الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
1782 - وعن جابر بن عتيك قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " سيأتيكم ركيب مبغضون ، فإذا جاءوكم فرحبوا بهم ، وخلوا بينهم وبين ما يبتغون ، فإن عدلوا فلأنفسهم ، وإن ظلموا فعليهم ، وأرضوهم فإن تمام زكاتكم رضاهم ، وليدعوا لكم " . رواه أبو داود . .

التالي السابق


1782 - ( وعن جابر بن عتيك ) بفتح العين وكسر التاء الفوقية ( قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سيأتيكم ركيب ) تصغير ركب وهو اسم جمع للراكب ، فلذا صغر على لفظه ، ولو كان جمعا لراكب كما قيل لقيل : رويكبون أي سعاة وعمال للزكاة ( مبغضون ) بفتح الغين المشددة أي يبغضون طبعا لا شرعا ، لأنهم يأخذون محبوب قلوبهم ، وقيل : معناه أنه قد يكون بعض العمال سيء الخلق ، والأول أوجه ( فإذا جاءوكهم فرحبوا بهم ) أي قولوا لهم مرحبا وأهلا وسهلا ، وأظهروا الفرح بقدومهم ، وعظموهم ( وخلوا ) أي اتركوا ( بينهم وبين ما يبتغون ) أي ما يطلبون من الزكاة ، قال ابن الملك : يعني لا تمنعوهم وإن ظلموكم ، لأن مخالفتهم مخالفة السلطان ، لأنهم مأمورون من جهته ، ومخالفة السلطان تؤدي إلى الفتنة . اهـ ، وهو كلام المظهر بناء على أنه عم الحكم في جميع الأزمنة ، قال الطيبي : وفيه بحث ; لأن العلة لو كانت هي المخالفة لجاز الكتمان ، لكنه لم يجز لقوله في الحديث أفنكتم من أموالنا بقدر ما يعتدون ؟ قال : " لا " ( فإن عدلوا ) أي في أخذ الزكاة ( فلأنفسهم ) أي فلهم الثواب ( وإن ظلموا ) بأخذ الزكاة أكثر مما وجب عليكم أو أفضل أي على الفرض والتقدير أو على زعمكم ( فعليهم ) وفي المصابيح : فعليها ، أي فعلى أنفسهم إثم ذلك الظلم ، ولكم الثواب بتحمل ظلمهم ( وأرضوهم ) أي اجتهدوا في إرضائهم ما أمكن بأن تعطوهم الواجب من غير مطل ولا غش ولا خيانة ( فإن تمام زكاتكم ) أي كمالها ( رضاهم ) بالقصر وقد يمد أي حصول رضاهم ( وليدعوا ) بسكون اللام وكسرها ( لكم ) وهو أمر ندب لقابض الزكاة ساعيا أو مستحقا أن يدعو للمزكي ، ويصح أن تكون اللام المفتوحة للتعليل ، والتقدير أرضوهم لتتم زكاتكم وليدعوا ، وفيه إشارة إلى أن الاسترضاء سبب لحصول الدعاء ، ووصول القبول ، قال الطيبي : وما ذكره في المعنى في قوله " مبغضون " أوجه لأن في قوله " سيأتيكم " إلخ إشعارا بأنهم عمال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وينصره شكوى القوم منهم في الحديث الذي يليه ، ومن المعلوم أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يستعمل ظالما ، فالموت أنه سيأتيكم عمال يطلبون منكم زكاة أموالكم ، والنفس مجبولة على حب المال ، فتبغضونهم وتزعمون أنهم ظالمون ، وليسوا بذلك ، وقوله " وإن عدلوا " ، " وإن ظلموا " مبني على هذا الزعم ، ولو كانوا ظالمين في الحقيقة كيف يأمرهم بالدعاء لهم بقوله " ويدعوا لكم " ( رواه أبو داود ) قال ميرك : وفي إسناده ثابت بن قيس الغفاري ، قال ابن معين : ضعيف ، وقال أحمد : ثقة .




الخدمات العلمية