الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
5928 - وعن أبي العلاء ، عن سمرة بن جندب - رضي الله عنه - قال : كنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - نتداول من قصعة ، من غدوة حتى الليل ، يقوم عشرة ويقعد عشرة قلنا : فمما كانت تمد ؟ قال : من أي شيء تعجب ؟ ما كانت تمد إلا من هاهنا وأشار بيده إلى السماء . رواه الترمذي ، والدارمي .

التالي السابق


5928 - ( وعن أبي العلاء ) : بفتح العين قال المؤلف ، في فصل التابعين : اسمه يزيد بن عبد الله بن الشخير ، ( عن سمرة بن جندب ) : تقدم ضبطهما وسبق ذكرهما ( قال : كنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - نتداول ) : يقال : تداولته الأيدي ، أي : تناولته ، يعني أخذته هذه مرة ، وهذه مرة ذكره شارح ، فالمعنى نتناوب أخذ الطعام وأكله ( من قصعة ) ، بفتح القاف أي من صحفة كبيرة ( من غدوة ) : بضم فسكون ويجوز بفتحتين فألف أي : من أول النهار ( حتى الليل ) ، أي : إلى دخول العشية ( يقوم عشرة ) ، أي : بعد فراغهم من الأكل منها ( ويقعد عشرة ) ، أي : للتناول منها ( قلنا ) ، أي : لسمرة ( فمما كانت تمد ) ؟ بصيغة المجهول من الإمداد ، وهو ظاهر ، ومن المدد من قوله : مد السراج بالزيت ، والمعنى فأي شيء كانت القصعة تمد منه وتزاد فيه ، ومن أين يكثر الطعام فيها طول النهار ؟ ولما كان في هذا السؤال نوع من التعجب . ( قال ) ، أي : سمرة ( من أي شيء تعجب ) ؟ والخطاب لأبي العلاء من جملة القائلين ، فإنه من رؤساء التابعين ، أو المراد خطاب العام ، والمعنى لا تعجب أيها المخاطب ( ما كانت تمد إلا من هاهنا ، وأشار بيده إلى السماء ) : والمعنى لا تكون كثرة الطعام فيها إلا من عالم العلاء بنزول البركة فيها من السماء ، وفيه إيماء إلى قوله تعالى : وفي السماء رزقكم وهذا ظاهر شرح الكلام على وفق المرام ، وقال شارح : ضمير قال إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وإليه ذهب المظهر ، ومن تبعه . وقال الطيبي : ويحتمل أن يكون القائل سمرة ، والسائل أبو العلاء وهو الظاهر اهـ .

[ ص: 3824 ] ووجه ظهوره لا يخفى ، إذ مثل هذا السؤال من الأصحاب المشاهدين للمعجزة في غاية من الغرابة ، وأما سؤال التابعين من الصحابي ، فقد يوجه بأنه توهم أنه كان يأتي الطعام ويوضع في القصعة مرة بعد مرة بعد فراغ عشرة أو نحوها ، كما يقع في العرف على طريق العادة ، فأجاب الصحابي بأن هذا لم يقع إلا على سبيل خرق العادة ، فالمدد من رب السماء لا من أحد من المخلوقين من سكان الأرض ( رواه الترمذي ، والدارمي ) .




الخدمات العلمية