الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
967 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ومن سبح الله في دبر كل صلاة ثلاثا وثلاثين ، وحمد الله ثلاثا وثلاثين ، وكبر الله ثلاثا وثلاثين ، فتلك تسعة وتسعون ، وقال : تمام المائة : لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك ، وله الحمد ، وهو على كل شيء قدير - غفرت خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر " رواه مسلم .

التالي السابق


967 - ( وعن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من سبح الله في دبر كل صلاة " ) ، أي : فريضة ( " ثلاثا وثلاثين ، وحمد الله " ) : بكسر الميم المخففة ( " ثلاثا وثلاثين ، وكبر الله ثلاثا وثلاثين " ) ، أي : في دبر كل صلاة ، وحذفه في هذا وما قبله للعلم به من الأول .

( " فتلك " ) ، أي : التسبيحات والتحميدات والتكبيرات ( " تسعة وتسعون " ) : علم الجملة بعد التفصيل ، ويسمى فذلكة ليحاط به من جهتين ، فيتأكد العلم ، إذ علمان خير من علم ، فهو نظير قوله تعالى : تلك عشرة كاملة وليترتب عليه قوله : ( وقال ) : وفي الحصن : ثم قال أي النبي صلى الله عليه وسلم ، وقيل : ذلك القائل يعني ذكر ( تمام المائة " ) : بالنصب على المفعولية ، وقيل مرفوع على أنه مبتدأ خبره ( " ولا إله إلا الله " ) : وتفصيل الكلام في هذا المقام [ ص: 767 ] أن لفظ : " تمام " إما منصوب على أنه مفعول به لقال ، لأنه في المعنى جملة ، إذ ما بعده عطف بيان ، أو بدل أو خبر محذوف ، فصح كونه مقول القول ، والمراد من " تمام المائة " ما تتم به المائة ، ويجوز أن يكون نصبه بالظرفية ، أي : في وقت تمام المائة ، أي : عند إرادة تمامها ، والعامل فيه لفظ قال : قال ابن الملك : فلفظة قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم بدل من سبح ، وقال زين العرب والأبهري : فيه ضمير يعود إلى من سبح ، أو مرفوع على أنه مبتدأ وخبره لا إله إلا الله إلخ ، فيكون تمام مع خبره حالا من ضمير سبح ، والعائد محذوف ، أي : حال كون تمام مائة عليها أو عليه ، فلفظة قال على هذا تكون للراوي ، وضميره عائد إلى الرسول صلى الله عليه وسلم ، قال ابن الملك : والأول أولى وعليهما الجزاء ، إنما يترتب على الشرط إذا وقع تمام المائة التهليل المذكور ، ( " وحده " ) : جوز الكوفية كون الحال معرفة ، والبصرية أولوها بالنكرة وقالوا : معناه منفردا أي بالألوهية ، ( " لا شريك له " ) : في الربوبية والمعبودية ( " له الملك " ) : جنس الملك ، يعطى منه من يشاء وينزعه ممن يشاء ( " وله الحمد " ) : المصدرية الشاملة بمعنى الفاعلية والمفعولية فهو الحامد وهو المحمود ، وتقديم لام الاختصاص في المقامين لمريد مقام الخواص ( " وهو على كل شيء " ) : من الممكنات ( " قدير " ) : لا يعجزه شيء فما تعلقت به إرادته تعلقت به قدرته ( " غفرت خطاياه " ) : هذا جزاء الشرط ، وهو من سبح الله ، والمراد بالخطايا الذنوب الصغائر ، ويحتمل الكبائر ، ( " وإن كانت " ) : أي في الكثرة أو في العظمة ( مثل زبد البحر " ) : وهو ما يعلو على وجهه عند هيجانه وتموجه ( رواه مسلم ) : قال ميرك : ورواه أبو داود والنسائي .

قال ابن حجر : واعلم أن في كل من تلك الكلمات الثلاث روايات مختلفة ذكر بعضها ونذكر باقيها ، فنقول : ورد التسبيح ثلاثا وثلاثين ، وخمسا وعشرين ، وإحدى عشرة ، وعشرة ، وثلاثا ، ومرة واحدة ، وسبعين ومائة ، وورد التحميد ثلاثا وثلاثين ، وخمسا وعشرين ، وإحدى عشرة ، وعشرة ، ومائة وورد التهليل عشرة ، وخمسا وعشرين ، ومائة ، قال الحافظ الزين العراقي : وكل ذلك حسن ، وما زاد فهو أحب إلى الله تعالى ، وجمع البغوي بأنه يحتمل صدور ذلك في أوقات متعددة ، وأن يكون على سبيل التخيير ، أو يفترق بافتراق الأحوال اهـ .

[ ص: 768 ] وصح أنه عليه السلام كان يعقد التسبيح بيمينه ، وورد : أنه قال " واعقدوه بالأنامل فإنهن مسئولات مستنطقات " وجاء بسند ضعيف عن علي رضي الله عنه مرفوعا : نعم المذكر المسبحة ، وعن أبي هريرة أنه كان له خيط فيه ألف عقدة فلا ينام حتى يسبح به ، وفي رواية : كان يسبح بالنوى ، قال ابن حجر : والروايات في التسبيح بالنوى والحصى كثيرة عن الصحابة ، وبعض أمهات المؤمنين ، بل رآها عليه السلام ، وأقر عليها ، قيل : وعقد التسبيح بالأنامل أفضل من المسبحة ، وقيل : إن أمن الغلط فهو أولى ، وإلا فهي أولى .




الخدمات العلمية