الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
3306 - وعنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال للمتلاعنين : " حسابكما على الله ، أحدكما كاذب لا سبيل لك عليها " : قال : يا رسول الله ! مالي . قال : " لا مال لك ، إن كنت صدقت عليها فهو بما استحللت من فرجها ، وإن كنت كذبت عليها فذاك أبعد وأبعد لك منها " . متفق عليه .

التالي السابق


3306 - ( وعنه ) : أي : ابن عمر ( أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال للمتلاعنين : ( حسابكما ) : أي : محاسبتكما وتحقيق أمركما ومجازاته ( على الله ، أحدكما ) : أي : لا على التعيين عندنا ( كاذب ) : أي : في نفس الأمر ، ونحن نحكم بحسب الظاهر ( لا سبيل لك عليها ) : أي : لا يجوز لك أن تكون معها بل حرمت عليك أبدا قيل : فيه وقوع الفرقة بمجرد اللعان من غير احتياج إلى تفريق الحاكم ، وبه قال الشافعي ، قال الأكمل : وفيه أنه ليس بواضح ; لأنه يجوز أن يكون معناه لا سبيل له عليها بعد التفريق ، اهـ . وقد سبق الكلام . ( قال : يا رسول الله مالي ) : هو فاعل فعل محذوف أي : أيذهب مالي ؟ أو أين يذهب مالي الذي أعطيتها مهرا ؟ ( قال : لا مال لك ) : أي : باق عندها ؟ لأن الأمر لا يخلو عن أحد شيئين ( إن كنت صدقت عليها فهو بما استحللت من فرجها ) : أي : فمالك في مقابلة وطئك إياها ، وفيه أن الملاعن لا يرجع بالمهر عليها إذا دخل عليها ، وعليه اتفاق العلماء ، وأما إن لم يدخل بها فقال أبو حنيفة ، ومالك ، والشافعي : لها نصف المهر ، وقيل : لها الكل ، وقيل : لا صداق لها ( وإن كنت كذبت عليها فذاك ) : أي : عود المهر إليك ( أبعد ) : لأنه إذا لم يعد إليك حالة الصدق فلأن لا يعود إليك حالة الكذب أولى ، ثم أكده بقوله : ( وأبعد لك منها ) : أي : من المطالبة عنها . قال الطيبي - رحمه الله - : فذلك إشارة إلى قوله : ( مالي ) : أي : إن صدقت فهذا الطلب بعيد ; لأنه بدل البضع ، وإن كذبت فأبعد وأبعد لك ، واللام في ( لك ) : للبيان متعلقة بـ " أبعد " الأول ، كما في قوله تعالى : ( هيت لك ) وأبعد الثاني مقحم للتأكيد . قال النووي - رحمه الله - : فيه أن الخصمين المتكاذبين لا يعاقب أحد منهما ، وإن علمنا كذب أحدهما على الإبهام ، وفيه دليل على استقرار المهر بالدخول ، وعلى ثبوت مهر الملاعنة المدخول بها . وفيه أيضا أنه لو صدقته وأقرت بالزنى لم يسقط مهرها . ( متفق عليه ) .

[ ص: 2161 ]



الخدمات العلمية