الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
[ ص: 2200 ] 3359 - وعن رافع بن مكيث ، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : nindex.php?page=treesubj&link=19509_19516_18183nindex.php?page=hadith&LINKID=10362459حسن الملكة يمن ، وسوء الخلق شؤم . رواه أبو داود . ولم أر في غير المصابيح ما زاد عليه فيه من قوله : والصدقة تمنع السوء ، والبر زيادة في العمر .
3359 - ( وعن رافع بن مكيث ) : بفتح الميم وكسر الكاف وسكون الياء تحتها نقطتان وبالثاء المثلثة ، كذا ضبطه المؤلف ، وقال : جهني شهد الحديبية ، روى عنه ابناه : هلال والحارث . ( أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : حسن الملكة ) : بضم الحاء المهملة أي حسن الصنيع إليهم ( يمن ) : بضم أوله ، يعني : إذا أحسن الصنيع بالمماليك يحسنون خدمته ، وذلك يؤدي إلى اليمن والبركة ، كما أن سوء الملكة يؤدي إلى الشؤم والهلكة ، وهذا معنى قوله : " وسوء الخلق " : بضمتين وسكون الثاني أي الذي ينشأ منه ( شوم ) : سوء الملكة بضم فسكون واو ، وفي نسخة بسكون همز ، ففي القاموس : الشؤم بضم الشين المعجمة وسكون الهمزة ضد اليمن ، وفي النهاية : الشؤم ضد اليمن ، وأصله الهمز فخفف واوا وغلب عليها التخفيف حتى لم ينطق بها مهموزة قال القاضي رحمه الله : أي nindex.php?page=treesubj&link=19516_18183حسن الملكة يوجب اليمن إذ الغالب أنهم إذا رأوا السيد أحسن إليهم كانوا أشفق عليه وأطوع له وأسعى في حقه ، وكل ذلك يؤدي إلى اليمن والبركة ، وسوء الخلق يورث البغض والنفرة ويثير اللجاج والعناد وقصد الأنفس والأموال . ( رواه أبو داود ) : قال المنذري : ورواه أحمد أيضا . كلاهما عن بعض بني رافع بن مكيث ولم يسم عنه ، ورواه أبو داود أيضا عن الحارث بن مكيث ، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مرسلا ، ذكره ميرك .
قال صاحب المشكاة : ( ولم أر في غير " المصابيح " : ما ) : مفعول لم أر أي الذي ( زاد ) : أي المصابيح ، والمراد صاحب المصابيح ( عليه ) : أي على الحديث المذكور في أصل المشكاة ( فيه ) : أي في المصابيح ( من قوله ) : بيان لما زاد أي وهو قوله : ( والصدقة تمنع ميتة السوء ) : بكسر الميم وفتح السين وضمها وهي نوع من الموت أي : nindex.php?page=treesubj&link=23468الصدقة تمنع موت الفجأة فإنه موت سيئ لإتيانه بغتة لا يقدر المرء فيه على التوبة ، وكذا قوله : ( " والبر " ) : أي الإحسان إلى الخلق ، أو طاعة الخالق ( زيادة في العمر ) : بضمتين ويسكن الثاني أي يزيد في العمر ، وهو يحتمل أن تكون الزيادة محسوسة بأن علقها الله تعالى أن عمر فلان كذا سنة ، ولو أحسن في طاعة الله تعالى أو إلى خلقه زيد عليه كذا سنة ، كما أنه قدر إذا مرض ودوي يشفى ، ويحتمل أن تكون الزيادة معنوية بحصول البركة والخير في العمر ، أو الثناء الجميل بعده ، فإنه زيادة عمر حكما . قال تعالى : nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=11وما يعمر من معمر ولا ينقص من عمره إلا في كتاب إن ذلك على الله يسير قال التوربشتي رحمه الله : الميتة بكسر الميم الحالة التي يكون عليها الإنسان من موته كالجلسة والركية ، يقال : فلان مات ميتة حسنة أو ميتة سيئة ، وقوله : البر زيادة في العمر يحتمل أنه أراد بالزيادة البركة فيه ، فإن الذي بورك في عمره يتدارك في اليوم الواحد من فضل الله ورحمته ما لا يتداركه غيره في السنة من سني عمره ، أو أراد أن الله جعل ما علم منه من البر سببا للزيادة في العمر ، وسماه زيادة باعتبار طوله ، وذلك كما جعل التداوي سببا للسلامة ، والطاعة سببا لنيل الدرجات ، وكل ذلك كان مقدرا كالعمر ، قال ميرك : يفهم من كلام الشيخ الجزري أن الحديث على ما في المصابيح أخرجه أحمد بتمامه والله تعالى أعلم اهـ .
فاعتراض صاحب المشكاة غير صحيح على صاحب المصابيح ، فمن حفظ حجة على من لم يحفظ ، ويؤيده ما في الجامع الصغير : " حسن الملكة يمن ، وسوء الخلق شؤم " . رواه أبو داود ، عن رافع بن مكيث ، وروى أحمد والطبراني عنه بلفظ : nindex.php?page=hadith&LINKID=10362460حسن الملكة نماء وسوء الخلق شؤم ، والبر زيادة في العمر ، والصدقة تمنع ميتة السوء " . وروى ابن عساكر عن جابر ، ولفظه : " nindex.php?page=hadith&LINKID=10362459حسن الملكة يمن ، وسوء الخلق شؤم ، وطاعة المرأة ندامة ، والصدقة تدفع القضاء السوء " .