الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
2319 - وعن مكحول ، عن أبي هريرة - رضي الله عنهما - قال : قال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " أكثر من قول : لا حول ولا قوة إلا بالله ، فإنها من كنز الجنة " . قال مكحول : فمن قال : لا حول ولا قوة إلا بالله ، ولا منجى من الله إلا إليه ; كشف الله عنه سبعين بابا من الضر ، أدناها الفقر . رواه الترمذي ، وقال : هذا حديث ليس إسناده بمتصل ، ومكحول لم يسمع عن أبي هريرة .

التالي السابق


2319 - ( وعن مكحول ) : تابعي جليل ، كان من السودان . قال الزهري : العلماء أربعة : ابن المسيب بالمدينة ، والشعبي بالكوفة ، والحسن بالبصرة ، ومكحول بالشام ، كان مفتيا بالشام ، وكان لا يفتي حتى يقول : لا حول ولا قوة إلا بالله ، عن أنس بن مالك ، وواثلة بن الأسقع ، وأبي هند الوزان وغيرهم ، وسمع منه الزهري ، والأوزاعي ، ويحيى بن يحيى العسال ، وابن جريج ، ومالك بن أنس . ( عن أبي هريرة ، قال : قال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " أكثر من قول لا حول ) أي : عن دفع الضر ( ولا قوة ) أي : على جلب النفع ( إلا بالله ) أي : بحفظه وقدرته ( فإنها من كنز الجنة ) أي : من ذخائرها ونفائسها تنفع صاحبها يوم لا ينفع مال ولا بنون . ( قال مكحول ) أي : موقوفا عليه ( فمن قال : لا حول ولا قوة إلا بالله ، ولا منجا ) : بالألف أي : لا مهرب ولا مخلص ( من الله ) : أي : من سخطه وعقوبته ( إلا إليه ) أي : بالرجوع إلى رضاه ورحمته ( كشف الله ) أي : دفع ( عنه سبعين بابا ) أي : نوعا ( من الضر ) : بضم الضاد وتفتح ، وهو يحتمل التحديد والتكثير ( أدناه ) أي : أقل الضرر بمعنى جنسه ( الفقر ) أي : ضرره ، وفي نسخة صحيحة ( أدناها ) أي : أحط السبعين ، وأدنى مراتب الأنواع نوع مضرة الفقر ، والمراد الفقر القلبي الذي جاء في الحديث : كاد الفقر أن يكون كفرا ، لأن قائلها إذا تصور معنى هذه الكلمات تقرر عنده ، وتيقن في قلبه أن الأمر كله بيد الله ، وأن لا نفع ولا ضر إلا منه ، ولا عطاء ولا منع إلا به ، فصبر على البلاء وشكر على النعماء ، وفوض أمره إلى رب الأرض والسماء ، ورضي بالقدر والقضاء فصار من زبدة الأولياء ، وعمدة الأصفياء . ( رواه الترمذي وقال : هذا ) أي : صدر الحديث ( حديث ليس إسناده بمتصل ) : [ ص: 1608 ] وبين عدم الاتصال بقوله : ( ومكحول لم يسمع عن ) : قال ابن حجر : كذا في السمع ، والمشهور " من " . قلت المشهور تعديته بنفسه إلى واحد ، وقيل : إلى اثنين ، فينبغي أن يكون التقدير لم يسمع مكحول الحديث ناقلا أو راويا عن ( أبي هريرة ) : وهذا نكتة ذكر مكحول في عنوان الحديث على خلاف جري عادة المؤلف ، ليكون إشارة إلى الانقطاع ، لكن يقويه أنه ورد عن أبي موسى الأشعري مرفوعا : " قل لا حول ولا قوة إلا بالله فإنها كنز من كنوز الجنة " . رواه الجماعة الستة . وروى النسائي والبزار عن أبي هريرة مرفوعا : " لا حول ولا قوة إلا بالله مع لا منجا من الله إلا إليه كنز من كنوز الجنة " .




الخدمات العلمية