الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
1485 - وعن جابر - رضي الله عنه - قال : انكسفت الشمس في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم مات إبراهيم بن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فصلى بالناس ست ركعات بأربع سجدات . رواه مسلم .

التالي السابق


1485 - ( وعن جابر قال : انكسفت الشمس في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم مات إبراهيم ) : في السنة العاشرة من الهجرة ، وهو ابن ثمانية عشر شهرا أو أكثر . قال ابن حجر : وكان ذلك يوم عاشر الشهر كما قاله بعض الحفاظ ، وفيه رد لقول أهل الهيئة : لا يمكن كسوفها في غير يوم السابع أو الثامن أو التاسع والعشرين إلا أن يريدوا أن ذلك باعتبار العادة ، وهذا خارق لها . ( ابن رسول الله - ) صلى الله عليه وسلم - : بإثبات همزة الابن خطأ . قال المظهر : ظن بعضهم أن انكساف الشمس يوم مات إبراهيم بن النبي - صلى الله عليه وسلم - لموته فقال - عليه الصلاة والسلام - : إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله كما تقدم . ( فصلى بالناس ست ركعات ) أي : ركوعات إطلاقا للكل وإرادة للجزء . ( بأربع سجدات ) : قال الطيبي أي : صلى ركعتين بثلاث ركوعات ، وعند الشافعي : وأن أكثر أهل العلم أن الخسوف إذا تمادى جاز أن يركع في كل ركعة ثلاث ركوعات ، وخمس ركوعات ، وأربع ركوعات ، كما في الحديث الآتي .

قال ميرك : وهذا مخالف للمفتى به عند الشافعية كما يعلم من كتبهم : من المنهاج ، والمحرر ، والعجالة ، والقونوي . أقول : لكنه موافق للمفتى به عند النووي وأتباعه ، وفيه إشكال وهو أنه كيف يعرف التمادي في الخسوف أول وهلة حتى يبتدئ بثلاث ركوعات أو بثمان أو بنحوها ، مع أن أحاديث الباب كلها في صلاة كسوف الشمس ، ولا يمكن تعدده عادة في زمن يسير كما هو مقرر عند أرباب الأثر والنظر . ( رواه مسلم ) .

[ ص: 1097 ] قال ابن حجر : في هذين الحديثين والحديث الصحيح : أنه - صلى الله عليه وسلم - جعل يصلي ركعتين ركعتين ، ويسأل عنها حتى انجلت - منافاة لقول الشافعي ، وأكثر أصحابه : لو تمادى الكسوف لم يكرر صلاته ، ولم يزد فيها على ركوعين مطلقا ، كما لا ينفص عنهما إن نواهما ، وإن وقع الانجلاء . وأجاب الشافعي والبخاري : بأنه لا مساغ لحمل هذه الأحاديث على بيان الجواز إذا تعددت الواقعة ، وهي لم تتعدد ; لأن مرجعها كلها إلى صلاته - صلى الله عليه وسلم - في كسوف الشمس يوم مات ابنه إبراهيم ، وحينئذ يجب ترجيح أخبار الركوعين فقط ; لأنها أصح وأشهر .

قلت : بل يجب ترجيح أخبار الركوع فقط ; لأنها الأصل ، وقد ورد به الخبر قولا وفعلا كما سبق ، وسائر الأخبار مضطرب مختلف الآثار ، ثم قال : وخالف في ذلك جماعة من أصحابه الجامعين بين الفقه والحديث كابن المنذر ، فذهبوا إلى تعدد الواقعة ، وحملوا الروايات في الزيادة والتكرير على بيان الجواز ، وقواه النووي في شرح مسلم وغيره اهـ . وفيه : أن تعدد الواقعة لا يثبت بالتجوز العقلي من دون التثبت النقلي ، والله الموفق .




الخدمات العلمية