الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
1712 - وعن القاسم بن محمد قال : دخلت على عائشة فقلت : يا أماه ، اكشفي لي عن قبر النبي صلى الله عليه وسلم وصاحبيه ، فكشفت لي عن ثلاثة قبور ، لا مشرفة ولا لاطئة مبطوحة ببطحاء العرصة الحمراء " . رواه أبو داود .

التالي السابق


1712 - ( وعن القاسم بن محمد ) أي : ابن أبي بكر الصديق رضي الله عنه . ( قال : دخلت على عائشة رضي الله عنها فقلت : يا أماه ) بسكون الهاء ، وهي عمته ، لكن قال يا أماه ; لأنها بمنزلة أمه ، أو لكونها أم المؤمنين . ( اكشفي لي ) أي : أظهري وارفعي الستارة . ( عن قبر النبي ) وفي نسخة : رسول الله . ( صلى الله عليه وسلم وصاحبيه ) أي : ضجيعيه ، وهما العمران القمران المنوران ، بجنب البدر المنير ، أو شمس الظهير . ( فكشفت لي ) لأجلي أو لرؤيته . ( عن ثلاثة قبور لا مشرفة ) أي : مرتفعة غاية الارتفاع ، وقيل : أي : عالية أكثر من شبر ( ولا لاطئة ) بالهمزة والياء أي : مستوية على وجه الأرض ، يقال : لطأ بالأرض أي : لصق بها . ( مبطوحة ) صفة لقبور . قال ابن الملك : أي : مسواة مبسوطة على الأرض اهـ .

وفيه أن تكون حينئذ بمعنى لاطئة ، وتقدم نفيها ، والصواب معناها ملقاة فيها البطحاء ، ففي القاموس : تبطيح المسجد إلقاء الحصى فيه ، وفي النهاية : بطح المكان تسويته ، وبطح " المسجد ألقى فيه البطحاء ، وهو الحصى الصغار ، اهـ . وبه يظهر أنه لا دليل للشافعية بهذا الحديث على التسطيح ، وبطل قول ابن حجر : وهو صريح في أن القبور الثلاثة مسطحة لا مسنمة ، وأن ابن حبان صحح أن قبره صلى الله عليه وسلم مرتفع شبرا ، قلت : كونه مرتفعا شبرا لا ينافي كونه مسنما ، وقد تقدم تصريح سفيان : أنه رأى قبر النبي صلى الله عليه وسلم مسنما . ( ببطحاء العرصة ) أي : برمل العرصة ، وهي موضع . وقال الطيبي : العرصة جمعها عرصات ، وهي كل موضع [ ص: 1226 ] واسع لا بناء فيه ، والبطحاء مسيل واسع فيه دقاق الحصى ، والمراد بها هنا الحصى لإضافتها إلى العرصة ، وقوله . ( الحمراء ) صفة للبطحاء أو العرصة . قال الطيبي : أي : كشفت لي عن ثلاثة قبور لا مرتفعة ، ولا منخفضة ، لاصقة بالأرض مبسوطة مسواة ، والبطح أن يجعل ما ارتفع من الأرض مسطحا ، حتى يسوى ويذهب التفاوت . قال السيد : وفيه بحث ، ولعل مراده ما قلنا ، أولا أو أنه يلزم من كلامه أن لا يكون للقبور صورة متميزة عن الأرض ، وهو خلاف الإجماع ; لأن الخلاف لي أنها مسنمات أو مربعات ، وقد سبق الكلام من ابن الهمام على تحقيق المقام ، ثم قال السيد : والأولى أن يقال : معناه ألقى فيها بطحاء العرصة الحمراء . ( رواه أبو داود ) قال السيد : قيل : هذا حديث صحيح ، وقيل : حسن .




الخدمات العلمية