الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
350 - وعن ابن مسعود - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا تستنجوا بالروث ولا بالعظام ، فإنها زاد إخوانكم من الجن ) رواه الترمذي ، والنسائي ، إلا أنه لم يذكر : ( زاد إخوانكم من الجن ) .

التالي السابق


350 - ( وعن ابن مسعود قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ( لا تستنجوا بالروث ) قال ابن حجر : لأنه نجس وهو يستحيل أن يزيل أو يخفف آخر اهـ . وفيه أن تخفيفه آخر غير مستحيل ، ثم الأولى أنه يعلل بما علله الشارع بما ورد أن الروث لدوابهم ( ولا بالعظام ) فإنه ) : وفي نسخة صحيحة ( فإنها ) قال الطيبي : الضمير في " فإنه " راجع إلى الروث والعظام باعتبار المذكور كما ورد في شرح السنة وجامع الأصول وبعض نسخ المصابيح ، وفي بعضها وجامع الترمذي " فإنها " فالضمير راجع إلى العظام ، والروث تابع لها عليه قوله تعالى : وإذا رأوا تجارة أو لهوا انفضوا إليها اهـ . والأظهر في التنظير : واستعينوا بالصبر والصلاة وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين فتأمل فإن في هذه الآية والحديث مع مراعاة الأصل دون الفرع روعي أقرب المذكورين أيضا ، وقال ابن حجر : وسكت عن الروث لأن كونه زادا لهم إنما هو مجاز لما تقرر أنه لدوابهم اهـ . وهذا يوضح كلام الطيبي ، وإلا فلا معنى لقوله : والروث تابع للعظام ، والله أعلم . ( زاد إخوانكم من الجن ) . قال الطيبي فيه أن الجن مسلمون حيث سماهم إخوانا وأنهم يأكلون . روى الحافظ أبو نعيم في دلائل النبوة : أن الجن سألوا هدية منه - صلى الله عليه وسلم - فأعطاهم العظم والروث ; العظم لهم ، والروث لدوابهم . وروى الحافظ أبو عبد الله الحاكم في دلائل [ ص: 382 ] النبوة ، قال عليه الصلاة والسلام لابن مسعود ، ليلة الجن : ( أولئك جن نصيبين جاءوني فسألوني المتاع ) والمتاع : الزاد ( فمتعتهم بكل عظم حائل أو روثة ، أو بعرة ) قلت : وما يعتنى منهم من ذلك ؟ ( فإنهم لا يجدون عظما إلا وجدوا عليه لحمه الذي كان عليه يوم أخذ ولا روثة إلا وجدوا فيها حبها الذي كان فيها يوم أكلت فلا يستنج أحدكم بعظم أو روث ) اهـ . والحب أعم من الشعير والتبن وغيرهما ، وذلك معجزة له عليه الصلاة والسلام ( رواه الترمذي ) وسنده حسن ( والنسائي إلا أنه ) أي : النسائي لم يذكر : زاد إخوانكم من الجن ) أي قوله : فإنه زاد إخوانكم إلخ . واستيعاب أحاديث الباب يفضي إلى الإطناب ، وقد أتى ابن حجر بجملة منها فراجعها .




الخدمات العلمية