الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
992 - ( وعن رفاعة بن رافع قال : صليت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فعطست فقلت : الحمد لله حمدا طيبا مباركا فيه ، مباركا عليه ، كما يحب ربنا ويرضى ، فلما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، انصرف فقال : " من المتكلم في الصلاة ؟ " ، فلم يتكلم أحد . ثم قالها الثانية ، فلم يتكلم أحد ، ثم قالها الثالثة ، فقال رفاعة : أنا يا رسول الله ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " والذي نفسي بيده ، لقد ابتدرها بضعة وثلاثون ملكا ، أيهم يصعد بها " ، رواه الترمذي ، وأبو داود ، والنسائي .

التالي السابق


992 - ( وعن رفاعة بن رافع قال : صليت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم فعطست ) : بفتح الطاء وتكسر ( فقلت : الحمد لله حمدا كثيرا طيبا ) ، أي : خالصا ( مباركا فيه ، مباركا عليه ) : قال ابن الملك : كلاهما واحد ، ولعل المراد منه أنواع البركة وهي الزيادة عليه ، وقال الطيبي : الضميران في " فيه " و " عليه " للحمد ، ففي الأول البركة ، بمعنى الزائد من نفس الحمد ، أي : المستلزم لزيادة ثوابه ، وفي الثاني من الخارج لتعديتها بعلى للدلالة على معنى الإفاضة ، أي : على الحمد ثم على قائله من حضرة الحق ، ( كما يحب ربنا ويرضى ) ، أي : حمدا موصوفا ، مما ذكر ، وبأنه مماثل للحمد الذي يحبه الله ويثيب عليه ثوابا جميلا وأجرا جزيلا ، ( فقال صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم انصرف ) ، أي : سلم وانصرف بعد السلام من محله ( فقال : " من المتكلم في الصلاة ؟ " فلم يتكلم أحد ) : بالجواب خوفا علي لظنهم أني أتيت ، بما لا [ ص: 787 ] ينبغي وأن الاستفهام للإنكار ، ( ثم قالها الثانية ) ، أي : القولة الثانية ، أو المرة الثانية ( فلم يتكلم أحد ) : لما سبق أو لأن حق الجواب للمتكلم ، ( ثم قالها الثالثة ، فقال ) : لما ظهر له أن الاستفهام لغير الإنكار ، أو مع كونه له حتى يعلم حكم الله فيما قاله ( رفاعة ) : فيه تجريد وأصله فقلت ( أنا ) : أي المتكلم ( يا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله ) : وفي نسخة صحيحة : النبي صلى الله عليه وسلم : ( " والذي نفسي بيده " ) ، أي : إيجادها وإمدادها بقدرته وإرادته ( " لقد ابتدرها " ) ، أي : استبق إليها ( " بضعة وثلاثون ملك " ) : حروف الكلمات خمس وثلاثون ما عدا التنوينات ( " أيهم يصعد بها " ) ، أي : يسبق بعضهم بعضا ; لأن يصعد بها ، قاله ابن الملك .

وقال الطيبي : الجملة سدت مسد مفعولي " ينظرون " المحذوف على التعليق ، قال ابن الملك : يدل الحديث على جواز الحمد للعاطس في الصلاة ، يعني : على الصحيح المعتمد بخلاف رواية البطلان ، فإنها شاذة ، لكن الأولى أن يحمد في نفسه أو يسكت خروجا من الخلاف على ما في شرح المنية ، والحديث يمكن حمله على ما قبل نسخ الكلام في الصلاة ، ( رواه الترمذي ) : وقال : حديث حسن ، نقله ميرك ، ( وأبو داود ، والنسائي ) : قال ابن حجر : ومنه يؤخذ أنه يسن للمصلي إذا عطس أن يقول ذلك ، وإن اقتصر الأئمة على قولهم : يسن له أن يحمد ويسمع نفسه ، ووقع في الإحياء وغيره ، أنه يحمد في نفسه ولا يحرك به لسانه ، وهذا الحديث أبلغ شاهد لرد هذه المقالة ، قلت : الظاهر أن هذا قبل تحريم الكلام ، ويدل عليه قوله عليه الصلاة والسلام : " من المتكلم في الصلاة ؟ حيث لم يقل من الحامد فيها ، ويؤيده مخالفة العلماء لظاهر هذا الحديث ، والله تعالى أعلم .




الخدمات العلمية