الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
1348 - وعن عائشة رضي الله عنها ، قالت : فرضت الصلاة ركعتين ، ثم هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ففرضت أربعا ، وتركت صلاة السفر على الفريضة الأولى ، قال الزهري : قلت لعروة : ما بال عائشة تتم ؟ قال : تأولت كما تأول عثمان . متفق عليه .

التالي السابق


1348 - ( وعن عائشة قالت : فرضت الصلاة ركعتين ) ، أي : أولا بمكة ليلة الإسراء ، ( ثم هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ففرضت أربعا ) ، أي : في الحضر ، ( وتركت صلاة السفر على الفريضة الأولى ) : فلو أتمها يكون مسيئا عندنا ، وتكون الركعتان نفلا ، ولو لم يقعد في القعدة الأولى التي هي الأخيرة حكما بطل فرضه ، ثم هذا الحديث يوافق قولها في رواية أخرى : فرضت الصلاة ركعتين ، فأقرت صلاة السفر ، وزيد في صلاة الحضر ، تعني : وتر النهار على حاله في السفر والحضر ، قال ابن حجر : معناه فرضت ركعتين لمن أراد الاقتصار عليهما ، فزيد في صلاة الحضر ركعتان تحتما ، وأقرت صلاة السفر على جواز الإتمام تم كلامه .

وهو في غاية من النقصان إذ لم يعهد في الشرع فرض محدود لمن أراد مع قطع النظر عن احتياجه إلى دليل مثبت ، ولظهور بطلانه ما التفت أحد من الأئمة فيما ذكره من وجوه التأويل الآتية . ( قال الزهري : قلت لعروة : ما بال عائشة تتم ؟ قال : تأولت كما تأول عثمان ) : قال النووي : اختلفوا في تأويلهما ، والصحيح الذي عليه المحققون أنهما رأيا القصر جائزا والإتمام جائزا ، فأخذا بأحد الجائزين وهو الإتمام ، وفيه أنه كيف ترى هذا مع تيقنها بذلك ، وقد تقدم تأول عثمان بأنه أوجب الإتمام لما تقدم من البيان ، فلا مناسبة بينهما أصلا ، وقيل : لأن عثمان نوى الإقامة بمكة بعد الحج فأبطلوه بأن الإقامة بمكة حرام على المهاجرين فوق ثلاث ، وقيل : لعثمان أرض بمنى فأبطلوه بأن ذلك لا يقتضي الإقامة . ذكره الطيبي . وقد تقدم التعليل الصريح فما عداه من الاحتمال غير صحيح ، وقال ابن بطال : الصحيح أنهما كانا يريان أن النبي صلى الله عليه وسلم إنما قصر ; لأنه أخذ بالأيسر على الأمة ، فأخذا على أنفسهما بالشدة ، وقال العسقلاني : سبب إتمام عثمان أنه كان يرى القصر مختصا بمن كان شاخصا سائرا ، وأما من أقام بمكان في أثناء سفره فله حكم المقيم فيتم ، وقال ابن الهمام : حدث لها تردد أو ظن في جعلها ركعتين للمسافر مقيد بحرجه بالإتمام ، ويدل عليه ما أخرجه البيهقي ، والدارقطني بسند صحيح عن عروة ، وعن عائشة أنها كانت تصلي في السفر أربعا ، فقلت لها : لو صليت ركعتين ؟ فقالت : يا ابن أختي إنه لا يشق علي ، وهذا والله أعلم هو المراد من قول عروة : أنها تأولت ، أي : تأولت أن الإسقاط مع الحرج ، لا أن الرخصة في التخيير بين الأداء والترك مع بقاء الافتراض في المخير في أدائه ; لأنه غير معقول اهـ . فالكاف للتنظير لا للتمثيل فتأمل . ( متفق عليه ) .

[ ص: 1006 ]



الخدمات العلمية