الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
1548 - وعن أسامة بن زيد - رضي الله عنهما - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " الطاعون رجز أرسل على طائفة من بني إسرائيل ، أو على من كان قبلكم ، فإذا سمعتم به بأرض فلا تقدموا عليه ، وإذا وقع بأرض ، وأنتم بها ، فلا تخرجوا فرارا منه " . متفق عليه .

التالي السابق


1548 - ( وعن أسامة بن زيد ) أي : ابن حارثة . ( قال : قال رسول الله : " الطاعون رجز ) : بكسر الراء أي : عذاب . ( أرسل على طائفة من بني إسرائيل ، أو على من كان قبلكم ، فإذا سمعتم به بأرض ) : قال الطيبـي : هم الذين قيل لهم : ( ادخلوا الباب سجدا فخالفوا . قال تعالى : فأرسلنا عليهم رجزا من السماء . قال ابن الملك : فأرسل الله عليهم الطاعون ، فمات منهم في ساعة أربعة وعشرون ألفا من شيوخهم وكبرائهم ، وأراد بالباب باب القبة التي يصلي إليها موسى - عليه السلام - ببيت المقدس ، أو على من كان قبلكم ، شك من الراوي . فإذا سمعتم به بأرض قال الطيبـي : الباء الأولى متعلقة بسمعتم على تضمين أخبرتم ، وبأرض حال أي : واقعا في أرض . ( فلا تقدموا عليه ) : بضم التاء من الإقدام . وفي بعض النسخ بفتح التاء والدال . قال زين العرب : المحفوظ ضم التاء . وقال التوربشتي : فتح التاء بعض الرواة وضم الدال من قولهم : قدم يقدم ، ومنهم من فتح الدال من قولهم : قدم من سفره يقدم قدوما ، والمحفوظ عند حفاظ الحديث ضم التاء من قولهم : أقدم على الأمر إقداما . قال ابن الملك : أي : لا تدخلوا عليه . وروي أنه - عليه الصلاة والسلام - لما بلغ الحجر ديار ثمود المعذبين فيها منع أصحابه الدخول فيها ، ويؤيده قوله - عليه الصلاة والسلام - : " إذا مررتم بأرض قوم معذبين فأسرعوا لا يصيبكم ما أصابهم " . ( وإذا وقع بأرض ، وأنتم بها ، فلا تخرجوا فرارا منه ) : قال ابن الملك : فإن العذاب لا يدفعه الفرار ، وإنما يمنعه التوبة والاستغفار . وقال الطيبـي : فيه : أنه لو خرج لحاجة فلا بأس ، وقال بعضهم : الطاعون لما كان عذابا نهى عن الإقدام ; فإنه تهور وإقدام على الخطر ، والعقل يمنعه ، ونهى عن الفرار أيضا ; فإن الثبات فيه تسليم لما لم يسبق منه اختيار فيه ، ويحتمل أنه كره ذلك لما فيه من تضييع المرضى والموتى لو تحول الأصحاء عنهم . وقال القاضي : في الحديث النهي عن استقبال البلاء ، فإنه تهور ، وعن الفرار فإنه فرار من القدر ولا ينفعه . قال الخطابي : أحد الأمرين تأديب وتعليم ، والآخر تفويض وتسليم . ( متفق عليه . قال ميرك : ورواه الترمذي ، والنسائي .




الخدمات العلمية