الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
5974 - وعن عمرو بن الحارث أخي جويرية - رضي الله عنه - قال : ما ترك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عند موته دينارا ولا درهما ولا عبدا ولا أمة ولا شيئا إلا بغلته البيضاء وسلاحه ، وأرضا جعلها صدقة . رواه البخاري .

التالي السابق


5974 - ( وعن عمرو بن الحارث ) ، أي : الخزاعي له صحبة على ما في الشمائل ( أخي جويرية ) : بالتصغير إحدى أمهات المؤمنين ( قال : ما ترك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عند موته دينارا ولا درهما ولا عبدا ولا أمة ) ، أي : في الرق ، ففيه دلالة على أن ما ذكر من رقيق النبي - صلى الله عليه وسلم - في جميع الأخبار كان إما مات وإما أعتقه ( ولا شيئا ) : تعميم بعد تخصيص ( إلا بغلته البيضاء ) ، أي التي كان يختص بركوبها ( وسلاحه ) ، أي الذي كان يختص بلبسه من نحو : سيف ورمح ودرع ومغفر وحربة ، ولعل هذا الحصر إضافي مبني على عدم اعتبار أشياء أخر مثل الأثواب ، وأمتعة البيت ، وإلا فقد ثبت أنه ترك أثوابا وغيرها قد بينت في موضعها ، ولعل حجمة سكوت الراوي عن ذكرها كونها محقرة بالنسبة للمذكورات . ( وأرضا جعلها صدقة ) . قال شارح : الضمير المفعول لما ذكر من البغلة والسلاح والأرض ، والظاهر المتبادر أنه للأرض . قال العسقلاني ، أي : تصدق بمنفعة الأرض ، فصار حكمها حكم الوقف ، والمعنى أنه جعلها في حياته صدقة جارية باقية إلى قيامها فيدوم ثواب الصدقة بدوامها ، فلا ينافي أن ما عداها من أملاكه بنفس الموت تصير صدقة ، كما لا يخفى . قال العلامة الكرماني في شرح البخاري : هي نصف أرض فدك ، وثلث أرض وادي القرى ، وسهمه من خمس خيبر ، وحصة من أرض بني النضير ، وضمير جعلها راجع إلى كل الثلاثة لا إلى الأرض فقط ، فإنه - صلى الله عليه وسلم - قال : ( نحن معاشر الأنبياء لا نورث ما تركنا صدقة ) اه . وسيأتي تحقيقه . ( رواه البخاري ) .

[ ص: 3860 ]



الخدمات العلمية