الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
3705 - وعنه قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : أفضل الجهاد من قال كلمة حق عند سلطان جائر . رواه الترمذي وأبو داود وابن ماجه .

التالي السابق


3705 - ( وعنه ) ; أي عن أبي سعيد ( قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : أفضل الجهاد من قال ) ; أي جهاد من قال ، أو أفضل أهل الجهاد من قال : ( كلمة حق ) ; أي قول حق ولو كان كلمة واحدة ، وضده ضده ( عند سلطان جائر ) ; أي صاحب جور وظلم ، قال الطيبي : أي من تكلم كلمة حق ; لا كلمة حق تحمله ، قال الخطابي : وإنما صار ذلك أفضل الجهاد ; لأن من جاهد العدو وكان مترددا بين الرجاء والخوف ، لا يدري هل يغلب ، أو يغلب ؟ وصاحب السلطان مقهور في يده ، فهو إذا قال الحق وأمره بالمعروف ، فقد تعرض للتلف ، فصار ذلك أتلف أنواع الجهاد ; من أجل غلبة الخوف وقال المظهر : وإنما كان أفضل ; لأن ظلم السلطان يسري في جميع من تحت سياسته ، وهو جم غفير ، فإذا نهاه عن الظلم فقد أوصل النفع إلى خلق كثير ، بخلاف قتل كافر اهـ . ويمكن أن يقال : وإنما كان أفضل ; لأنه من الجهاد الأكبر ; وهو مخالفة النفس ; لأنها تتبرأ من هذا القول ، وتبعد من الدخول في هذا الهول مع ما فيه من النصيحة للراعي والرعية ، ولأن تخليص مؤمن من القتل مثلا أفضل من قتل كافر لقوله تعالى : ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا ، ولذا قدم كتاب النكاح على باب السير والجهاد ; لأن ; إيجاد مؤمن أفضل من إعدام ألف كافر ; لأن المقصود بالذات من الجهاد وجود الإيمان وأهله ، قال تعالى : وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون ، هذا وقال الشيخ أبو حامد في الإحياء : الأمر بالمعروف مع السلطان التعريف والوعظ ، وأما المنع بالقهر ; فليس ذلك لآحاد الرعية ; لأن ذلك يحرك الفتنة ، ويهيج الشر ، ويكون ما يتولد منه من المحذور أكثر ، وأما التخشن في القول كقولكم : يا ظالم يا من لا يخاف الله ، وما يجري مجراه ; فذلك إن كان يتعدى شره إلى غيره لم يجز ، وإن كان لا يخاف إلا على نفسه فهو جائز ، بل مندوب إليه ، فلقد كان من عادة السلف التعرض للأخطار والتصريح بالإنكار من غير مبالاة بهلاك المهجة لعلمهم بأن ذلك جهاد وشهادة ( رواه الترمذي وأبو داود وابن ماجه ) ; أي : عنه .

[ ص: 2413 ]



الخدمات العلمية