الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
369 - وعن أبي أيوب وجابر وأنس رضي الله عنهما ، أن هذه الآية لما نزلت فيه رجال يحبون أن يتطهروا والله يحب المطهرين قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يا معشر الأنصار ! إن الله قد أثنى عليكم في الطهور فما طهوركم ؟ قالوا : نتوضأ للصلاة ، ونغتسل من الجنابة ونستنجي بالماء . قال : فهو ذاك فعليكموه ) رواه ابن ماجه .

التالي السابق


369 - ( وعن أبي أيوب ، وجابر ، وأنس ) : رضي الله عنهم ( أن هذه الآية ) أي الآتية أطلقت على بعضها لما نزلت : فيه رجال ضمير فيه لمسجد قباء أو مسجد المدينة والجملة بدل من الآية يحبون أن يتطهروا والتطهر المبالغة في الطهارة ، ويحتمل التثليث قاله . الطيبي والله يحب المطهرين أصله المتطهرين أبدلت التاء طاء ، وأدغمت أي يرضى عنهم ويرفع مأواهم ، أو يعاملهم معاملة المحب مع محبوبه ( قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( يا معشر الأنصار إن الله قد أثنى عليكم في الطهور ) : بالضم أو الفتح أي : بسبب استعماله ، أو في فعله وجعل ظرفا للثناء مبالغة فما طهوركم ؟ ) قالوا : نتوضأ للصلاة ونغتسل من الجنابة ، ونستنجي بالماء ، قال ) أي - صلى الله عليه وسلم - ( فهو ذاك ) أي ثناء الله تعالى عليكم إثر تطهركم البالغ ، قاله الطيبي وقوله ابن حجر أي : فثناء الله عليكم إنما هو لما ذكرتموه حاصل المعنى لأجل اللفظ كما لا يخفى ( فعليكموه ) أي : الزموا كمال الطهارة ما استطعتم قاله ابن حجر ، والأظهر أن الإشارة إلى الاستنجاء فإنه أقرب مذكور ومخصوص بهم ، وإلا فالوضوء والاغتسال كان المهاجرون يفعلونهما أيضا والله أعلم . ثم الظاهر أنهم يكتفون بالماء عن الأحجار ، ويحتمل أنهم كانوا يجمعون بين الحجر والماء . وقال ابن حجر : الظاهر أن الذي اختصوا به وكان سببا لمحبة الله العظمى حرصهم على تكميل الأولين وملازمة الثالث الذي هو أفضل من الاقتصار على الأحجار اهـ .

وفى إثبات تكميل الأولين لهم دون المهاجرين توقف لأنه يحتاج إلى نقل صريح صحيح وقد ذكر البغوي في تفسيره بإسناده عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : نزلت هذه الآية في أهل قباء : فيه رجال يحبون أن يتطهروا قال : كانوا يستنجون بالماء ، وفي الدر رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه وغيرهم وأخرج الطبراني والحاكم وغيرهما عن ابن عباس قال : لما نزلت هذه الآية بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى عويمر بن ساعدة فقال : ( ما هذا الطهور الذي أثنى الله به عليكم ؟ فقالوا يا رسول الله ما خرج منا رجل ولا امرأة من الغائط إلا غسل فرجه أو قال : مقعده - فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - ( هو هذا وأخرج ابن ماجه والحاكم والدارقطني وغيرهم ، عن جماعة من الصحابة أن هذه الآية لما نزلت قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ( يا معشر الأنصار إن الله قد أثنى عليكم خيرا في الطهور فما طهوركم هذا ؟ ) قالوا : نتوضأ [ ص: 392 ] للصلاة ونغتسل من الجنابة قال : فهل مع ذلك غيره ) قالوا : لا ، غير أن أحدنا إذا خرج من الغائط أحب أن يستنجي بالماء قال : ( هو ذاك فعليكموه ) فهذا صريح في المقصود ( رواه ابن ماجه ) . أي وغير واحد كما تقدم ذكرهم ، لكن ابن ماجه اقتصر في روايته هذه اقتصارا مخلا للمقصود فتدبر .




الخدمات العلمية