الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
الفصل الثاني

5657 - عن ابن عمر - رضي الله تعالى عنهما - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم : " إن أدنى أهل الجنة منزلة لمن ينظر إلى جنانه وأزواجه ونعيمه وخدمه وسرره مسيرة ألف سنة ، وأكرمهم على الله من ينظر إلى وجهه غدوة وعشية " ثم قرأ وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة . رواه أحمد والترمذي .

التالي السابق


الفصل الثاني

5657 - ( عن ابن عمر - رضي الله تعالى عنهما - قال : قال رسول الله - صلى الله تعالى عليه وسلم : " إن أدنى أهل الجنة منزلة ) أي أقلهم مرتبة ( لمن ينظر إلى جنانه ) بكسر الجيم أي بساتينه ( وأزواجه ) أي نسائه وحوره ( ونعيمه ) أي ما يتنعم به ( وخدمه ) أي من الولدان ( وسرره مسيرة ألف سنة ) أي حال كون جنانه وما عطف عليها كائنة في مسافة ألف سنة ، والمعنى أن ملكه مقدار تلك المسافة . قيل : هو كناية عن كون الناظر يملك في الجنة ما يكون مقداره مسيرة ألف سنة ؛ لأن الملكية في الجنة خلاف ما في الدنيا . وفي التركيب تقديم وتأخير ؛ إذ جعل الاسم وهو قوله : " لمن ينظر " خبرا ، أو الخبر وهو " أدنى منزلة " اسما ؛ اعتناء بشأن المقدم ، لأن المطلوب بيان ثواب أهل الجنة وسعتها ، وأن أدناهم منزلة من يكون ملكه كذا ، ونحوه قوله تعالى : إن خير من استأجرت القوي الأمين خبرا ( وأكرمهم ) بالنصب عطفا على أدنى ، وفي نسخة بالرفع عطفا على مجموع اسم إن وخبرها ، أي وأكثرهم كرامة ( على الله ) وأعلاهم منزلة وأقربهم رتبة عنده سبحانه ( من ينظر إلى وجهه ) أي ذاته ( غدوة ) بضم الغين ( وعشية ) أي صباحا ومساء ؛ ولهذا وصى بالمحافظة على صلاتي طرفي النهار كما مر ، أو المراد بهما أن يكون النظر دواما على أن الغدوة عبارة عن النهار والعشية عبارة عن الليل مجازا بذكر الجزء وإرادة الكل ، أو بذكر أول الشيء وإرادة تمامه ، لكن الأول أظهر ؛ لأنه لو كان النظر على وجه الدوام لما انتفعوا بسائر النعيم وقد خلقت لهم ، ومما يؤيده أيضا ما رواه الحاكم عن بريدة مرفوعا أن أهل الجنة يدخلون على الجبار كل يوم مرتين ، فيقرأ عليهم القرآن ، وقد جلس كل امرئ منهم مجلسه الذي هو مجلسه على منابر الدر والياقوت والزمرد والذهب والفضة - بالأعمال - فلا تقر أعينهم قط كما تقر بذلك ، ولم يسمعوا شيئا أعظم منه ولا أحسن منه ، ثم ينصرفون إلى رجالهم وقرة أعينهم ناعمين إلى مثلها من الغد " .

( ثم قرأ وجوه يومئذ ناضرة أي ناعمة غضة حسنة ، والمراد بالوجوه الذوات ، أو خصت لشرفها ولظهور أثر النعمة عليها إلى ربها ناظرة : قال الطيبي - رحمه الله - : قدم صلة " ناظرة " إما لرعاية الفاصلة وهي ناضرة باسرة فاقرة ، وإما لأن الناظر يستغرق عند رفع الحجاب بحيث لا يلتفت إلى ما سواه ، وكيف يستبعد هذا والعارفون في الدنيا ربما استغرقوا في بحار الحب بحيث لم يلتفتوا إلى الكون ؟ ويعضده حديث جابر في آخر الفصل الثالث ، فينظر إليهم وينظرون إليه ، فلا يلتفتون إلى شيء من النعيم ما داموا ينظرون إليه . ( رواه أحمد والترمذي ) وكذا الطبراني ، وروى هناد في الزهد ، عن عبيد بن عمير مرسلا : إن أدنى أهل الجنة منزلا لرجل له دار من لؤلؤة واحدة منها غرفها وأبوابها .




الخدمات العلمية