الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
5320 - وعن أنس - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " من كانت نيته طلب الآخرة جعل الله غناه في قلبه ، وجمع له شمله ، وأتته الدنيا وهي راغمة ، ومن كانت نيته طلب الدنيا جعل الله الفقر بين عينيه ، وشتت عليه أمره ، ولا يأتيه منها إلا ما كتب له " . رواه الترمذي .

التالي السابق


5320 - ( وعن أنس : أن النبي - صلى الله تعالى عليه وسلم - قال : " من كانت نيته " ) أي : قصده الأصلي في الأمر العلمي والعملي ( " طلب الآخرة " ) أي : مرضاة مولاه ( " جعل الله غناه في قلبه " ) أي : جعله قانعا بالكاف والكفالة كيلا يتعب في طلب الزيادة ( " وجمع له شمله " ) أي : أموره المتفرقة بأن جعله مجموع الخاطر بتهيئة أسبابه من حيث لا يشعر به ( " وأتته الدنيا " ) أي : ما قدر وقسم له منها ( " وهي راغمة " ) أي : ذليلة حقيرة تابعة له ، لا يحتاج في طلبها إلى سعي كثير ، بل تأتيه هينة لينة ، على رغم أنفها وأنف أربابها ; ولذا قيل : العلم يعطي ولو يبطي ، ( " ومن كانت نيته طلب الدنيا جعل الله الفقر " ) أي : جنس الاحتياج إلى الخلق ، كالأمر المحسوس منصوبا ( " بين عينيه وشتت " ) بتشديد التاء الأولى ، أي : فرق ( " عليه أمره ولا يأتيه منها " ) أي : من الدنيا ( " إلا ما كتب له " ) أي : وهو راغم فلا يأتيه ما يطلب من الزيادة ، على رغم أنفه وأنف أصحابه .

قال الطيبي - رحمه الله تعالى - : يقال جمع الله شمله أي : ما تشتت من أمره ، وفرق الله شمله أي : ما اجتمع من أمره ، فهو من الأضداد ، والحديث من باب التقابل والمطابقة ، فقوله : جعل الله غناه في قلبه ، مقابل لقوله : جعل الله الفقر بين عينيه ، وقوله : جمع الله شمله ، مقابل لقوله : وشتت عليه أمره ، وقوله : وأتته الدنيا وهي راغمة ، لقوله : ولا يأتيه منها إلا ما كتب له ، فيكون معنى الأول : وأتاه ما كتب له من الدنيا وهي راغمة ، ومعنى الثاني : وأتاه ما كتب له من الدنيا وهو راغم . ( رواه الترمذي ) أي : عن أنس .




الخدمات العلمية