الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
6244 - وعن عبد الرحمن بن أبي عميرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال لمعاوية : اللهم اجعله هاديا مهديا واهد به . رواه الترمذي .

التالي السابق


6244 - ( وعن عبد الرحمن بن أبي عميرة ) ، بفتح فكسر مدني صحابي كذا ذكره ميرك . وقال المؤلف : مدني ، وقيل قرشي مضطرب الحديث لا يثبت في الصحابة ، قاله ابن عبد البر ، وهو شامي ، روى عنه نفر . ( عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال لمعاوية ) الظاهر المتبادر من الإطلاق أنه معاوية بن أبي سفيان ، وإلا فمعاوية بن الحكم ، ومعاوية بن جاهمة أيضا من الصحابة على ما ذكره المؤلف في أسماء رجاله ( " اللهم اجعله هاديا " ) ، أي : للناس أو دالا على الخير ( " مهديا " ) ، بفتح الميم وتشديد الياء أي مهتديا في نفسه ( " واهد به " ) ، أي : بمعاوية الناس ، فيه تأكيد لمعنى الهداية المتعدية . اعلم أن الهداية إما مجرد الدلالة ، أو هي الدلالة الموصلة إلى البغية . قال الإمام محمد بن إسماعيل البخاري : فهديناهم دللناهم على الخير والشر كقوله تعالى : وهديناه النجدين والهدي الذي للإرشاد بمعنى الإسعاد من ذلك قوله سبحانه : أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده وقال غيره : معنى الهداية في اللغة الدلالة هداه في الدين يهديه هداية إذا دله على الطريق . والهدي يذكر لحقيقة الإرشاد أيضا ، ولهذا جاز النفي والإثبات ، قال تعالى : إنك لا تهدي من أحببت وقال تعالى : وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم .

قال الطيبي : لو حمل قوله هاديا على المعنى الأول كان قوله مهديا تكميلا له لأنه رب هاد ولا يكون مهديا ، وقوله : واهد به تتميما لأن الذي فاز بمدلوله فوزا يتبعه كل أحد فكمل ثم تمم ، وإذا ذهب إلى المعنى الثاني كان مهديا تأكيدا ، وقوله : اهد به تكميلا يعني أنه كامل مكمل ، ولا ارتياب أن دعاء النبي - صلى الله عليه وسلم - مستجاب ، فمن كان هذا حاله كيف يرتاب في حقه ، ومن أراد زيادة بيان في معنى الهداية فعليه بفتوح الغيب ، فإن فيه ما يكفيه .

[ ص: 4023 ] قال المؤلف : قرشي أموي ، وأمه هند بنت عقبة ، كان هو وأبوه من مسلمة الفتح ، ثم من المؤلفة قلوبهم ، وهو أحد الذين كتبوا لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقيل لم يكتب له من الوحي شيئا إنما كان يكتب له كتبه ، روى عنه ابن عباس ، وأبو سعيد ، تولى الشام بعد أخيه يزيد في زمن عمر ، ولم يزل بها متوليا وحاكما إلى أن مات ، وذلك أربعون سنة منها في أيام عمر أربع سنين أو نحوها ، ومدة خلافة عثمان وخلافة علي وابنه الحسن ، وذلك تمام عشرين سنة ، ثم استوثق له الأمر بتسليم الحسن بن علي إليه في سنة إحدى وأربعين ، ودام له عشرين سنة ، ومات في رجب بدمشق ، وله ثمان وسبعون سنة ، وكان إصابته لقوة في آخر عمره ، وكان يقول في آخر عمره : يا ليتني كنت رجلا من قريش بذي طوى ، ولم أر من هذا الأمر شيئا وكان عنده إزار رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ورداؤه وقميصه ، وشيء من شعره وأظفاره ، فقال : كفنوني في قميصه ، وأدرجوني في ردائه ، وأزروني بإزاره ، واحشوا منخري وشدقي ومواضع السجود مني بشعره وظفره ، وخلوا بيني وبين أرحم الراحمين . ( رواه الترمذي ) .




الخدمات العلمية