الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
2007 - وعنه قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " من ذرعه القيء وهو صائم فليس عليه قضاء ، ومن استقاء عمدا فليقض " . رواه الترمذي وأبو داود وابن ماجه والدارمي ، وقال الترمذي : هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث عيسى بن يونس ، وقال محمد يعني البخاري : لا أراه محفوظا .

التالي السابق


2007 - ( وعنه ) أي عن أبي هريرة قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " من ذرعه القيء " بالذال المعجمة أي غلبه وسبقه في الخروج " وهو صائم فليس عليه قضاء " لأنه لا تقصير منه " ولو استقاء " أي من تسبب لخروجه " وعمدا " أي عالما بالتحريم مختارا قاله ابن حجر ، والظاهر أنه احتراز عن النسيان كما هو مذهبنا ، إذ الجهل ليس بعذر وكذا الخطأ والإكراه " فليقض " قالابن الملك : والأكثر على أنه لا كفارة عليه ، وفي شرح السنة : عمل بظاهر هذا الحديث أهل العلم فقالوا : من استقاء فعليه القضاء ، ومن ذرعه فلا قضاء عليه ، لم يختلفوا فيه ، وقال ابن عباس وعكرمة : بطلان الصوم مما دخل وليس مما خرج ، قال ابن الهمام : روى أبو يعلى الموصلي في مسنده حدثنا أحمد بن منيع حدثنا مروان بن معاوية عن رزين البكري قال : حدثتنا مولاة لنا يقال لها : سلمى من بكر بن وائل أنها سمعت عائشة - رضي الله عنها - تقول : دخل علي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : " يا عائشة هل من كسرة ؟ " فأتته بقرص فوضعه على فيه ، فقال : " يا عائشة هل دخل بطني منه شيء ؟ كذلك قبلة الصائم إنما الإفطار مما دخل وليس مما خرج " لجهالة المولاة لم يثبته بعض أهل الحديث ، ولا شك في ثبوته موقوفا على جماعة ، ففي البخاري تعليقا : قال ابن عباس وعكرمة : الفطر مما دخل وليس مما خرج ، وأسند عبد الرزاق إلى ابن مسعود قال : إنما الوضوء مما خرج وليس مما دخل ، والفطر مما دخل وليس مما خرج ، وروي من قول علي قال البيهقي : وعلى كل حال يكون مخصوصا بحديث الاستقاء إذ الفطر فيه باعتبار أنه يعود بشيء وإن قل حتى لا يحس به ( رواه الترمذي وأبو داود وابن ماجه والدارمي ) قال ابن الهمام : رواه أصحاب السنن الأربعة واللفظ للترمذي ( وقال الترمذي : هذا حديث غريب ) وفي نقل ابن الهمام حسن غريب ( لا نعرفه ) أي من حديث هشام بن حسان عن ابن سيرين عن أبي هريرة مرفوعا ( إلا من حديث عيسى بن يونس ، وقال محمد يعني البخاري : لا أراه ) بضم الهمزة لا أظنه ( محفوظا ) قال الطيبي : الضمير راجع إلى الحديث ، وهو عبارة عن كونه منكرا اهـ وهذا منه منكر ، إذ قال ابن الهمام : قال البخاري : لا أراه محفوظا لهذا يعني للغرابة ، ولا يقدح في ذلك بعد تصديقه الراوي فإنه هو الشاذ المقبول ، وقد صححه الحاكم على شرط الشيخين ، وابن حبان ، ورواه الدارقطني وقال : رواته كلهم ثقات ، ثم قد تابع عيسى بن يونس عن هشام بن حسان عن حفص بن غياث رواه ابن ماجه ، ورواه الحاكم وسكت عليه ، ورواه مالك في الموطأ موقوفا على ابن عمر ، ورواه النسائي من حديث الأوزاعي موقوفا على أبي هريرة ، ووقفه عبد الرزاق على أبي هريرة وعلي أيضا ، وما روي في سنن ابن ماجه أنه - صلى الله عليه وسلم - خرج في يوم كان يصومه فدعا بالماء فشرب ، فقلنا : يا رسول الله هذا يوم كنت تصومه ، قال : " أجل ، ولكن قئت " ، محمول على ما قبل الشروع أو عروض الضعف ، ثم الجمع بين آثار الفطر مما دخل وبين آثار القيء أن في القيء يتحقق رجوع شيء مما يخرج وإن قل فلاعتباره يفطر ، وفيما إذا ذرعه إن تحقق ذلك أيضا ، لكن لا صنع له فيه ولغيره من العباد ، فكان كالنسيان لا الإكراه والخطأ اهـ قال الشمني : لو تقيأ دون ملء الفم لا يقضي عند أبي يوسف لعدم الخروج حكما ، ويقضي عند محمد لإطلاق الحديث .

[ ص: 1394 ]



الخدمات العلمية