الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
3497 - وعن خشف بن مالك ، عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم في دية الخطأ عشرين بنت مخاض ، وعشرين ابن مخاض ذكور ، وعشرين بنت لبون ، وعشرين جذعة ، وعشرين حقة . رواه الترمذي ، وأبو داود ، والنسائي ، والصحيح أنه موقوف على ابن مسعود وخشف مجهول لا يعرف إلا بهذا الحديث . وروي في ( شرح السنة ) أن النبي صلى الله عليه وسلم ودى قتيل خيبر بمائة من إبل الصدقة وليس في أسنان إبل الصدقة ابن مخاض إنما فيها ابن لبون .

التالي السابق


3497 - ( وعن خشف ) : بكسر الخاء وسكون الشين المعجمتين وبالفاء ( ابن مالك ) ، أي الطائي ، روى عن أبيه وعمر وابن مسعود ، وعنه زيد بن جبير ، وثق ذكره المصنف . وفي التقريب وثقه النسائي . ( عن ابن مسعود قال : قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم في دية الخطأ عشرين بنت مخاض ) قال الطيبي : يحتمل وجهين . أحدهما : أن المراد منه الجنس ، فيشتمل على الذكور والإناث وثانيهما : الأنثى منه ، وهو المراد في الحديث لعطف قوله : ( وعشرين ابن مخاض ذكور ) بالجر على الجواز كما في المثل جحر ضب خرب كذا في الترمذي ، وأبي داود ، وشرح السنة ، وبعض نسخ المصابيح ، وفي بعضها ذكورا بالنصب وهو ظاهر ، وأراد تأكيده بقوله : ذكور . ( وعشرين بنت لبون ، وعشرين بنت جذعة ) بفتحتين ( وعشرين حقة ) . بكسر أوله ( رواه أبو داود ، والترمذي ، والنسائي والصحيح أنه موقوف على ابن مسعود ) ، قلت : وعلى تقدير تسليمه لا يضره ، فإن مثل هذا الموقوف في حكم المرفوع فإن التقادير لا تعرف من قبل الرأي مع أن المقرر في الأصل أنه إذا كان الحديث مرفوعا وموقوفا يعتبر المرفوع . ( وخشف مجهول لا يعرف إلا بهذا الحديث ) . قلت : يجاب عنه بأنه روى عن ابن مسعود وعن عمرو عن أبيه كما سبق فيكون معروفا ; لأن أقل المعروف أن يروي عن اثنين . قال التوربشتي : والعجب من مؤلف المصابيح كيف يشهد بصحته موقوفا ، ثم طعن في الذي يرويه عنه ، وقوله : خشف مجهول لم يبتدعه هو بل سبقه الأولون الذين خالفوا هذا الحديث ، وأراه قد نقله الخطابي ، وكان عليه أن لا يبادر فيه ، وقد ذكره البخاري في تاريخه فقال : خشف بن مالك سمع ابن مسعود .

قال الطيبي : قوله وأراه قد نقله الخطابي ليس بطعن ، بل قلد أبا داود والترمذي : قال أبو داود : وهو قول عبد الله . وقال الترمذي : حديث ابن مسعود لا نعرفه مرفوعا إلا من هذا الوجه ، وقد روي عن عبد الله موقوفا . وفي شرح السنة : خشف بن مالك مجهول لا يعرف إلا بهذا الحديث ، وقوله : عن البخاري أن خشفا سمع عمر وابن مسعود لا يجعله من المشهورين . قلت : لا يجعله من المشهورين ، لكن يخرجه من المجهولين قال : ولعل غرضه في الطعن تقرير مذهبه . قلت : وجه الطعن ظاهر ; لأنه لا معنى لطعن الراوي بعد الحكم بأن الحديث صحيح ، سواء يكون مرفوعا أو موقوفا ، ولعل الخطابي سبق البغوي في هذا الوجه والله تعالى أعلم . قال في شرح السنة : الخطأ أخماس عند أكثر أهل العلم ، غير أنهم اختلفوا في تقسيمها ، فذهب قوم إلى أنها عشرون بنت مخاض ، وعشرون بنت لبون ، وعشرون ابن لبون ، وعشرون حقة ، وعشرون جذعة ، وبه قال الليث ومالك والشافعي ، وأبدل قوم بني اللبون ببني المخاض ، واحتجوا بحديث خشف . قال الشمني : لهم ما في الكتب الستة من حديث سهل بن أبي حثمة في الذي وداه النبي صلى الله عليه وسلم بمائة من إبل الصدقة ، وبنو المخاض لا مدخل لها في الصدقات ، ولنا ما أخرجه أصحاب السنن الأربعة ، عن حجاج بن أرطأة عن زيد بن جبير ، عن خشف بن مالك الطائي ، عن عبد الله بن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( في دية الخطأ عشرون حقة ، وعشرون جذعة ، وعشرون بنت مخاض ، وعشرون بنت لبون ، وعشرون بني مخاض ذكر ) وخشف وثقه النسائي ، وذكره ابن حبان في الثقات وزيد بن جبير وهو الحسمي وثقه ابن معين وغيره ، وأخرجا له في الصحيحين . ( وروي ) : بصيغة المجهول وفي نسخة بالمعلوم أي روى صاحب المصابيح ( في شرح السنة ) : أي بإسناده ( أن النبي صلى الله عليه وسلم ودى قتيل خيبر ) : بتخفيف الدال أي أعطى ديته ( بمائة من إبل الصدقة ليس ) : وفي نسخة وليس ( في أسنان إبل الصدقة ابن مخاض ) : الجملة حالية ، ويشبه أن يكون هذا قول البغوي ، وأنه رد على الحديث السابق حيث أثبت فيه ابن مخاض ( إنما فيها ) : أي في إبل الصدقة ( ابن لبون ) أقول : هذا على ما ذكره ابن شهاب ، عن سليمان بن يسار ، وقد روى ابن مسعود ابن مخاض ، وبه أخذ أبو حنيفة ، كذا في موطأ محمد في باب الخطأ .

[ ص: 2290 ] قال الشمني : وأجاب الأصحاب عن الذي وداه النبي صلى الله عليه وسلم من إبل الصدقة ، بأن النبي صلى الله عليه وسلم تبرع بذلك ولم يجعله حكما . قال النووي في شرح مسلم : المختار ما قاله جمهور أصحابنا وغيرهم أن معناه أنه عليه الصلاة والسلام اشتراها من أهل الصدقات بعد أن ملكوها ، ثم دفعوها تبرعا منه إلى أهل القتيل اهـ . وقيل : لا حجة فيه لأنهم لم يدعوا على أهل خيبر إلا قتله عمدا فتكون ديته دية العمد وهي من أسنان الصدقة ، وإنما الخلاف في الخطأ .




الخدمات العلمية