الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
الفصل الثالث

5090 - عن زيد بن طلحة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن لكل دين خلقا وخلق الإسلام الحياء " . رواه مالك مرسلا .

التالي السابق


الفصل الثالث

5090 - ( عن زيد بن طلحة ) : تابعي روى عنه سلمة بن صوان الزرقي ، أخرج حديثه مالك في الحياء ذكره المؤلف . ( قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إن لكل دين خلقا ) أي : مختصا به أو غالبا فيه ( وخلق الإسلام الحياء ) أي : فيما شرع فيه الحياء بخلاف ما لم يشرع فيه كتعلم العلم والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، والحكم بالحق ، والقيام به ، وأداء الشهادات على وجهها ، كذا ذكره السيوطي ، وفيه أن ارتكاب المذكورات لا يخلو عن الحياء عن الحق ، وعدم الالتفات إلى الخلق على ما سبق تحقيقه وحقق طريقه ، فالحكم على عمومه من استعمال الحياء من الله في جميع الأحكام بأن يستحيي من فعل الآثام ، ومن ترك شعبة من شعب الإسلام ، بل ولا عبرة بالحياء من الأنام لا فعلا ولا تركا عند علماء الأعلام . وفي النهاية : الخلق الدين والطبع والسجية . قلت : المراد هنا السجية أي : بمعنى الخصلة أي : لكل دين سجية شرعت فيه ، وحض أهل ذلك الدين عليها . قال الطيبي : والمعنى أن الغالب على أهل كل دين سجية سوى الحياء ، والغالب على أهل ديننا الحياء لأنه متمم لمكارم الأخلاق ، وإنما بعث - صلى الله عليه وسلم - لإتمامها ، وقال يوما لأصحابه : " استحيوا من الله تعالى حق الحياء " . الحديث . قلت : الظاهر أن المعنى أن الغالب على أهل كل دين سجية سوى الحياء ، فإنها مختصة بالغلبة لنا مع اشتراكنا بجميع الملل في سائر السجيات ، لقوله عليه الصلاة والسلام : " بعثت لأتمم مكارم الأخلاق ، بل الأظهر أن الأخلاق كلها كانت ناقصة فيمن قبلنا ، وإنما كملت في ديننا ببركة نبينا - صلى الله عليه وسلم - ولذا قال تعالى : كنتم خير أمة أخرجت للناس الآية . ( رواه مالك ) أي : عن زيد بن طلحة ( مرسلا ) : لأنه تابعي .




الخدمات العلمية