الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
2414 - وعن عبد الله بن أبي أوفى قال : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا أصبح قال : ( أصبحنا وأصبح الملك لله ، والحمد لله ، والكبرياء والعظمة لله ، والخلق والأمر والليل والنهار وما سكن فيهما لله اللهم اجعل أول هذا النهار صلاحا وأوسطه نجاحا وآخره فلاحا يا أرحم الراحمين ) . ذكره النووي في كتاب الأذكار برواية ابن السني .

التالي السابق


2414 - ( وعن عبد الله بن أبي أوفى قال : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا أصبح قال : أصبحنا وأصبح الملك لله والحمد لله ، والكبرياء ) أي : الصفات الذاتية ( والعظمة ) أي : الصفات الفعلية ( لله ) أي : وحده لا شريك له ، كما في الحديث القدسي " الكبرياء ردائي والعظمة إزاري ، فمن نازعني في واحد منهما قصمته " . ( والخلق ) أي : الإيجاد التدريجي ( والأمر ) أي : الإيجاد الآتي ، أو واحد الأوامر والمراد به الجنس ، أو واحد الأمور والمراد به التصرف والحكم ، أو المراد بالخلق الإيجاد وبالأمر الإمداد ، وقد يشار بالأول لعالم الصور وبالثاني لعالم المعاني ومنه : ( قل الروح من أمر ربي ) ( والليل والنهار ) أي : زمانهما ومكانهما ( وما سكن فيهما ) أي : وتحرك ، أو من باب الاكتفاء نحو : سرابيل تقيكم الحر أي : والبرد ، أو سكن بمعنى ثبت ( لله ) أي : لا شريك له وفيه رمز [ ص: 1675 ] إلى قوله تعالى : وله ما سكن في الليل والنهار وفي رواية : " وما يضحي فيهما لله " ( وحده ) أي : وما يدخل في وقت الضحوة ، أو ما يظهر ويبرز فيه ، لا صنع لغيره في الحقيقة ولا في الصورة ( اللهم اجعل أول هذا النهار صلاحا ) أي : في ديننا ودنيانا ( وأوسطه نجاحا ) أي : فوزا بالمطالب المناسبة لصلاح الدارين ( وآخره فلاحا ) أي : ظفرا بما يوجب حسن الخاتمة وعلو المرتبة في درجات الجنة ، والظاهر أن المراد من الأول والآخر والأوسط استيعاب الأوقات والساعات في صرفها إلى العبادات والطاعات لحصول حسن الحالات والمعاملات في الدنيا ، ووصول أعلى الدرجات في الأخرى ، قال الطيبي - رحمه الله - : صلاحا في ديننا بأن يصدر منا ما نتخرط به في زمرة الصالحين من عبادك ، ثم اشغلنا بقضاء مآربنا في دنيانا لما هو صلاح في ديننا ، فأنجحنا واحمل خاتمة أمرنا بالفوز بما هو سبب لدخول الجنة فنندرج في سلك من قيل في حقهم : أولئك على هدى من ربهم وأولئك هم المفلحون اهـ ولذا قالوا : أجمع كلمة في الشريعة كلمة الفلاح ، أقول : ولذا قال تعالى : قد أفلح المؤمنون إلى آخر الآيات ، ثم قال : أولئك هم الوارثون الذين يرثون الفردوس ( يا أرحم الراحمين ) ختم بهذا لأنه سبب لسرعة إجابة الدعاء ، كما جاء في حديث ، وروى الحاكم في مستدركه وصححه من حديث أبي أمامة مرفوعا " إن لله ملكا موكلا بمن يقول يا أرحم الراحمين ، فمن قالها ثلاثا قال له الملك : إن أرحم الراحمين قد أقبل عليك فسل ) . والظاهر أن قيد الثلاث لأن الغالب أن من قالها ثلاثا حضر قلبه ورحمه ربه ( ذكره النووي ) رحمه الله بحذف الألف وإثباته ( في كتاب الأذكار برواية ابن السني ) وذكره الجزري في الحصن برواية ابن أبي شيبة مع تغيير يسير " وفيه وأوسطه فلاحا وآخره نجاحا ، أسألك خير الدنيا والآخرة " .




الخدمات العلمية