الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
3291 - وعن نافع عن مولاة لصفية بنت أبي عبيد أنها اختلعت من زوجها بكل شيء لها فلم ينكر ذلك عبد الله بن عمر . رواه مالك .

التالي السابق


3291 - ( وعن نافع عن مولاة لصفية ) : أي : أخت المختار بن أبي عبيدة الثقفية زوجة عبد الله بن عمر ، أدركت النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وسمعت منه ، ولم ترو عنه ، وروت عن عائشة وحفصة ( بنت أبي عبيد أنها ) : أي : صفية ( اختلعت من زوجها ) : أي : ابن عمر ( بكل شيء لها ) : من مالها أو بكل حق لها حصل بإعطائه ( فلم ينكر ذلك عبد الله بن عمر رواه مالك ) : قال ابن الهمام : ذهب المزني إلى أن الخلع غير مشروع أصلا ، وقيدت الظاهرية صحته بما إذا كرهته وخاف أن لا يوفيها حقها ، وأن لا توفيه حقه ومنعته إذا كرهها هو ، وقال لا يجوز إلا أن يأذن السلطان ، كذا روي عن ابن سيرين ، وسعيد بن جبير ، والحسن وجه قول المزني أن قوله تعالى : ( فلا جناح عليهما فيما افتدت به ) نسخ حكمه بقوله تعالى : ( وإن أردتم استبدال زوج مكان زوج وآتيتم إحداهن قنطارا فلا تأخذوا منه شيئا ) أجيب بأنه متوقف على العلم بتأخر هذه وعدم إمكان الجمع ، والأول منتف وكذا الثاني ؛ لأن هذا النهي متعلق بما إذا أراد الزوج استبدال غيرها مكانها ، والآية مطلقة ، فكيف تكون هذه ناسخة لها مطلقا ؟ وفي الهداية وإن كان النشوز من قبله ، كره له أن يأخذ منها شيئا لقوله تعالى : ( فلا تأخذوا منه شيئا ) نهى عن الأخذ منها عند عدم نشوزها وكونه من قبله ، وثبوت الكراهة دون التحريم للمعارضة ، وفيه بحث ذكره ابن الهمام ولقوله - صلى الله عليه وسلم - في امرأة ثابت من نفي الزيادة ، قال ابن الهمام : تقدم ذكر الحديث من رواية البخاري وليس فيه ذكر الزيادة وقد رويت مرسلة ومسندة ، فروى أبو داود في مراسيله ، وابن أبي شيبة ، وعبد الرزاق كلهم عن عطاء ، وأقرب المسانيد مسند عبد الرزاق قال : أخبرنا ابن جريج ، عن عطاء : جاءت امرأة إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لتشكو زوجها ، فقال : أتردين عليه حديقته التي أصدقك ؟ قالت : نعم وزيادة ، قال : " أما الزيادة ، فلا " . وأخرجه الدارقطني كذلك ، وقد أسنده الوليد عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس ، والمراسيل أصح ، وأخرج عن ابن الزبير أن ثابت بن قيس بن شماس كانت عنده زينب بنت عبد الله بن أبي ابن سلول ، وكان أصدقها حديقة فكرهته فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : أتردين عليه حديقته التي أعطاك ؟ قالت : نعم وزيادة فقال : النبي - صلى الله عليه وسلم - أما الزيادة ، فلا ، ولكن حديقته ، قالت : نعم فأخذها ، ثم أخرج عن عطاء أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : لا يأخذ الرجل من المختلعة أكثر مما أعطاها . وروى ابن ماجه عن ابن عباس أن جميلة بنت سلول أتت النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالت : والله ما أعتب على ثابت في دين ولا خلق ، ولكن أكره الكفر في الإسلام لا أطيقه بغضا ، فقال - صلى الله عليه وسلم - : أتردين عليه حديقته ، فأمره أن يأخذ منها حديقته ولا يزداد ، ورواه من طريق آخر وسماها فيه [ ص: 2145 ] حبيبة بنت سهل ولم يذكر الزيادة وكذا رواه الإمام أحمد وسماها حبيبة بنت سهل الأنصارية وزاد فيه وكان ذلك أول خلع في الإسلام ، فقد علمت أنه لا شك في ثبوت هذه الزيادة ؛ لأن المرسل حجة عندنا بانفراده وعند غيرنا إذا اعتضد بمرسل آخر يرسل من روى غير رجال الأول ، أو بمسند كان حجة ، وقد اعتضد هنا بهما جميعا ، وظهر لك الخلاف في اسم المرأة جميلة أو حبيبة أو زينب ، وفي اسم أبيها عبد الله ابن سلول أو سلول أو سهل ، والمسألة مختلفة بين الصحابة ، فذكر عبد الرزاق عن معمر عن عبد الله بن مغفل بن عقيل أن الربيع بنت معوذ بن عفراء حدثته أنها اختلعت من زوجها بكل شيء تملكه فخوصم في ذلك إلى عثمان بن عفان ، فأجازه وأمره أن يأخذ عقاص رأسها فما دونه ، وذكر أيضا عن ابن جريج ، عن موسى بن عقبة ، عن نافع أن ابن عمر جاءته مولاة لامرأته اختلعت من كل شيء وكل ثوب حتى نفقتها ، وذكر عبد الرزاق ، عن معمر ، عن ليث ، عن الحكم ، عن عقبة ، عن علي بن أبي طالب : لا يأخذ منها فوق ما أعطاها ، ورواه وكيع عن أبي حنيفة عن عمار بن عمران الهمداني عن أبيه عن علي أنه كره أن يأخذ منها أكثر مما أعطاها وقال طاوس : لا يحل له أن يأخذ منها أكثر مما أعطاها .




الخدمات العلمية