الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
1877 - وعنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " بينا رجل بفلاة من الأرض فسمع صوتا في سحابة : اسق حديقة فلان ، فتنحى ذلك السحاب فأفرغ ماءه في حرة ، فإذا شرجة من تلك الشراج قد استوعبت ذلك الماء كله ، فتتبع الماء فإذا رجل قائم في حديقته يحول الماء بمسحاته ، فقال له : يا عبد الله ما اسمك ؟ قال : فلان ؛ الاسم الذي سمع في السحابة فقال : يا عبد الله لم تسألني عن اسمي ، فقال : إني سمعت صوتا في السحاب الذي هذا ماؤه ويقول : اسق حديقة فلان لاسمك فما تصنع فيها ؟ قال : أما إذا قلت هذا فإني أنظر إلى ما يخرج منها فأتصدق بثلثه وآكل أنا وعيالي ثلثا وأرد فيها ثلثه " . رواه مسلم .

التالي السابق


1877 - ( وعنه ) أي : عن أبي هريرة ( عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : بينا ) بإشباع الفتحة ألفا أي : بين أوقات ( رجل بفلاة ) أي : بصحراء واسعة ( من الأرض فسمع صوتا في سحابة : اسق ) بقطع همز ووصله ( حديقة فلان ) وهي بستان يدور عليه حائط ، وفلان كناية منه - عليه الصلاة والسلام - عن اسم صاحب الحديقة كما سيأتي بيانه صريحا ( فتنحى ذلك السحاب ) أي : تبعد عن مقصده ( فأفرغ ماءه في حرة ) وهي أرض ذات حجارة سود ( فإذا شرجة ) بسكون الراء مسيل الماء إلى السهل من الأرض ( من تلك الشراج ) بكسر الشين أي : الواقعة في تلك الحرة ( قد استوعبت ) أي : بالأخذ ( ذلك الماء ) أي : النازل من السحاب الواقع في الحرة ( كله ) تأكيد ( فتتبع ) أي : ذلك الرجل ( الماء ) أي : أثره ( فإذا رجل قائم في حديقته يحول الماء ) أي : من مكان إلى مكان من حديقته ( بمسحاته ) بكسر الميم وهي المجرفة من الحديد أو غيره ( فقال ) أي : الرجل ( له ) أي : لصاحب الحديقة ( يا عبد الله ما اسمك ؟ ) أي : المخصوص ( قال : فلان ؛ الاسم ) بالرفع وقيل بالنصب ، قال الطيبي : هو صرح باسمه لكن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كنى عنه بفلان ثم فسر بقوله : الاسم ( الذي سمع في السحابة ) ولعل العدول عن التصريح إلى الكناية للإشارة إلى أن معرفة الأسماء المبهمة في بعض المواضع ليست من الأمور المهمة ( فقال له ) أي للرجل ( يا عبد الله لم تسألني عن اسمي ؟ فقال : إني سمعت صوتا في السحاب الذي هذا ماؤه ويقول ) أي : ذلك الصوت يعني صاحبه للسحاب ، وفي نسخة يقول ( اسق حديقة فلان لاسمك ) قال الطيبي أي : قلت أنا فلان لاسمك المخصوص وبدله ، فإن الهاتف صرح بالاسم ، والكناية من السامع ( فما تصنع فيها ؟ ) أي : في حديقتك من الخير حتى تستحق هذه الكرامة ( قال : أما ) بتشديد الميم ( إذ قلت ) وفي نسخة إذا قلت ( هذا فإني أنظر إلى ما يخرج منها ) أي : من زرع الحديقة وثمرها ( فأتصدق بثلثه ) بضمتين وسكون الثاني ( وآكل أنا وعيالي ثلثا وأرد فيها ) أي : وأصرف في الحديقة للزراعة والعمارة ( ثلثه رواه مسلم ) .




الخدمات العلمية