الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
1113 - وعن سهل بن سعد الساعدي ، أنه سئل : من أي شيء المنبر ؟ فقال : هو من أثل الغابة ، عمله فلان مولى فلانة لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقام عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم حين عمل ووضع ، فاستقبل القبلة وكبر ، وقام الناس خلفه ، فقرأ وركع ، وركع الناس خلفه ، ثم رفع رأسه ، ثم رجع القهقرى ، فسجد على الأرض ، ثم عاد إلى المنبر ، ثم قرأ ، ثم ركع ، ثم رفع رأسه ، ثم رجع القهقرى ، حتى سجد بالأرض . هذا لفظ البخاري ، وفي المتفق عليه نحوه ، وقال في آخره : فلما فرغ أقبل على الناس ، فقال : " أيها الناس ! إنما صنعت هذا لتأتموا بي ولتعلموا صلاتي .

التالي السابق


1113 - ( وعن سهل بن سعد الساعدي ) : كان اسمه حزنا ، فسماه النبي صلى الله عليه وسلم سهلا . ( أنه سئل : من أي شيء المنبر ؟ ) : اللام فيه للعهد ; إذ السؤال عن منبره قاله ابن الملك . ( فقال : هو من أثل الغابة ) : بفتح الهمزة وسكون الثاء الطرفاء ، والغابة غيضة ذات شجر كثير ، وهي على تسعة أميال من المدينة ، وقال البغوي : الأثل هو الطرفاء ، وقيل : هو شجرة شبيه بالطرفاء إلا أنه أعظم منه ( عمله فلان ) قيل : اسمه باقوم الرومي ، قال التوربشتي : ذكر أنه صنعه ثلاث درجات . ( مولى فلانة ) : قيل : اسمها عائشة أنصارية ، وقيل امرأة بالمدينة لم يعرف نسبها أصحاب الحديث . ( لرسول الله صلى الله عليه وسلم ) : متعلق بعمله ( وقام عليه ) أي : للتعليم ( رسول الله صلى الله عليه وسلم حين عمل ) أي : صنع ( ووضع ) أي : في مكانه المعروف بالمسجد ( فاستقبل القبلة فكبر ) أي : للتحريمة ، ولعله كان في الدرجة الأخيرة فلم تكثر أفعاله في الصعود والنزول ( وقام الناس " . خلفه ) : اقتداء به ( فقرأ وركع ، وركع الناس خلفه ، ثم رفع رأسه ، ثم رجع ، أي : بخطوتين ( القهقرى ) أي : الرجوع القهقرى مصدر ، وهو الرجوع إلى خلف ، أي [ ص: 860 ] الرجوع المعروف بهذا الاسم ، قال ابن الملك : أي مشى إلى خلف ظهره من غير أن يعود إلى جهة مشيه ، ( فسجد على الأرض ، ثم عاد إلى المنبر ) : قال المظهر : هذا المنبر كان ثلاث درجات متقاربة ، فالنزول يتيسر بخطوة أو خطوتين ، ولا تبطل الصلاة ، وفيه دلالة على أن الإمام إذا أراد تعليم القوم ، أي : القريب والبعيد الصلاة جاز أن يكون موضعه أعلى ، قيل : قوله : عمل إلخ . زيادة في الجواب ، كأنه قيل : المهم أن يعرف هذه المسألة الغريبة ، إنما ذكر حكاية صنع الصانع تنبيها على أنه عارف بتلك المسألة وما يتصل بها من الأحوال والفوائد ، ( ثم قرأ ، ثم ركع ) : وفي نسخة صحيحة : وركع ( ثم رفع رأسه ، ثم رجع القهقرى ، حتى سجد بالأرض . هذا لفظ البخاري ) : أشار بهذا إلى أن هذا الحديث من الفصل الأول ، وإنما أورده هنا تأسيا بالمصابيح ، حيث ذكره في الحسان ليبين به أنه مقيد لما قبله .

( وفي المتفق عليه نحوه ) : قال ميرك : ورواه أبو داود ، النسائي ، وابن ماجه ( وفي آخره ) : وفي نسخة صحيحة : وقال ، أي الراوي في آخره ، أي آخر الحديث المتفق عليه ، ( فلما فرغ أقبل على الناس ، فقال : " أيها الناس ) : وفي نسخة : يا أيها الناس ( إنما صنعت هذا ) أي : ما ذكر من الصلاة على المكان المرتفع ( لتأتموا بي ) أي : لتقتدوا بي في الصلاة أولا ( ولتعلموا صلاتي ) أي : كيفيتها ثانيا ، قال ميرك : كذا في جميع النسخ الحاضرة من المشكاة بسكون العين وتخفيف اللام ، ووقع في أصل سماعنا من البخاري : ولتعلموا بفتح العين وتشديد اللام ، وصرح به الشيخ ابن حجر في شرحه ، وكذلك النووي في شرح مسلم ، قلت : وكذا هو في بعض نسخ المشكاة ، فيكون على حذف إحدى التاءين .




الخدمات العلمية