الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
5662 - وعن ابن مسعود - رضي الله عنه - في قوله : فكان قاب قوسين أو أدنى وفي قوله : ما كذب الفؤاد ما رأى وفي قوله : رأى من آيات ربه الكبرى قال فيها كلها : رأى جبريل عليه السلام له ستمائة جناح . متفق عليه .

وفي رواية الترمذي قال : ما كذب الفؤاد ما رأى قال : رأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جبريل في حلة من رفرف ، قد ملأ ما بين السماء والأرض .

وله وللبخاري في قوله : لقد رأى من آيات ربه الكبرى قال : رأى رفرفا أخضر ، سد أفق السماء .

التالي السابق


5662 - ( وعن ابن مسعود في قوله : ( فكان ) أي القرب المعنوي من العبد والرب أو الصوري ، أو بين جبريل والنبي عليهما الصلاة والسلام قاب قوسين أي قدرهما وهو كناية عن كمال قربهما أو أدنى أي بل أقرب ، وهو ما بين العينين ، وقد قال تعالى في مقام المزيد لحال المريد : ونحن أقرب إليه من حبل الوريد وفي قوله : ما كذب الفؤاد ما رأى أي ولم يذكر ما بينهما من قوله تعالى : فأوحى إلى عبده ما أوحى لعدم تعلقه بالمبنى ، وإن اختلفت في مرجع ضمير " أوحى " في المعنى . ( وفي قوله : ( لقد رأى من آيات ربه الكبرى ) قال أي ابن مسعود ( فيها ) أي في هذه الآيات ( كلها : رأى ) أي النبي - صلى الله تعالى عليه وسلم - ( جبريل عليه الصلاة والسلام ، له ستمائة جناح ) . يعني الضمائر كلها راجعة إلى جبريل ، وهذا التأويل مطابق وموافق لما فهمت عائشة من الآيات كما سبق التنبيه عليه ، وقد قال بعض علمائنا : إن ابن مسعود أعلم الصحابة بعد الخلفاء الأربعة . ( متفق عليه ) .

[ ص: 3611 ] ( وفي رواية الترمذي قال ) أي ابن مسعود في قوله تعالى : ما كذب الفؤاد ما رأى قال : أعاده تأكيدا ( رأى النبي ) وفي نسخة صحيحة رسول الله - صلى الله تعالى عليه وسلم - ( جبريل في حلة من رفرف ) ، ففي النهاية : أي بساط ، وقيل : فراش ، ومنهم من يجعل الرفرف جمعا واحده رفرفة ، وجمع الرفرف رفارف . قلت : الأقرب أن يكون المراد منه ثياب خضر ، ويؤيده ما سيأتي ، ويقويه قوله تعالى : متكئين على رفرف خضر أو قيل : يحتمل أن يكون المراد منه بسط أجنحته فصارت شبه الرفرف . قال السيوطي في مختصر النهاية : رفرف الطائر بجناحيه بسطهما عند السقوط على شيء تحوم عليه لتقع فوقه . وفي القاموس : رف الطائر بسط جناحيه ، كرفرف . والثلاثي مستعمل ، والرف شبه الطاق كالرفرف جمعه رفوف ، والثوب الناعم ، والرفوف ثياب يتخذ منها المجالس وتبسط ، والرقيق من ثياب الديباج . ( قد ملأ ما بين السماء والأرض ) .

( وله ) أي للترمذي ( وللبخاري ) أي أيضا ، وقدم الترمذي لتقدم مرجعه ( في قوله ) متعلق بقال الآتي : لقد رأى من آيات ربه الكبرى ( قال ) أي ابن مسعود ( رأى رفرفا ) أي ذا رفرف ( أخضر ، سد أفق السماء ) ، وهو جبريل كما سبق عنه أيضا ، وهو المطابق لما قررناه وفي تحرير الكلام قدرناه ، والله سبحانه وتعالى أعلم .




الخدمات العلمية