الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
93 - وعنه قال : سئل رسول الله ( - صلى الله عليه وسلم - ) عن ذراري المشركين قال : الله أعلم بما كانوا عاملين " متفق عليه .

التالي السابق


93 - ( وعنه ) أي : عن أبي هريرة رضي الله عنه ( قال : سئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : عن ذراري المشركين ) . جمع ذرية ، وهي نسل الإنس ، والجن ، ويقع على الصغار ، والكبار إما من الذر . بمعنى التفريق ؛ لأن الله تعالى فرقهم في الأرض ، أو من الذرء . بمعنى الخلق فتركت الهمزة ، أو أبدلت ، والمراد عن حكم أولادهم إذا ماتوا قبل البلوغ أنهم من أهل النار ، أو الجنة ، واعلم أن الولد تابع لأشرف الأبوين دينا فيما يرجع إلى أمور الدنيا ، وهو معنى قوله - صلى الله عليه وسلم - في بعض الروايات : هم من آبائهم ، وأما فيما يرجع إلى أمور الآخرة في الثواب والعقاب فموقوف موكول إلى علم الله تعالى ؛ لأن السعادة والشقاوة ليستا معللتين عندنا بالأعمال ، بل الله تعالى خلق من شاء شقيا ، ومن شاء سعيدا ، وجعل الأعمال دليلا على السعادة والشقاوة . ( قال : الله أعلم بما كانوا عاملين ) ، أي : الله أعلم بما هم صائرون إليه من دخول الجنة أو النار ، أو الترك بين المنزلتين ، وقد اختلفوا في ذلك فقيل إنهم من أهل النار تبعا للأبوين ، وقيل : من أهل الجنة نظرا إلى أصل الفطرة ، وقيل : إنهم خدام أهل الجنة ، وقيل : إنهم يكونون بين الجنة والنار لا منعمين ، ولا معذبين ، وقيل : من علم الله منه أنه يؤمن ، ويموت عليه إن عاش أدخل الجنة ، ومن علم منه أنه يعجز ، ويكفر أدخله النار ، وقيل : بالتوقف في أمرهم ، وعدم القطع بشيء ، وهو الأولى لعدم التوقيف من جهة الرسول - صلى الله عليه وسلم - ، فلم يقطع - عليه الصلاة والسلام - بكونهم من أهل الجنة ، ولا من أهل النار ، بل أمرهم بالاعتقاد الذي عليه أكثر أهل السنة من التوقف في أمرهم كذا ذكره ابن الملك في شرح المصابيح ، وفيه أن الترك بين المنزلتين غير ثابت في الكتاب والسنة ، وأهل الأعراف مآلهم الجنة ، وقيل : إنهم يمتحنون بدخول النار في تلك الدار ، والله أعلم . وقال ابن حجر : هذا قبل أن ينزل فيهم شيء فلا ينافي أن الأصح أنهم من أهل الجنة ( متفق عليه ) .




الخدمات العلمية