الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
626 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار ، ويجتمعون في صلاة الفجر ، وصلاة العصر ، ثم يعرج الذين باتوا فيكم ، فيسألهم ربهم - وهو أعلم بهم : كيف تركتم عبادي ؟ فيقولون : تركناهم وهم يصلون ، وأتيناهم وهم يصلون ) . متفق عليه .

التالي السابق


626 - ( وعن أبي هريرة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( يتعاقبون فيكم ) " : أي : يجيء أحد عقب أحد ، وطائفة غب طائفة ، وقياسه يتعاقب ، لأن فاعله مذكور بعده وهو ( ملائكة بالليل ) : فهو إما بدل من ضمير يتعاقبون أو مبتدأ أو فاعل له ، والواو علامة له " ( وملائكة بالنهار ) " : وهم الذين يكتبون أعمال العباد ، وقيل : غيرهم : قال النووي : قيل الواو علامة الفاعل ، وهي لغة بني الحارث وحكوا فيه قولهم : أكلوني البراغيث ، وعليه حمل الأخفش قوله تعالى : وأسروا النجوى الذين ظلموا وقال أكثر النحويين : الاسم بدل من الضمير أي : يتعاقبون في نزولهم ، فتنزل ملائكة النهار قبل الفجر ، وتصعد بعد العصر ، وتنزل ملائكة الليل قبل العصر وتصعد بعد الفجر . ومن ثم قال : ( ويجتمعون في صلاة الفجر ) : أي : أولها ( وصلاة العصر ) : أي : آخرها واجتماعهم في الوقتين من لطف الله ; ليكونوا شاهدين بما شهدوه من الخير ، وقيل : خصتا لأن العبادة فيهما مع كونهما وقت اشتغال وغفلة أدل على الخلوص . قيل : وفيه تحريض الناس على المواظبة على الطاعة في هذين الوقتين . ( ثم يعرج الذين باتوا فيكم ) : إيذان بأن ملائكة الليل لا يزالون يحفظون العباد إلى الصبح ، وكذلك ملائكة النهار إلى الليل ( فيسألهم ربهم وهو أعلم بهم ) : أي : منهم : وسؤالهم تعبد لملائكته كما يكتب الأعمال وهو أعلم بالجميع ، وقيل : سؤاله تعالى من الملائكة ، لأنه يتباهى بعباده العاملين أو للتوبيخ على القائلين : أتجعل فيها من يفسد فيها ( كيف تركتم عبادي ) أي : على أي حالة تركتموهم عليها . قال ميرك : اقتصر على سؤال الذين باتوا دون الذين ظلوا اكتفاء بذكر أحد المثلين عن الآخر ، أو لأن حكم طرفي النهار يعمل من حكم طرفي الليل ، أو لأن الليل مظنة المعصية ، فلما لم يقع منهم عصيان كان النهار أولى بذلك ، أو يحمل باتوا على معنى أعم من المبيت بالليل والإقامة بالنهار ، ويؤيده رواية النسائي بلفظ : ثم يعرج الذين كانوا فيكم ، أو يحمل على اقتصار الراوي ، ويدل عليه رواية ابن خزيمة في صحيحه ، فإن فيها التصريح بسؤال كلتا الطائفتين ( فيقولون : تركناهم وهم يصلون ) : أي : الصبح والجملة حال ( وأتيناهم ) " : أي : وجدناهم ونزلنا عليهم " ( وهم يصلون ) : أي : العصر ( متفق عليه ) : ورواه النسائي ، وأحمد قاله ميرك .




الخدمات العلمية