الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
الفصل الثالث

2450 - عن عائشة - رضي الله عنها - ، قالت ، إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان إذا جلس مجلسا أو صلى بكلمات ، فسألته عن الكلمات فقال : ( إن تكلم بخير كان طابعا عليهن إلى يوم القيامة ، وإن تكلم بشر كان كفارة له : سبحانك اللهم وبحمدك ، لا إله إلا أنت ، أستغفرك وأتوب إليك ) . رواه النسائي .

التالي السابق


الفصل الثالث

2450 - ( عن عائشة - رضي الله عنها - قالت : إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان إذا جلس مجلسه أو صلى ) : أي : صلاة ( تكلم بكلمات ) : أي : عند انصرافه عنها ، أو قيامه عنه ( فسألته عن الكلمات ) : أي : عن [ ص: 1700 ] فائدتها ( فقال : إن تكلم بخير ) : بصيغة المجهول فنائبه الجار ، وفي نسخة على بناء المعلوم أي : إن تكلم متكلم بخير أي طاعة قبل تلك الكلمات المسئول عنها ، ( كان ) : أي : الذكر الآتي وهو تلك الكلمات ، وقيل : أي : تلك الكلمات ، وتذكير الضمير باعتبار الكلام ( طابعا ) بفتح الموحدة وتكسر ، وقول ابن حجر طابعا بفتح الباء وهو الختم - سهو قلم إذ الطابع ما يختم به ، الختم مصدر ، فلا يصح الحمل ، والظاهر أن المراد به هنا الأثر الحاصل به لا الطابع ، أي : ختما ( عليهن ) : أي : على كلمات الخير ( إلى يوم القيامة ، وإن تكلم ) بالوجهين ( بشر ) : أي : بإثم ، ولم يبين فيه حكم المباح ، ولعله إشارة إلى أنه وإن كان يكتب كما دل عليه عموم قوله تعالى : ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد إلا أنه يمحى عند الحساب أو قبله ، فلا يكون له عاقبة يخاف منها . ( كان كفارة له ) : أي : لما تكلم به من الشر ، وقول ابن حجر : وجمعه أولا وأفرده ثانيا بقوله نظرا للفظه تفننا - خطأ ، إذ ليس لهما مرجع مذكور بلفظ يحتمل أن يكون مفردا وجمعا ، بل جمع باعتبار كلمات الخير ، وأفرد باعتبار ما تكلم به من الشر ، نعم يمكن أن يقال إنما جمع تعظيما للكلمات الدالة على الحسنات ، والله أعلم . " سبحانك اللهم " : تفسير لقوله بكلمات أي تكلم : سبحانك إلخ . فسألته عن فائدتها . وفي الكلام تقديم وتأخير ، وضمير كان في الموضعين راجع إلى قوله : سبحانك في المعنى كما لا يخفى ، وفي تقدم الفائدة عليه إيماء إلى مزيد الاعتناء ولعظم فائدة الجزاء . ( وبحمدك ) : عطف أي : أسبح وأحمد ، أو بنعمتك أسبح ، أو حال أي : أسبح حامدا لك .

قال الطيبي : قوله : من الكلمات التعريف للعهد ، والمعهود قوله كلمات ، وهو يحتمل وجهين : إما أن لا يضمر شيء فيكون الكلمات الجملتين الشرطيتين ، واسم كان فيهما مبهم تفسيره قوله : سبحانك اللهم ، وإما أن يقدر فما فائدة الكلمات ؟ فعلى هذا الكلمات هي قوله : سبحانك اللهم ، والمضمر في كان راجع إليه ، ففي الكلام تقديم وتأخير ، وهذا الوجه أحسن بحسب المعنى ، وإن كان اللفظ يساعد الأول ، وقوله : ( اللهم ) معترض ، لأن قوله : ( وبحمدك ) متصل بقوله : ( سبحانك ) إما بالعطف أي : أسبح وأحمد ، أو بالحال أي : أسبح حامدا لك . قال ابن حجر : فالواو زائدة ، أو بمعنى " مع " والباء للملابسة . ( لا إله إلا أنت ) : أي : أنت المنزه عن كل نقصان ، وأنت المحمود بكل إحسان ( أستغفرك ) : أي : من كل ذنب ( وأتوب إليك ) : أي : من كل عيب ، والمعنى أسألك أن تغفر لي وأن تتوب علي . ( رواه النسائي ) .




الخدمات العلمية