الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
6020 - وعن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : ( لو كنت متخذا خليلا لاتخذت أبا بكر خليلا ولكنه أخي وصاحبي وقد اتخذ الله صاحبكم خليلا ) . رواه مسلم .

التالي السابق


6020 - ( وعن عبد الله بن مسعود عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : ( لو كنت متخذا خليلا لاتخذت أبا بكر خليلا ولكنه أخي ) : زاد أحمد في الدين ( وصاحبي ) ، زاد أحمد في الغار ذكره السيوطي ( وقد اتخذ الله صاحبكم خليلا ) : فيه إيماء إلى قوله تعالى : وما صاحبكم بمجنون وإشارة إلى أن من جعل غير ربه خليلا يكون مجنونا بخلل عقله ، ويصير مخذولا ذليلا . قال الطيبي في قوله ; اتخذ الله مبالغة من وجهين . أحدهما : أنه أخرج الكلام على التجريد حيث قال : صاحبكم ولم يقل اتخذني ، وثانيهما : اتخذ الله صاحبكم بالنصب عكس ما لمح إليه الحديث السابق من قوله : غير ربي ، فدل الحديثان على حصول المخاللة من الطرفين ( رواه مسلم ) . ورواه أحمد والبخاري عن ابن الزبير . ورواه أحمد والبخاري أيضا عن ابن عباس بلفظ : ( لو كنت متخذا من أمتي خليلا دون ربي لاتخذت أبا بكر خليلا ، ولكن أخي وصاحبي ) . وفي رواية للبخاري : ( لو كنت متخذا من أمتي خليلا لاتخذته خليلا ، ولكن أخوة الإسلام أفضل ) . وروى مسلم عن جندب قال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قبل أن يموت بخمس [ ص: 3885 ] ليال وهو يقول : ( إني أبرأ إلى الله - عز وجل - أن يكون لي منكم خليل ، فإن الله - عز وجل - قد اتخذني خليلا كما اتخذ إبراهيم خليلا ، ولو كنت متخذا من أمتي خليلا لاتخذت أبا بكر خليلا ) . وأخرج الواحدي في تفسيره عن أبي أمامة قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( إن الله اتخذني خليلا كما اتخذ إبراهيم خليلا ، وإنه لم يكن نبي إلا له في أمته خليل ألا وإن خليلي أبو بكر ) . وأخرج الحافظ أبو الحسن علي بن عمر الحربي السكري ، عن أبي بن كعب أنه قال : إن أحدث عهدي بنبيكم - صلى الله عليه وسلم - قبل وفاته بخمس ليال ، دخلت عليه ، وهو يقلب يديه وهو يقول : ( إنه لم يكن نبي إلا وقد اتخذ من أمته خليلا وإن خليلي من أمتي أبو بكر بن أبي قحافة ألا وإن الله ، تعالى ، قد اتخذني خليلا كما اتخذ إبراهيم خليلا ) . والأحاديث النافية للاتخاذ أصح وأثبت ، وإن صحت هذه الرواية ، فيكون قد أذن الله له عند تبرئه من خلة غير الله مع تشوقه لخلة أبي بكر ، لولا خلة الله في اتخاذه خليلا مراعاة لجنوحه إليه ، وتعظيما لشأن أبي بكر ، ولا يكون ذلك انصرافا عن خلة الله - عز وجل - بل الخلتان ثابتتان كما تضمنه الحديث ، إحداها تشريف للمصطفى - صلى الله عليه وسلم - والأخرى تشريف لأبي بكر - رضي الله عنه - والله أعلم . وفي الجملة هذا الحديث دليل ظاهر على أن أبا بكر أفضل الصحابة .




الخدمات العلمية