الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
1804 - وعن عتاب بن أسيد أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال في زكاة الكروم : " إنها تخرص كما تخرص النخل ، ثم تؤدى زكاته زبيبا ، كما تؤدى زكاة النخل تمرا " . رواه الترمذي وأبو داود .

التالي السابق


1804 - ( وعن عتاب ) بفتح العين وتشديد الفوقية ( بن أسيد ) بفتح الهمزة وكسر السين ، أسلم يوم الفتح ، واستعمله - صلى الله عليه وسلم - على مكة ، وعمره نيف وعشرون سنة ، وأقره أبو بكر إلى أن مات بها يوم مات أبو بكر ، وكان من سادة قريش ، وهو المعني بقوله - تعالى - واجعل لنا من لدنك وليا واجعل لنا من لدنك نصيرا ( أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال في زكاة الكروم ) أي في كيفية زكاتها ، وهي بضمتين جمع الكرم وهو شجر العنب ، قال ابن حجر : ولا ينافي تسمية العنب كرما خبر الشيخين : لا تسموا العنب كرما ، فإن الكرم هو المسلم ، وفي رواية : فإنما الكرم قلب المؤمن ، لأنه نهي تنزيه على أن تلك التسمية من لفظ الراوي ، فلعله لم يبلغه النهي ، أو خاطب به من لا يعرفه إلا به ، قال العلماء : إنما سمت العرب العنب كرما لكثرة حمله ، وسهولة قطفه ، وكثرة منافعه ، إذ هو فاكهة وقوت ، ويتخذ منه خل ودبس ، وغير ذلك ، والخمر كرم لأنها كانت تحثهم على الكرم ، فنهى الشرع عن تسمية العنب كرما لتضمنه مدحها ، فتتشوق إليها النفوس ، وكان اسم الكرم بالمؤمن وبقلبه أليق وأعلق لكثرة خيره ونفعه ، واجتماع الأخلاق والصفات الجميلة فيه . اهـ ، وفيه أن محل النهي إنما هو مظنة الاحتمالين ، وأما قول الراوي : بل الظاهر أنه كلامه - صلى الله عليه وسلم - في زكاة الكروم فليس من قبيل ذلك ( إنها تخرص ) أي تحزر وتخمن ( كما تخرص النخل ثم تؤدى زكاته ) أي المخروص ( زبيبا ) قال المظهر وتبعه ابن الملك : أي إذا ظهر في العنب والتمر حلاوة يقدر الحازر أن هذا العنب إذا صار زبيبا كم يكون ، فهو حد الزكاة إن بلغ نصابا ( كما تؤدى زكاة النخل تمرا . رواه الترمذي وأبو داود ) قال ميرك : والنسائي وابن ماجه أيضا ، كلهم من طريق سعيد بن المسيب عن معاذ ، قال أبو داود : لم يسمع من معاذ ولا أدركه ، وقال ابن حجر : الحديث حسنه الترمذي ، وصححه الحاكم وابن ماجه ، لكن بين النووي في مجموعه أنه من مراسيل ابن المسيب ، قلت : لا منافاة بين أن يكون الحديث مرسلا وسنده صحيحا ، أو حسنا ، وإنما الخلاف في الاحتجاج به إذا كان صحيحا أو حسنا ، فالجمهور يجعلون المرسل حجة ، والشافعي لا يجعله حجة ، إلا إذا اعتضد ، ثم قال النووي : والأصح فيها إنما يعتد بها إذا اعتضدت بإسناد أو إرسال من جهة أخرى ، أو يقول بعض الصحابة ، أو أكثر العلماء ، وقد وجد ذلك هنا ، ثم قال ما حاصله إن حكمة جعل النخل فيه أصلا مقيسا عليه أن خيبر فتحت الأول سنة سبع ، وبها نخل ، وقد بعث إليهم النبي - صلى الله عليه وسلم - عبد الله بن رواحة فخرصها ، فلما فتح الطائف وبها العنب الكثير أمر بخرصه ، كخرص النخل المعروف عندهم ، ذكره صاحب البيان ، وهو الأحسن ، أو أن النخل كانت عندهم أكثر وأشهر .




الخدمات العلمية