الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
2476 - وعن عمران بن حصين - رضي الله عنهما - قال : قال النبي - صلى الله عليه وسلم - لأبي : يا حصين كم تعبد إلها ؟ قال أبي : سبعة ستا في الأرض وواحدا في السماء ، فأيهم تعد لرغبتك ورهبتك ؟ قال : الذي في السماء قال يا حصين : أما إنك لو أسلمت علمتك كلمتين تنفعانك ، قال : فلما أسلم حصين قال : يا رسول الله علمني الكلمتين اللتين وعدتني فقال : اللهم ألهمني رشدي وأعذني من شر نفسي ) . رواه الترمذي .

التالي السابق


2476 - ( وعن عمران بن حصين ) بالتصغير ، قال المؤلف : أسلم عام خيبر ، سكن البصرة إلى أن مات بها وكان من فضلاء الصحابة وفقهائهم أسلم هو وأبوه - رضي الله عنهما - ( قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأبي ) أي : حال كفره ( يا حصين كم تعبد اليوم ) اللام للمعهود الحاضر نحو قوله تعالى : اليوم أكملت لكم دينكم ( إلها ) مفعول تعبد وحذف مميزها استغناء عنه لأنه دال عليه ، واختار ابن حجر أن يكون مميزا لكم الاستفهامية ، قال : ولا يضره الفصل لأنه غير أجنبي وفيه توقف . ( قال أبي : سبعة ) أي : عبد سبعة من الآلهة ( ستا في الأرض وواحدا في السماء ) أي : على زعمه ، قال الطيبي : المذكور في التنزيل يغوث ويعوق ونسر واللات والمناة والعزى كلها مؤنثة ، وإنما قال سبعة لدخول الله فيها فغلب جانب التذكير ثم أنث ستا وذكر واحدا اه . وتبعه ابن حجر وفيه أن يغوث ويعوق ونسر من أصنام قوم نوح ولا دلالة على تأنيثها ، وإنما العرب كانت لهم آلهة متعددة منها ما ذكر في التنزيل ومنها ما لم يذكر فيه ، وقد ورد أن حول البيت المبارك حين فتح مكة المكرمة كان ثلاثمائة وستون صنما كلما مر - عليه الصلاة والسلام - بصنم أشار إليه بقضيبه وهو يقول : " جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا " فيقع الصنم لوجهه . رواه البيهقي ، وقد رأى شخص من العرب أنه يبول على صنمه الثعلب قال : أرب يبول الثعلبان برأسه وأسلم ، وروي أنه - صلى الله عليه وسلم - قال لبعض المجددين في الإسلام : هل نفعك أصنامك ؟ وربما قال : نعم نفعني صنم عملته من الحيس فوقع القحط فنفعني أكله فتبسم - صلى الله عليه وسلم . ( قال : فأيهم ) بضم الياء ( تعد ) بفتح التاء وضم العين أي : تعده إلها ( لرغبتك ورهبتك ) وفي نسخة بضم أوله وكسر ثانيه ، أو تهيئه لينفعك حين ترجو وتخاف ، قال الطيبي : الفاء جزاء شرط محذوف أي : إذا كان كذلك فأيهم تخصه وتلتجئ إليه إذا نابتك نائبة ، قال : الذي في السماء ) أي : معبود فيها أو قاله على زعمه ولعل سكوته عنه - صلى الله عليه وسلم - تألفا به ( قال : يا حصين أما ) بالتخفيف للتنبيه ( إنك ) بالكسر ( لو أسلمت علمتك كلمتين ) أي : دعوتين ( تنفعانك ) أي : في الدارين ، قال الطيبي : وهذا من باب إرخاء العنان وكلام المنصف لأن من حق الظاهر أن يقال له بعد إقراره أسلم ولا تعاند ، وأغرب ابن حجر حيث قال : ليس من باب الإرخاء بل من باب الإغراء على الشيء بذكر ما يحمل عليه ، قلت :


عباراتنا شتى وحسنك واحد فكل إلى ذاك الجمال يشير



لأن مؤدى العبارتين واحد ، وهو بيان الهداية بلطف العبارة ومنه قوله تعالى : وإنا أو إياكم لعلى هدى أو في ضلال مبين ( قال ) أي : عمران ( فلما أسلم حصين قال : يا رسول الله علمني الكلمتين اللتين وعدتني ) أي : بتعليمهما ( قال : قل ) أي : ادع هذا الدعاء متى ما شئت وأما تقييده بما بين السجدتين كما فعله ابن حجر فبعيد جدا ( اللهم ألهمني رشدي ) بضم فسكون وبفتحتين أي : وفقني إلى الرشد وهو الاهتداء إلى الصلاح ( وأعذني ) أي : أجرني واحفظني ( من شر نفسي ) فإنها منبع الفساد قال الطيبي : فيه إشارة إلى أن اتخاذ تلك الآلهة ليس الأهوى للنفس الأمارة بالسوء وإن الرشد إلى الطريق المستقيم والدين القويم هو العلي الحكيم ( رواه الترمذي ) وقال حسن غريب نقله ميرك .




الخدمات العلمية