الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
الفصل الثاني

6090 - عن عمران بن حصين - رضي الله عنهما - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " إن عليا مني وأنا منه ، وهو ولي كل مؤمن " . رواه الترمذي .

التالي السابق


الفصل الثاني

6090 - ( عن عمران بن حصين أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " إن عليا مني وأنا منه " ) أي : في النسب والمصاهرة والمسابقة والمحبة وغير ذلك من المزايا لا في محض القرابة وإلا فغيره مشارك له فيها ( " وهو ولي كل مؤمن " ) . أي : حبيبه كما قاله ابن الملك أو ناصره أو متولي أمره . قال الطيبي : هو إشارة إلى قوله تعالى : إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون وفي الكشاف ، قيل : نزلت في علي - رضي الله عنه - فإن قلت : كيف يصح أن يكون لعلي ، واللفظ لفظ جماعة ؟ قلت : جيء به ترغيبا للناس في مثل فعله لينالوا مثل ثوابه ، ولينبه على أن سجية المؤمنين يجب أن تكون على هذه الغاية من الحرص على البر والإحسان .

قال البيضاوي قوله : وهم راكعون أي متخشعون في صلاتهم وزكاتهم ، وقيل : هو حال مخصوصة بيؤتون أي : يؤتون الزكاة في حال ركوعهم في الصلاة حرصا على الإحسان ومسارعة إليه ، فإنها نزلت في علي - كرم الله وجهه - حين سأله سائل وهو راكع في صلاته ، فطرح له خاتمه انتهى والحديث رواه ابن جرير ، وابن أبي حاتم ، وابن مردويه بروايات مختلفة . قال القاضي : واستدل به الشيعة على إمامته زاعمين أن المراد بالولي المتولي للأمور ، والمستحق للتصرف فيهم ، والظاهر ما ذكرناه من أنه تعالى لما نهى عن موالاة الكفرة ذكر عقيبه من هو حقيق بها ، وإنما لم يقل أولياؤكم للتنبيه على أن الولاية لله على الأصالة ولرسوله وللمؤمنين على التبع ، مع أن حمل الجمع على الواحد أيضا خلاف الظاهر . قال السيد معين الدين الصفوي : ما قبل الآية ينادي على أن المراد من الولاية ليس التولي للأمور والمستحق للتصرف كما قالت الشيعة ، بل ذكره بلفظ الجمع تحريضا على المبادرة على الصدقة ، فيدخل فيه كل من يبادر ، فلا يستدل بهذه الآية على إمامة علي - رضي الله عنه - انتهى . والحاصل أن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب ، لا سيما واللفظ بصيغة الجمع ، فيدخل علي - كرم الله وجهه - فيه دخولا أوليا لا أن الأمر محصور فيه حقيقيا . ( رواه الترمذي ) .

وفي الرياض ، عن عمران بن حصين قال : بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سرية واستعمل عليها عليا قال : فمضى على السرية فأصاب جارية ، فأنكروا عليه ، وتعاقد أربعة من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالوا : إذا لقينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أخبرناه بما صنع علي ، فقال عمران : وكان المسلمون إذا قدموا من سفر بدأوا برسول الله - صلى الله عليه وسلم - وسلموا عليه ، ثم انصرفوا إلى رحالهم ، فلما قدمت السرية سلموا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقام أحد الأربعة فقال : يا رسول الله ، ألم تر أن عليا صنع كذا وكذا ؟ فأعرض عنه ، ثم قام الثاني فقال مثل مقالته ، فأعرض عنه ، ثم قام الثالث فقال مثل مقالته ، فأعرض عنه ، ثم قام الرابع فقال مثل ما قالوا ، فأقبل إليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والغضب يعرف في وجهه فقال : " ما تريدون من علي " ثلاثا " إن عليا مني وأنا منه وهو ولي كل مؤمن بعدي " أخرجه الترمذي ، وقال : حسن غريب . وأخرجه أحمد وقال فيه : فأقبل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على الأربع ، وقد تغير وجهه فقال : " دعوا عليا ، علي مني وأنا منه ، وهو ولي كل مؤمن من بعدي " وله طريق آخر عن بريدة ، وله في صحيح البخاري ، وأخرجه أحمد في المناقب عن أبي رافع قال : لما قتل علي أصحاب الألوية يوم أحد قال جبريل : يا رسول الله إن هذه لهي المواساة ، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم - : " إنه مني وأنا منه " فقال جبريل : وأنا منكما يا رسول الله .

[ ص: 3937 ]



الخدمات العلمية