الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
2432 - وعن معاذ بن جبل قال سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - رجلا يدعو يقول : اللهم إني أسألك تمام النعمة ، فقال : ( أي شيء تمام النعمة ؟ ) قال : دعوة أرجو بها خيرا ، فقال : ( إن من تمام النعمة دخول الجنة والفوز من النار ) وسمع رجلا يقول : يا ذا الجلال والإكرام ، فقال : ( قد استجيب لك ، فسل ) وسمع النبي - صلى الله عليه وسلم - رجلا وهو يقول : اللهم إني أسألك الصبر ، فقال : ( سألت الله البلاء فاسأله العافية ) . رواه الترمذي .

التالي السابق


2432 - ( وعن معاذ بن جبل قال سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - رجلا يدعو يقول ) بدل أو حال ( اللهم إني أسألك تمام النعمة فقال ) أي : النبي - صلى الله عليه وسلم - سؤال امتحان ( أي شيء تمام النعمة ؟ قال : دعوة ) أي : مستجابة ، ذكره الطيبي ، أو هو دعوة أو مسألة دعوة ( أرجو بها خيرا ) أي : مالا كثيرا ، قال الطيبي : وجه مطابقة الجواب السؤال هو أن جواب الرجل من باب الكناية أي : أسأله دعوة مستجابة فيحصل مطلوبي منها ، ولما صرح بقوله خيرا ، فكان غرضه المال الكثير كما في قوله تعالى : إن ترك خيرا فرده - صلى الله عليه وسلم - بقوله إن من تمام النعمة إلخ وأشار إلى قوله تعالى : فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز وتبعه ابن حجر ، والأظهر أن الرجل حمل النعمة على النعم الدنيوية الزائلة الفانية ، وتمامها على مدعاة في دعائه فرده - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك ودله على أن لا نعمة إلا النعمة الباقية الأخروية ( فقال : إن من تمام النعمة دخول الجنة ) أي : ابتداء ( والفوز ) أي : الخلاص والنجاة ( من النار ) أي : ولو انتهاء ، وهو لا ينافي ما نقده البغوي عن علي - كرم الله وجهه - في قوله تعالى : ولأتم نعمتي عليكم [ ص: 1689 ] تمام النعمة الموت على الإسلام لأنهما متلازمان ، وفي إيراد من التبعيضية إيماء إلى أن تمام النعمة الحقيقية إنما هي مشاهدة الذات الحقية ( وسمع ) أي : النبي - صلى الله عليه وسلم - ( رجلا يقول : يا ذا الجلال والإكرام ) أي : يا صاحب العظمة والمكرمة ( قال : قد استجيب لك فسل ) أي : ما تريد ، هو بالهمز وتركه ( وسمع النبي - صلى الله عليه وسلم - رجلا وهو يقول : اللهم إني أسألك الصبر ، فقال : سألت الله البلاء ) لأنه يترتب عليه ( فاسأله العافية ) أي : فإنها أوسع ، وكل أحد لا يقدر أن يصبر على البلاء ، ومحل هذا إنما هو قبل وقوع البلاء وأما بعده فلا منع من سؤال الصبر بل مستحب لقوله تعالى : ربنا أفرغ علينا صبرا ( رواه الترمذي ) وقال حسن ، نقله ميرك .




الخدمات العلمية