الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
5096 - وعن مالك - رضي الله عنه - بلغه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " بعثت لأتمم حسن الأخلاق " . رواه في " الموطأ " .

التالي السابق


5096 - ( وعن مالك ، بلغه ) : بتخفيف اللام وضمير المفعول إليه ، والفاعل قوله ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ) : وهو يحتمل أن يكون متصلا عند مالك ، لكنه لم يذكر التابعي ولا الصحابي ، وأن يكون منقطعا بأن ترك فيه راويان ، وهذا هو الظاهر وإلا لذكر الصحابي ، فكان مرفوعا ، أو ذكر التابعي فكان مرسلا . وقال الطيبي : هذا يحتمل أن يكون متصلا ، وراوي مالك لم يذكر الاتصال وأن يكون مرسلا . وإن لم يذكر مالك التابعي ، ولا الصحابي ، وقيل إنه منقطع . قلت : هذا كله احتمالات عقلية وكونه منقطعا هو الموافق للقواعد الحديثية ، إذ لا يقال في غيره أنه بلغه ، بل التحقيق أنه من قبيل المعلق ، وفيه بحث طويل بينته في شرح النخبة في أصول الحديث . ( قال : بعثت ) : بصيغة المفعول أي : أرسلت إلى الخلق ( لأتمم حسن الأخلاق ) : بضم حاء وسكون سين ، أي : الأخلاق الحسنة والأفعال المستحسنة ، وفي نسخة : بفتحتين أي لأن أجعل حسنها أحسنها قال البيضاوي : وكانت العرب أحسن أخلاقا بما بقي عندهم من شريعة إبراهيم عليه السلام ، وكانوا ضلوا بالكفر عن كثير منها : فبعث - صلى الله عليه وسلم - ليتمم محاسن الأخلاق ، ذكره السيوطي ، والتحقيق ما قدمناه فيما سبق .

وقال الطيبي : قوله : لأتمم إلخ . يحتمل أن يراد به أنه كملها بعد النقصان وأنه جمعها بعد التفرقة ، وعليه قوله تعالى : أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده قال الإمام فخر الدين : الآية دالة على فضله عليه الصلاة والسلام ، لأنه تعالى أمره بالاقتداء بهداهم ، ولا بد له من امتثاله لذلك الأمر ، فوجب أن يجتمع فيه جميع خصائلهم وأخلاقهم المتفرقة ، وإلى معنى الأول أشار صلى الله عليه وسلم بقوله : " مثلي ومثل الأنبياء كمثل قصر أحسن بنيانه وترك موضع لبنة منه " إلى أن قال : " لكنت أنا سددت موضع تلك اللبنة حتى تم بي البنيان " اهـ . ولا منع من الجمع بين القولين لأنه - صلى الله عليه وسلم - كان في مرتبة جمع الجمع ، الله يجمع بيننا في المسير وإليه المصير . ( رواه ) أي : مالك ( في الموطأ ) : وتقدم ما فيه من المناقشة أو يصير التقدير رواه مالك عن مالك ، فكان حق المؤلف أن يقول : كذا في الموطأ .

[ ص: 3184 ]



الخدمات العلمية