الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
5802 - وعنه قال : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من أحسن الناس خلقا فأرسلني يوما لحاجة فقلت والله لا أذهب وفي نفسي أن أذهب لما أمرني به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فخرجت حتى أمر على صبيان وهم يلعبون في السوق فإذا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد قبض بقفاي من ورائي قال فنظرت إليه وهو يضحك فقال : يا أنيس ذهبت حيث أمرتك . قلت : نعم ، أنا أذهب يا رسول الله . رواه مسلم .

التالي السابق


5802 - ( وعنه ) أي : عن أنس رضي الله عنه ( قال : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من أحسن الناس خلقا ) : بضمتين ويسكن اللام أي عشرة ( فأرسلني يوما ، لحاجة ، قلت : والله لا أذهب ) ، أي بلسان ، وكأنه أراد به الوقت الآتي ، ويؤيده قوله : ( وفي نفسي ) أي : وفي قلبي وجناني ( أن أذهب لما أمرني به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أي لأجل أمره إياي به ( فخرجت ) أي على قصد الذهاب إليه ( حتى أمر ) : بالنصب وفي نسخة بالرفع كقوله تعالى : حتى يقول الرسول قال الطيبي : هو حكاية الحال الماضية ، ويجوز أن تكون حتى ناصبة بمعنى " كي " قلت : لكن لا يلائمه المعنى إذ المراد أني خرجت أذهب إلى أن مررت في طريقي ( على صبيان وهم يلعبون في السوق ) ، والظاهر أنه وقف عندهم إما للعب أو للتفرج ، ولذا قال : ( فإذا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد قبض ) أي أخذ ( بقفاي ) : والقفا بالقصر مؤخر العنق فقوله : ( من ورائي ) ، للتأكيد أو متعلق بقبض ( قال ) أي : أنس ( فنظرت إليه وهو يضحك ، وقال : " يا أنيس " ) تصغير أنس للشفقة والمرحمة ( " ذهبت " ) أي : أذهبت ( " حيث أمرتك " ؟ قلت : نعم ) . بناء على أنه شرع في الذهاب فقوله : ( أنا أذهب ) أي : الآن أكمل الذهاب ( يا رسول الله ) ! قال شارح : إنما قال : نعم ؛ لأن المأمور كالموجود بناء على أنه جزم العزم على الذهاب ، أو لأن ذهبت في السؤال في معنى أتذهب لعلمه - صلى الله عليه وسلم - بأنه ما ذهب أنس إلى تلك الحاجة ، واقتصر الطيبي على الأول ، ثم قال : ويحمل قوله لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - في : والله لا أذهب وأمثاله على أنه كان صبيا غير مكلف قال الجزري : ولذا ما أدبه بل داعبه ، وأخذ بقفاه وهو يضحك رفقا به ( رواه مسلم ) .

[ ص: 3711 ]



الخدمات العلمية