الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
6137 - وعن البراء - رضي الله عنه - قال : لما توفي إبراهيم قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : إن له مرضعا في الجنة " . رواه البخاري .

التالي السابق


6137 - ( وعن البراء قال : لما توفي إبراهيم ) ، أي : ابن النبي - صلى الله عليه وسلم - من مارية القبطية سريته ولد بالمدينة في ذي الحجة سنة ثمان ومات وله ستة عشر شهرا ، وقيل ثمانية عشر ، ودفن بالبقيع عند عثمان بن مظعون عمه الرضاعي ( قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : إن له مرضعا ) : بضم الميم وكسر الضاد أي من يكمل رضاعه ، وفي نسخة صحيحة بفتحهما أي : موضع رضاع كامل ( في الجنة ) . فيه دلالة ظاهرة أن أرباب الكمال يدخلون الجنة في الحال عقيب الانتقال ، وأن الجنة الموعودة مخلوقة موجودة . قال الخطابي ؟ هذا يروى على وجهين . أحدهما : مرضعا بفتح الميم أي رضاعا ، والآخر مضمومة الميم أي من يتم رضاعه . يقال : امرأة مرضع بلا هاء ، وأرضعت المرضعة ، فهي مرضعة إذا نيب الاسم من الفعل . قال التوربشتي : أصوب الروايتين الفتح ; لأن العرب إذا أرادوا الفعل ألحقوا به هاء التأنيث ، وإذا أرادوا أنها ذات رضيع أسقطوا الهاء فقالوا : امرأة مرضع بلا هاء ، ولما كان المراد من هذا اللفظ أن الله يقيم له من لذات الجنة وروحها ما يقع منه موقع الرضاع ، فكأنه كان رضيعا لم يستكمل مدة الرضاع كان المصدر فيه أقوم وأصوب ، ولو كان على ما ذكره من الرواية لكان من حقه أن يلحق به هاء التأنيث .

قال الطيبي : هذا إذا أريد تصوير حالة الإرضاع وإلقام المرضعة الثدي في في الصبي في مشاهدة السامع ، كأنه ينظر إليها وإلا فلا . الكشاف ، في قوله تعالى : تذهل كل مرضعة عما أرضعت فإن قيل : لم قيل مرضعة دون مرضع ؟ قلت : المرضعة التي في حال الإرضاع ملقمة ثديها الصبي ، والمرضع التي شأنها أن ترضع وإن لم تباشر الإرضاع في حال وصفها به ، فقيل : مرضعة ليدل على أن ذلك الهول إذا فوجئت به هذه وقد ألقمت الرضيع ثديها نزعته من فيه لما يلحقها من الدهشة عما أرضعت أي : عن إرضاعها ، أو عن الذي أرضعته ، وهو الطفل ، ووجهه القاضي في شرحه مجيبا عنه بقوله : أو أن له من يقوم مقام المرضعة في المحافظة والأنس اهـ . ولا يخفى أن ارتكاب المجاز غير جائز مع إمكان الحقيقة ، بل لأجل المبالغة في تحقق الإرضاع ، عبر عن المرضع بالمرضعة إيماء إلى أن حالة إرضاعه أمر مشاهد له - صلى الله عليه وسلم - ( رواه البخاري ) .

[ ص: 3964 ]



الخدمات العلمية