الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 3718 ] 5823 - وعن خارجة بن زيد بن ثابت ، قال : دخل نفر على زيد بن ثابت فقالوا له حدثنا أحاديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : كنت جاره فكان إذا نزل عليه الوحي بعث إلي فكتبته له فكان إذا ذكرنا الدنيا ذكرها معنا ، وإذا ذكرنا الآخرة ذكرها معنا ، وإذا ذكرنا الطعام ذكره معنا فكل هذا أحدثكم عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم . رواه الترمذي .

التالي السابق


5823 - ( وعن خارجة بن زيد بن ثابت ) أي : الأنصاري المدني . قال المؤلف : تابعي جليل القدر ، أدرك زمن عثمان ، وسمع أباه وغيره من الصحابة ، وهو أحد فقهاء المدينة السبعة . ( قال : دخل نفر ) أي : جماعة من التابعين ، وقيل : النفر عدة رجال من ثلاثة إلى عشرة ( على زيد بن ثابت ) : وهو أبو خارجة صحابي جليل ، أفرض الصحابة ، وأجل كتبة الوحي ، ومن أعظم القراء ، قرأ عليه ابن عباس وغيره من الصحابة والتابعين . ( فقالوا له : حدثنا أحاديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم ) : وفي نسخة : عن رسول الله ، وكأنهم أرادوا ما يدل على حسن الخلق ، وجميل المعاشرة مع الخلق . ( قال : كنت جاره ) ، فيه إيماء إلى قربه إليه حسا ومعنى ، وإشارة إلى أن له خبرة به أتم من غيره ( فكان إذا نزل عليه الوحي بعث إلي ) أي : أرسل إلي أحدا يطلبني ( فجئته فكتبته ) ؟ أي الوحي ( له ) ، أي لأجل أمره ( فكان ) أي : من عادته في مجاملته ومراعاة مصاحبته ( إذا ذكرنا الدنيا ) أي : ذما أو مدحا لكونها مزرعة الآخرة ( ذكرها معنا ) أي على وجه الاعتبار ، وفيما يكون منها معينا على زاد طريق دار القرار ( وإذا ذكرنا الآخرة ذكرها معنا ) ، زيادة على الخير ومعاونة على التقوى ، ( وإذا ذكرنا الطعام ذكره معنا ) ، ويشير إلى فوائده وحكمه ولطائفه وآداب أكله ، والحاصل أنه كان يلاطفهم في الكلام لئلا يحصل لهم التبرم والسأم ، ويسوقهم فيما يشرعون فيه إلى ما شرع إليه من تبليغ المواعظ والأحكام ، ولا ينافي هذا ما ورد من أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يخزن لسانه إلا فيما يعنيه ، وأن مجلسه مجلس علم لأن ذكر الدنيا والطعام قد يقترن به فوائد علمية ، أو حكمية ، أو أدبية ، وبتقدير خلوه عنها ففيه جواز تحدث الكبير مع أصحابه في المباحات ، ومثل هذا البيان واجب عليه والله أعلم . ( فكل هذا ) : بالرفع وينصب أي : جميع ما ذكر ( أحدثكم ) : فقيل : الرواية بالرفع ، وفي خبره الرابط محذوف ، ويجوز النصب بتقدير أحدثكم إياه ( عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم ) . والمقصود من هذه الجملة تأكيد صحة الحديث ، وإظهار الاهتمام به والله أعلم . ( رواه الترمذي ) .




الخدمات العلمية