الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد

ابن عبد البر - أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر

صفحة جزء
420 [ ص: 79 ]

حديث خامس وستون ليحيى بن سعيد

867 مالك عن يحيى بن سعيد أنه قال : بلغني أن : أول ما ينظر فيه من عمل العبد الصلاة ، فإن قبلت منه نظر فيما بقي من عمله ، وإن لم تقبل منه لم ينظر في شيء من عمله .

التالي السابق


وهذا لا يكون رأيا ، ولا اجتهادا ، وإنما هو توقيف ، وقد روي مسندا ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من وجوه صحاح .

حدثنا أحمد بن فتح قال : حدثنا الحسن بن عبد الله بن الخضر قال : حدثنا إسحاق بن إبراهيم بن يونس قال : حدثنا عمر بن موسى السامي حدثنا حماد بن سلمة عن داود بن أبي هند عن زرارة بن أوفى عن تميم الداري قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة صلاته .

حدثنا سعيد بن نصر قال : حدثنا قاسم بن أصبغ قال : حدثنا ابن وضاح قال : حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال : حدثنا يزيد بن هارون عن سفيان بن حسين عن علي بن زيد عن أنس بن حكيم الضبي قال : قال لي أبو هريرة : إذا أتيت أهل مصرك فأخبرهم أني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : أول ما يحاسب به العبد المسلم الصلاة المكتوبة فإن أتمها ، وإلا قيل : انظروا هل له من تطوع ، فإن كان له [ ص: 80 ] تطوع أكملت الفريضة من تطوعه ، ثم يفعل بسائر الأعمال المفروضة مثل ذلك .

حدثنا أحمد بن محمد قال : حدثنا أحمد بن الفضل بن العباس قال : حدثنا الحسن بن علي الأنطاكي قال : حدثنا محمد بن سعيد بن غالب وحدثنا عبد الله بن محمد قال : حدثنا محمد بن بكر قال : حدثنا أبو داود قال : حدثنا يعقوب بن إبراهيم قالا : حدثنا إسماعيل ابن علية قال : حدثنا يونس بن الحسن عن أنس بن حكيم الضبي أنه أتى المدينة فلقي أبا هريرة فقال له : يا فتى ، ألا أحدثك حديثا لعل الله أن ينفعك به ؟ قلت : بلى . قال : إن أول ما يحاسب به الناس يوم القيامة من أعمالهم الصلاة . فيقول ربنا تبارك وتعالى لملائكته وهو أعلم : انظروا في صلاة عبدي أتمها ، أم نقصها ؟ فإن كانت تامة كتبت له تامة ، وإن كان انتقص منها شيئا قال : انظروا هل لعبدي من تطوع ؟ فإن كان له تطوع قال : أكملوا لعبدي فريضته من تطوعه . ثم تؤخذ الأعمال على ذلك .

قال يونس : وأحسبه ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - .

قال أبو داود وحدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا حماد عن داود بن أبي هند عن زرارة بن أوفى عن تميم الداري عن النبي - صلى الله عليه وسلم - [ ص: 81 ] بهذا المعنى .

قال ، ثم الزكاة مثل ذلك ، ثم تؤخذ الأعمال على حسب ذلك .

قال أبو عمر : أما إكمال الفريضة من التطوع فإنما يكون ذلك ، والله أعلم فيمن سها عن فريضة ، فلم يأت بها ، أو لم يحسن ركوعها ، ولم يدر قدر ذلك ، وأما من تعمد تركها أو نسي ، ثم ذكرها فلم يأت بها عامدا ، واشتغل بالتطوع عن أداء فرضه ، وهو ذاكر له فلا تكمل له فريضته تلك من تطوعه ، والله أعلم .

وقد روي من حديث الشاميين في هذا الباب حديث هو عندي منكر ، والله أعلم يرويه محمد بن حمير عن عمرو بن قيس السكوني عن عبد الله بن قرط عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : من صلى صلاة لم يكمل فيها ركوعه ، وسجوده ، وخشوعه زيد فيها من سبحاته حتى تتم .

وهذا لا يحفظ ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - إلا من هذا الوجه ، وليس بالقوي ، وإن صح كان معناه أنه خرج من صلاته وقد أتمها عند نفسه ، وليست في الحكم بتامة ، والله أعلم .

هذا على أنه قد كان يلزمه أن يتعلم ، فإن عذب عذب على ترك التعلم ، وإن عفي عنه فالله أهل العفو وأهل المغفرة [ ص: 82 ] .

وأما قوله في حديث يحيى بن سعيد : فإن قبلت منه نظر فيما بقي من عمله فمعنى القبول والله أعلم أن توجد تامة على ما يلزمه منها لزوم فرض ، فإن وجدت كذلك قبلت ، ونظر في سائر عمله .

وآثار هذا الباب يعضد هذا التأويل إن شاء الله ، ولا يصح غيره على الأصول الصحاح ، والله أعلم .

حدثنا عبد الوارث بن سفيان قال : حدثنا قاسم بن أصبغ قال : حدثنا أحمد بن زهير قال : حدثنا موسى بن إسماعيل قال : حدثنا أبان بن يزيد قال : حدثنا قتادة عن الحسن عن أنس بن حكيم عن أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة يحاسب بصلاته فإن صلحت فقد أفلح وأنجح ، وإن فسدت فقد خاب وخسر .




الخدمات العلمية