الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 680 ] 818 - وعن سمرة بن جندب رضي الله عنه ، أنه حفظ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم سكتتين : سكتة إذا كبر ، وسكتة إذا فرغ من قراءة غير المغضوب عليهم ولا الضالين ، فصدقه أبي بن كعب ، رواه أبو داود ، وروى الترمذي ، وابن ماجه ، والدارمي نحوه .

التالي السابق


818 - ( وعن سمرة ) ، بفتح أوله وضم ثانيه ( ابن جندب ) ، بضمهما وبفتح الدال ( أنه حفظ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم سكتتين : سكتة إذا كبر ) ، أي : للإحرام ( وسكتة إذا فرغ من قراءة غير المغضوب عليهم ولا الضالين ) ، السكتة الثانية سنة عند الشافعي وأحمد كالسكتة الأولى ، ومكروهة عند أبي حنيفة ومالك قاله الطيبي ، والأظهر أن السكتة الأولى للثناء ، والثانية للتأمين قال زين العرب : سكوته عليه السلام سكتتين : إحداها كان بعد التكبير ، وفائدته أن يفرغ المأموم من النية وتكبيرة الإحرام ، لئلا يفوته سماع بعض الفاتحة وثانيتهما بعد تمام الفاتحة ، والغرض منها أن يقرأ المأموم الفاتحة ويرجع الإمام إلى التنفس والاستراحة اهـ .

وفي كل منهما نظر إذ السكتة الأولى لم تكن مجردة خالية عن الذكر غايته أنه كان سكوتا عن رفع الصوت ، وكون السكتة الثانية للتنفس والاستراحة مسلم ، لكن كونها ليقرأ المأموم قلب للموضوع ولا دلالة في الحديث عليه ، ( فصدقه أبي بن كعب ) ، أي : وافقه ( رواه أبو داود ) ، أي : هذا اللفظ ، قال ميرك : من طريق يونس بن عبيد ، عن الحسن البصري ، عن سمرة وساقه قال : فأنكر ذلك عليه عمران بن حصين ، قال : فكتبوا ذلك إلى المدينة إلى أبي فصدق سمرة ، وقد اختلف في سماع الحسن من سمرة ، والأصح صحة سماعه منه ، وقد أخرجه ابن حبان في صحيحه ، وقال بعض الحفاظ : صح الحديث عن سمرة ، وأبي بن كعب ، وعمران بن حصين اهـ .

قال ابن حجر رواه أبو داود ، وسنده حسن بل صحيح ، وفي رواية عنه : كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم سكتتان إذ قرأ ( بسم الله الرحمن الرحيم ) ، أي : أراد قراءتها بدليل : سكتة إذا كبر ، وسكتة إذا فرغ من القراءة كلها ، وفي أخرى إذا فرغ من فاتحة الكتاب ، وسورة عند الركوع ، ولا مخالفة بينهما ، بل يحصل من مجموعهما إثبات ثلاث سكتات بعد الإحرام وبعد الفاتحة وبعد السورة اهـ .

وكأن المراد بالسكتات الزيادة على حد التنفس في أواخر الآيات إذ ثبت عنه عليه السلام كان يقرأ الحمد لله رب العالمين فيقف ، وهكذا على رءوس الآي ، وأما إطلاق القراء السكتة على الوقف بلا تنفس ، فمبني على إصلاحهم والله أعلم ، ثم قال ابن حجر : واستحب أئمتنا أيضا السكتة بين الافتتاح والتعوذ ، وبين التعوذ والفاتحة ، وبين آمين والسورة ، وبين السورة وتكبيرة الركوع ، وكلها سكتات خفيفة بقدر سبحان الله كما قاله الغزالي في بعضها ، وقياسه الباقي إلا التي بين آمين والسورة بالنسبة للإمام ، فإن السنة أن يشتغل فيها بذكر أو قرآن قدر ما يقرأ المأموم الفاتحة ليسمع الإمام اهـ .

وفيه دلالة في الحديث على سنية هذه السكتة بهذا المقدار ، ولم يثبت عنه عليه السلام أنه قرأ في هذه السكتة شيئا مع مخالفة ظاهر السكتة للقراءة ، وأيضا سماع الإمام قراءة المأموم لم يرد في أصل صحيح ، ولا ضعيف ، بل ورد نهي المأموم عن رفع الصوت بالقراءة ، بل عن نفس القراءة في محله ، والله أعلم ، ( وروى الترمذي ، وابن ماجه والدارمي نحوه ) : أي معناه .




الخدمات العلمية