الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
5507 - وعن جابر - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم : " لا تزال طائفة من أمتي يقاتلون على الحق ظاهرين إلى يوم القيامة " قال : " فينزل عيسى ابن مريم ، فيقول أميرهم : تعال صل لنا فيقول : لا إن بعضكم على بعض أمراء ، تكرمة الله هذه الأمة " . رواه مسلم .

التالي السابق


5507 - ( وعن جابر قال : قال رسول الله - صلى الله تعالى عليه وسلم : " لا تزال طائفة من أمتي يقاتلون على الحق " ) : إما مقاتلة حسية أو معنوية على ظهور الحق ، أو حال كونهم على الحق ( " ظاهرين " ) أي : غالبين ، أي : على أعدائهم ; قال تعالى : فإن حزب الله هم الغالبون ، ( " إلى يوم القيامة " ) أي : إلى قرب قيام الساعة ، ( قال ) أي : النبي - صلى الله تعالى عليه وسلم : ( " فينزل عيسى بن مريم فيقول أميرهم " ) أي : المهدي ( " تعال " ) : بفتح اللام أي : احضر وتقدم ( " وصل " ) : بدل أو استئناف بيان ، والمعنى : أم ( " لنا " ) أي : في صلاتنا ، فإن الأولى بالإمامة هو الأفضل ، وأنت النبي - صلى الله تعالى عليه وسلم - الرسول الكمل ، وفي رواية : تعال فصل لنا ( " فيقول : لا " ) أي : لا أصير إماما لكم ; لئلا يتوهم بإمامتي لكم نسخ دينكم ، وقيل : تعلل بأن هذه الصلاة أقيمت لإمامكم ، فهو أولى بها ، لكن يؤيد الأول إطلاق قوله : ( " إن بعضكم على بعض أمراء " ) أي : دينية أو دنيوية ، وإن على الإعانة المعية ( " تكرمة الله هذه الأمة " ) أي : إكراما منه سبحانه لهذه الجماعة المكرمة .

قال القاضي - رحمه الله : تكرمة الله نصب على المفعول لأجله ، والعامل محذوف ، والمعنى : شرع الله أن يكون إمام المسلمين منهم ، وأميرهم من عدادهم ، تكرمة لهم وتفخيما لشأنهم ، أو على أنه مصدر مؤكد لمضمون الجملة التي قبله .

قال التفتازاني قي شرح العقائد : الأصح أن عيسى - عليه الصلاة والسلام - يصلي بالناس ، ويؤمهم ، ويقتدي به المهدي ; لأنه أفضل وإمامته أولى . قال ابن أبى شريف : هذا يوافق في مسلم من قوله : وإمامكم منكم ، لكنه فيه ما يخالفه ، وهو حديث جابر ، ويمكن الجمع بينهما بأن يكون صلى بهم أول نزوله ; تنبيها على أنه نزل مقتدى به في الحكم على شريعتهم ، ثم دعى إلى الصلاة فأشار بأن يؤمهم المهدي ; إظهارا لإكرام الله به هذه الأمة . قلت : ويمكن الجمع بالعكس أيضا ، وربما يدعى أنه الأولى ، على أن قوله : إمامكم منكم ظاهر في أن المهدي هو الإمام ، والله تعالى أعلم بالمرام .

قال : وأما كونه أفضل ، فلا يلزم منه بطلان الاقتداء بغيره ، وأما الأولوية بالأفضلية فيعارضها إظهار تكرمة الله تعالى هذه الأمة بدوام شريعته ، كما نطق به الحديث . ( رواه مسلم ) .

( وهذا الباب خال عن الفصل الثاني ) يعني : عن الأحاديث الموصوفة بالحسان على اصطلاح البغوي المعبر عنها بالفصل الثاني على مصطلح صاحب المشكاة ، أي : الموضوع في الأحاديث الزائدة لصاحب المشكاة على المصابيح المناسبة للباب .




الخدمات العلمية