الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
6201 - وعن جابر - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " أريت الجنة فرأيت امرأة أبي طلحة ، وسمعت خشخشة أمامي فإذا بلال " . رواه مسلم .

التالي السابق


6201 - ( وعن جابر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " أريت الجنة " ) : بصيغة المجهول ( " فرأيت امرأة أبي طلحة " ) وهي أم سليم تزوجها مالك بن النضر أبو أنس بن مالك ، فولدت له أنسا ، ثم قتل عنها مشركا وأسلمت ، فخطبها أبو طلحة وهو مشرك فأبت ودعته إلى الإسلام فأسلم فقالت : إني أتزوجك ولا آخذ منك صداقا لإسلامك ، [ ص: 3999 ] فتزوجها أبو طلحة ، روى عنها خلق كثير . ( " وسمعت خشخشة " ) : بالخاءين والشينين المعجمات أي صوتا يحدث من تحرك الأشياء اليابسة واصطكاكها كالسلاح والنعل والثوب ( " أمامي " ) ، أي : قدامي تقدم الخادم على المخدوم ( " فإذا بلال " ) ، وهو ابن رباح مولى أبي بكر الصديق ، أسلم قديما وهو أول من أظهر إسلامه بمكة ، شهد بدرا وما بعده من المشاهد ، وسكن الشام آخرا ولا عقب له ، روى عنه جماعة من الصحابة والتابعين ، ومات بدمشق سنة عشرين ودفن بباب الصغير وله ثلاث وستون سنة ، وقيل : مات بحلب ودفن بباب الأربعين ، وكان ممن عذبه أهل مكة على الإسلام ، وممن كان يعذبه ويتولى ذلك بنفسه أمية بن خلف الجمحي ، وكان من قدر الله تعالى أن قتله بلال يوم بدر . قال جابر : كان عمر يقول : أبو بكر سيدنا وأعتق سيدنا يعني بلالا . اهـ .

وأخرج أحمد في مسنده أن أول من أظهر الإسلام سبعة : رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبو بكر ، وعمار ، وأمه سمية ، وصهيب ، وبلال ، والمقداد . فأما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فمنعه الله بعمه أبي طالب ، وأما أبو بكر فمنعه الله بقومه ، وأما سائرهم فأخذهم المشركون ، فألبسوهم أدراع الحديد وصيروهم في الشمس فما منهم أحد إلا وأتاهم على ما أرادوا إلا بلالا ، فإنه هانت عليه نفسه في الله - عز وجل - وهان على قومه ، فأخذوه فأعطوه الولدان ، فجعلوا يطوفون به في شعاب مكة وهو يقول : أحد أحد كذا في الرياض . ( رواه مسلم ) . وكذا البخاري والنسائي ، ذكره السيد جمال الدين .




الخدمات العلمية