قالت : والله ما بي إلا كراهية أن يتشاءم الناس بأول من يقوم في مقام رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت : فراجعته مرتين أو ثلاثا ، فقال : " ليصل بالناس  أبو بكر  ، فإنكن صواحب  يوسف      "     .  
قال   الزهري     : وأخبرني أنس بن مالك قال :  لما كان يوم الاثنين كشف رسول الله صلى الله عليه وسلم ستر الحجرة فرأى  أبا بكر  وهو يصلي بالناس   قال : فنظرت إلى وجهه كأنه ورقة مصحف ، وهو يبتسم قال : وكدنا أن نفتتن في صلاتنا فرحا برؤية رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فإذا  أبو بكر  دار ينكص فأشار إليه النبي صلى الله عليه وسلم : " أن كما أنت " ، ثم أرخى الستر فقبض من يومه ذلك ،  وقام  عمر  فقال : " إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يمت ، ولكن ربه أرسل إليه كما أرسل إلى  موسى   أربعين ليلة عن أربعين ليلة ، والله إني لأرجو أن يعيش رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى يقطع أيدي رجال من المنافقين ، وألسنتهم يزعمون أو قال : يقولون إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد مات     " .  
قال  معمر     : وأخبرني  أيوب  ، عن  عكرمة  قال : قال  العباس بن   [ ص: 434 ] عبد المطلب     :  والله لأعلمن ما بقاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فينا ، فقلت : يا رسول الله لو اتخذت شيئا تجلس عليه يدفع عنك الغبار ويرد عنك الخصم ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم :    " لأدعنهم ينازعوني ردائي ، ويطئون عقبي ، ويغشاني غبارهم حتى يكون الله يريحني منهم "      . فعلمت أن بقاءه فينا قليل قال : فلما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم قام  عمر  ، فقال : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يمت ، ولكن صعق كما صعق  موسى   ، والله إني لأرجو أن يعيش رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى يقطع أيدي رجال وألسنتهم من المنافقين يقولون : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد مات ، فقام العباس بن عبد المطلب ، فقال : أيها الناس هل عند أحد منكم عهد أو عقد من رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قالوا : اللهم لا قال : فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يمت حتى وصل الحبال ثم حارب ، وواصل وسالم ، ونكح النساء وطلق ، وترككم عن حجة بينة ، وطريق ناهجة ، فإن يك ما يقول ابن الخطاب حقا فإنه لن يعجز الله أن يحثو عنه  
 [ ص: 435 ] فيخرجه إلينا ، وإلا فخل بيننا وبين صاحبنا فإنه  يأسن  كما  يأسن  الناس     " .  
قال   الزهري     : وأخبرني  ابن كعب بن مالك  ،  عن ابن عباس قال : خرج  العباس  وعلي  من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم في مرضه فلقيهما رجل ، فقال : كيف أصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم يا  أبا حسن  ؟ فقال : أصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم بارئا ، فقال  العباس   لعلي بن أبي طالب     : أنت بعد ثلاث لعبد العصا ثم حل به ، فقال : إنه يخيل إلي ، إني لأعرف وجوه  بني عبد المطلب   عند الموت ، وإني خائف ألا يقوم رسول الله صلى الله عليه وسلم من وجعه هذا ، فاذهب بنا إليه فلنسأله ، فإن يك هذا الأمر إلينا علمنا ذلك ، وإلا يك إلينا أمرناه أن يستوصي بنا خيرا ، فقال له  علي     : "  أرأيت إذ جئناه فلم يعطناها ، أترى      [ ص: 436 ] الناس أن يعطوها ، والله لا أسأله إياها أبدا "   ، قال   الزهري     : قالت  عائشة  فلما اشتد مرض رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " في الرفيق الأعلى " ثلاث مرات ثم قبض     .  
قال  معمر     : وسمعت  قتادة  يقول :  آخر شيء تكلم به رسول الله صلى الله عليه وسلم : " اتقوا الله في النساء ، وما ملكت أيمانكم "     .  
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					